بعد ارتفاع أسعار الوقود بمصر.. أسطوانة البوتاجاز تصل إلى 200 جنيه

بعد ارتفاع أسعار الوقود بمصر.. أسطوانة البوتاجاز تصل إلى 200 جنيه

أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية عن زيادة سعر أسطوانة البوتاجاز من 150 إلى 200 جنيه، بالإضافة إلى رفع أسعار البنزين والسولار، في أول مراجعة دورية تجريها لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية خلال عام 2025، بعد تأجيل دام 6 أشهر منذ أكتوبر الماضي.

أسعار الوقود الجديدة بعد الزيادة

تضمن القرار الحكومي تعديل أسعار بعض أنواع البنزين، وجاء السعر الجديد على النحو التالي:بنزين 95: 19.25 جنيه للتر
(مع توقعات بمراجعة أسعار الأنواع الأخرى قريبًا مثل بنزين 92 والسولار)وجاءت هذه الخطوة في ظل محاولات مستمرة لضبط هيكل الدعم وتقليص العجز المالي، وسط تحديات اقتصادية داخلية وخارجية.

1. خفض دعم الوقود: خطوة نحو الاستدامة المالية

من أبرز الأسباب خلف الزيادة الأخيرة هو التحرك الحكومي التدريجي لتقليص دعم الوقود، إذ بلغت مخصصات دعم المنتجات البترولية 154 مليار جنيه في موازنة العام المالي 2024-2025.ويُعد الديزل (السولار)، أحد أكثر المنتجات استهلاكًا ودعمًا، إذ تكلف خزينة الدولة نحو 750 مليون جنيه يوميًا، ما يُشكل عبئًا كبيرًا على الميزانية.يأتي هذا التوجه ضمن التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي، الذي يشترط تحريرًا تدريجيًا لأسعار الوقود كجزء من برنامج قرض بقيمة 8 مليارات دولار، ينتهي في نهاية 2025.

2. الضغوط العالمية وسعر الصرف يفاقمان الأزمة

تستورد مصر ما يقرب من 40% من احتياجاتها من الوقود، ما يجعل الأسعار المحلية شديدة الحساسية لتقلبات الأسواق العالمية.ورغم استقرار نسبي في أسعار النفط العالمية (حوالي 73 دولارًا للبرميل)، إلا أن انخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة 55% في مارس 2024 أدى إلى ارتفاع حاد في تكاليف الاستيراد.تُخطط الحكومة على أساس سعر برميل يبلغ 80 دولارًا، وهو ما يتطلب تعديل الأسعار المحلية لتغطية الفجوة.

3. التضخم والإصلاحات الاقتصادية

ساهمت زيادات الوقود السابقة في بلوغ معدلات التضخم ذروتها عند 38% في 2023، ورغم تراجعها لاحقًا إلى 26.4% في سبتمبر 2024، إلا أن التحديات لا تزال قائمة.وترى الحكومة أن الزيادات التدريجية في أسعار الوقود، بالتوازي مع برامج الحماية الاجتماعية مثل “تكافل وكرامة”، يمكن أن تُخفف من حدة التأثير على الفئات الأكثر ضعفًا.تهدف الدولة من خلال هذه الإجراءات إلى توفير نحو 72 مليار جنيه خلال السنة المالية الحالية.

4. السولار: تحديات النقل والغذاء

يُستخدم السولار في نحو 70% من وسائل النقل، وخاصة في القطارات، النقل الثقيل، والمواصلات الجماعية، وهو ما يجعل أي زيادة في سعره تؤثر مباشرة على أسعار السلع والخدمات الأساسية.وتُقدّر التكلفة الحقيقية للتر السولار حاليًا بـ 20 جنيهًا، بينما يُباع للمواطنين بأسعار أقل بكثير، ما يشكل ضغطًا على الموازنة.وللتقليل من هذا الاعتماد، تعمل الدولة على توسيع استخدام وسائل النقل البديلة مثل القطارات فائقة السرعة والمترو.

5. صندوق النقد الدولي والانتقال إلى دعم نقدي

بحسب بنود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يتعين على مصر التحرر الكامل من دعم الوقود بحلول نهاية 2025، مع التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي الموجّه للفئات المستحقة.وترى الحكومة أن هذا التحول سيساعد على تحقيق العدالة الاجتماعية وتوجيه الموارد إلى مستحقيها الفعليين، بدلًا من الاستفادة غير المتكافئة من دعم الوقود.

قرار ضروري رغم صعوبته الاجتماعية

في ظل ارتفاع التكلفة العامة للمعيشة، تعتبر زيادات أسعار الوقود خطوة مؤلمة لكنها ضرورية ضمن خطة الحكومة لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، تقليل عجز الموازنة، وتلبية متطلبات التمويل الخارجي.لكن يبقى التحدي الأساسي أمام الحكومة هو تقليل الآثار السلبية على الفئات الهشة من المجتمع، عبر تكثيف برامج الدعم النقدي، وتحسين كفاءة منظومة الحماية الاجتماعية.