عز الدين الهواري يكتب: المجموعة الصهيونية “إسرائيل” تهيمن على العالم

عز الدين الهواري يكتب: المجموعة الصهيونية “إسرائيل” تهيمن على العالم

 

 

في سابقة لا تخلو من الدلالة، نفّذت إسرائيل، فجر اليوم، ضربة مباشرة على العمق الإيراني، عابرة الأجواء العربية، مرورًا بالأردن والعراق، في تجسيد فجّ لصورة الكيان الذي تحوّل من مشروع استيطاني صغير إلى “عصابة دولية” تتحرك كما تشاء، وتضرب من تشاء، وتخترق سيادة من تشاء، دون حساب أو عقاب.

 

لم تكن هذه الغارات مجرد رسالة عسكرية لإيران، بل كانت رسالة سياسية وأمنية موجهة إلى كل دولة عربية أو إسلامية تفكر في لحظة ما أن تتخذ موقفًا ردعيًا من هذا الكيان الغاصب. فإسرائيل، ومن خلفها أمريكا، وأوروبا، وبعض الأنظمة العربية المتواطئة، تُعيد رسم معادلة جديدة: من يعارض المشروع الصهيوني، سيتم سحقه… لا فرق إن كان ذلك في طهران، أو دمشق، أو بغداد، أو حتى الخرطوم وصنعاء.

 

البلطجي الدولي

 

إن السلوك الإسرائيلي لم يعد مجرد انحراف عن القانون الدولي، بل أصبح نموذجًا لـ”الإرهاب المنظم” برعاية دولية. الكيان الصهيوني لم يعد مجرد دولة محتلة تمارس سياسات فصل عنصري، بل تحوّل إلى بلطجي دولي يفرض إرادته على الجميع. يمارس عربدته في وضح النهار، ويفرض نفسه بالقوة لا على المنطقة فحسب، بل على العالم.

 

لقد أصبح واضحًا أن ما تقوم به إسرائيل ليس قرارًا فرديًا، بل هو امتداد لمشروع أكبر تتشارك فيه النخب السياسية والأمنية في الغرب، خصوصًا الولايات المتحدة، التي وفرت الغطاء السياسي والعسكري الكامل لهذا الكيان، بل وتعتبره الذراع الأمامية لمشروعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط.

 

التحالفات الخادعة والرهانات الخاسرة

 

الأنظمة العربية التي ظنت – بغباء سياسي فادح – أن التحالف مع أمريكا والاعتراف بالكيان الصهيوني سيجعلها آمنة، يجب أن تعيد النظر. فإسرائيل لا تحمي أحدًا، بل تستخدم الجميع. والسكوت عن عربدتها لن يجلب الأمن، بل سيؤسس لفوضى شاملة لا تبقي ولا تذر.

 

أما إيران، فهي اليوم المثال والنموذج… لكنها لن تكون الأخيرة. فكل دولة ترفض الخضوع لهذا المشروع، أو تحاول امتلاك أوراق ردع، ستكون على لائحة الاستهداف. وحدود الكيان لم تعد الجغرافيا، بل أصبحت “أهدافًا سياسية” تتحرك معها الطائرات والمخابرات إلى أي مكان.

 

السماء المخترقة والدفاعات الغائبة

 

كيف تُخترق الأجواء الأردنية والعراقية بهذه السهولة؟ أين هي أنظمة الدفاع الجوي؟ أين هي السيادة؟ بل أين هي الكرامة؟! الإجابة الوحيدة الممكنة أن الأجواء العربية أصبحت ممرًا مفتوحًا لطائرات العدو، ليس عجزًا تكنولوجيًا فقط، بل خضوعًا سياسيًا كاملًا، يجعل من السيادة الوطنية مجرد وهمٍ نظري في كتب التاريخ.

 

روسيا… الحليف الهش

 

أما روسيا، التي ترفع راية التحالف الاستراتيجي مع إيران وسوريا، فلا تزال حبيسة الحذر، تتحرك بتكتيك لا يوازي حجم التحدي. وجودها في سوريا لم يمنع إسرائيل من تنفيذ مئات الغارات، ووجودها السياسي لم يُترجم إلى موقف رادع يُحسب له حساب. هذا “الحليف الهش”، إن لم يتحول إلى قوة ردع حقيقية، فلن يساوي شيئًا في ميزان الصراع.

 

الكيان الذي لا يعترف بالعالم

 

إن الكيان الصهيوني الآن لم يضع أي اعتبار لأي دولة في العالم من أي رد فعل، بل يهدد أي دولة في العالم بالردع والتهديد إذا تطرقت إلى عقاب ضد إسرائيل. هذا الكيان الغاصب، إن لم تكن هناك قوة عربية حقيقية أو إسلامية تستطيع ردع هذه العصابة، سوف يتم فرض احتلال على أغلب العالم العربي واستنزافه أخلاقيًا وماديًا.

 

الاختراق والخيانة… سلاح صهيوني داخلي

 

إن اغتيال القادة العسكريين والعلماء يدل على قوة الاختراق الداخلي، فكيف تصل إسرائيل إلى رئيس الأركان، وقائد القوات الجوية، وقائد الحرس الثوري كما حدث أيضًا في لبنان، إلا إذا كانت الخيانة على أعلى مستوى؟ إن إضعاف الدول، كما حدث في لبنان وسوريا وإيران والعراق واليمن، أصبح يجعل إسرائيل تعربد في باقي الدول. أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثورُ الأبيض.

 

صعود العصابة وسقوط النظام الدولي

 

لقد سقط النظام الدولي، وأصبحت إسرائيل وعصابتها الحاكمة تتصرف وكأنها “سيدة هذا الكوكب”، لا تسأل عمّا تفعل، ولا تخضع لأي محاسبة. إنها ليست دولة، بل تنظيم عسكري استخباراتي عنصري، مزوّد بأسلحة دمار، ومسنود بدول كبرى، يتعامل مع العالم على أنه ساحة عمليات مفتوحة.

 

لكن هذه السيطرة المفرطة لن تدوم… فكما سقطت نظم الاستعمار القديمة، ستسقط العصابة الصهيونية. والرهان اليوم ليس على الأنظمة الخانعة، بل على الشعوب الواعية، والقوى المقاومة، والضمير العالمي الذي بدأ يتململ من هذا الطغيان المنفلت من كل قيد.