نائب رئيس الاتحاد يوضح والحكومة تنفي: ما صحة الأزمة المتعلقة بـ “نفوق الدواجن”؟

نائب رئيس الاتحاد يوضح والحكومة تنفي: ما صحة الأزمة المتعلقة بـ “نفوق الدواجن”؟

بينما تطمئن الحكومة المصرية المواطنين إلى استقرار أوضاع الثروة الداجنة، تتصاعد أصوات من قلب المزارع تشير إلى كارثة صامتة تهدد صناعة تعتمد عليها ملايين الأسر، فهل تشهد مصر بالفعل نفوقاً واسعاً في الدواجن بسبب وباء موسمي، أم أن ما يُثار لا يعدو كونه تضخيماً يفتقر للأدلة العلمية؟.

تصريحات متضاربة تثير القلق

بدأت الأزمة بتصريح أدلى به الدكتور ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، تحدث فيه عن نفوق نحو 30% من ثروة مصر الداجنة خلال الأسابيع الأخيرة، مرجعاً ذلك إلى “فيروس موسمي” ضرب المزارع، هذا التصريح الذي أثار موجة من الذعر في أوساط المربين والمستهلكين، خصوصاً في ظل صعود أسعار الدواجن إلى أكثر من 90 جنيهًا للكيلو في بعض المناطق.لكن سرعان ما خرجت تصريحات مناقضة من قِبل رئيس الاتحاد ذاته، المهندس محمود العناني، الذي نفى تماماً ما قاله الزيني، واصفاً ما يحدث بأنه “مجرد حالات نفوق محدودة معتادة في فصل الصيف نتيجة تقلبات الطقس”.وفي أعقاب حالة من الجدل والقلق التي أثارتها شائعات عن انتشار فيروس وبائي بين الدواجن ونفوق أعداد كبيرة منها، خرجت الحكومة المصرية لتؤكد بشكل قاطع عدم وجود أي فيروسات أو متحورات وبائية في قطاع الدواجن، مشددة على أن الوضع الصحي للدواجن مستقر، ولا داعي للذعر.وفي إطار الرد السريع، أوضح المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أن ما يُتداول حول انتشار أوبئة غير دقيق، مشيرًا إلى استمرار حملات الرصد الوبائي في المزارع والأسواق بشكل منتظم.وأكد المركز أن التحصينات البيطرية متوفرة بكميات كافية، ويتم إجراء تحاليل دورية للطيور لضمان سلامتها.

وزارة الزراعة : لا فيروسات.. ولا أزمة

 من جانبه أكد وزير الزراعة، الدكتور علاء فاروق، في تصريحات متكررة أن الوضع الصحي للدواجن في مصر “آمن ومستقر”، وأن نسبة النفوق لا تتعدى 6%، وهي نسبة طبيعية وفق المعايير العالمية. وأضاف أن مصر تنتج سنويًا نحو 1.55 مليار طائر، ما يغطي 98% من احتياجات السوق المحلي، بالإضافة إلى 15.5 مليار بيضة تُحقق اكتفاءً ذاتيًا كاملاً.وأشار الوزير إلى أن المزارع المفتوحة، التي لم تستفد من مبادرة التمويل الميسر لتحديث أساليب التربية، هي الأكثر عرضة للمخاطر الموسمية، مؤكدًا أن الدولة توفر التحصينات واللقاحات دون عجز.

روايات من قلب الأزمة.. “نسبة النفوق تتخطى الـ60%”

 وفي ذات السياق حصل موقع “الجمهور” على مقاطع مصورة من مزارع في عدة محافظات، تظهر كميات كبيرة من الدواجن النافقة في عنابر التربية. وأكد ماجد عثمان، أحد المربين، قائلاً: “الأزمة حقيقية، والمربين مش لاقيين حد يسمعهم، النسبة في مزارعنا وصلت لـ60%”.وأضاف: “الدولة تتعامل مع الأزمة وكأنها إشاعة، بينما نخسر كل يوم أموالاً طائلة دون تعويض”.وطالب عثمان بعقد مؤتمر صحفي من قِبل وزارة الزراعة لعرض الأدلة، مؤكدًا أن “الإنكار لن يحل الأزمة بل يزيدها تعقيدًا”.

الهيئة العامة للخدمات البيطرية ترد: لا بلاغات وبائية

ومن جانب أخر ، أكد الدكتور حامد الأقنص، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، في تصريحات رسمية أن “الهيئة لم تتلق أي بلاغات تفيد بوجود حالات نفوق جماعية أو انتشار فيروسات وبائية”. وأوضح أن هناك فرق تقصٍ ميدانية تجوب المحافظات يوميًا، ولم ترصد أي وضع وبائي.كما ناشد الأقنص المربين بالتواصل المباشر مع مديريات الطب البيطري حال وجود أي أعراض غير معتادة، مشيرًا إلى أن التحصينات متوفرة، وهناك استعدادات كاملة لمواجهة أي طارئ.

رئيس قطاع الثروة الحيوانية: الصناعة في وضع جيد

بدوره، أشار الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة، إلى أن الصناعة الداجنة في مصر شهدت تطوراً غير مسبوق، ويعمل بها نحو 3.5 مليون مواطن.وأكد أن حجم الاستثمارات يصل إلى 200 مليار جنيه، 80% منها بيد صغار المربين، وأن الدولة تتابع القطاع لحظة بلحظة من خلال منظومة معلومات مركزية.

أزمة ثقة أم أزمة إعلام؟

اللافت في هذا الجدل أن الطرفين – الحكومة والمربين – يمتلكان روايات كل منهما امتلاك الحقيقة، تصريحات رسمية مطمئنة تقابلها صور وفيديوهات من داخل المزارع، تؤكد مشاهد النفوق الجماعي، فهل نحن أمام أزمة صحية بالفعل، أم أن الخلل يكمن في التواصل والتنسيق بين الجهات المعنية والمربين؟

الدكتور ثروت الزيني نفسه، عاد وأكد في تصريحات إعلامية أن “اتحاد الدواجن سبق أن اجتمع مع هيئة الخدمات البيطرية، وقدّم تحذيرات مبكرة بشأن الوضع الوبائي، لكن لم يتم التعامل بجدية كافية”، على حد تعبيره ، كما طالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمتابعة الوضع.

الحكومة تُشكّل لجنة طوارئ.. وتعد بالشفافية

وفي تطور لافت، أعلنت وزارة الزراعة عن تشكيل لجنة فنية مختصة تبدأ عملها خلال 24 ساعة للقيام بزيارات ميدانية للمزارع في مختلف المحافظات،  وتهدف اللجنة إلى “الوقوف على الحقائق على الأرض بعيدًا عن الشائعات، وتحقيق الشفافية الكاملة في التعامل مع الأزمة”، وفقًا لتصريحات الوزير.