موقف أوروبا تجاه هجوم إسرائيل على إيران: دعوات للتهدئة وتحذيرات من تفاقم الأوضاع

موقف أوروبا تجاه هجوم إسرائيل على إيران: دعوات للتهدئة وتحذيرات من تفاقم الأوضاع

في ظل تطورات خطيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تصاعدت ردود الفعل الأوروبية بعد الضربات الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت مواقع داخل الأراضي الإيرانية، فجر الجمعة.

وشهدت العواصم الأوروبية حالة من الاستنفار الدبلوماسي، حيث صدرت بيانات وتصريحات متعددة تدعو إلى ضبط النفس، محذرة من أن استمرار التصعيد قد يهدد الاستقرار الإقليمي، ويقود المنطقة إلى مسار لا تُحمد عقباه.

هجوم إسرائيلي غير مسبوق يشعل التوترات 

نفّذت القوات الإسرائيلية، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، سلسلة من الضربات الجوية استهدفت نحو 100 موقع داخل إيران، بينها منشآت نووية ومواقع عسكرية حساسة.

فيما أعلنت تل أبيب أن العملية تحمل اسم “قوة الأسد”، وأنها تأتي ردًا على الهجوم الإيراني السابق الذي شمل إطلاق أكثر من 100 طائرة مسيّرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية.

الهجوم الإسرائيلي المفاجئ ترافق مع دوي انفجارات عنيفة في العاصمة الإيرانية طهران ومدن أخرى، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو تداولها نشطاء إيرانيون على منصات التواصل الاجتماعي، وأُطلقت على إثرها صافرات الإنذار في مناطق متفرقة، في مشهد دراماتيكي لم تشهده البلاد منذ عقود.

فرنسا: لا بد من حشد القنوات الدبلوماسية

وفي أولى ردود الفعل الأوروبية، دعت فرنسا جميع الأطراف إلى ضبط النفس، مؤكدة أن التصعيد الجاري قد يقود إلى مخاطر جسيمة على أمن واستقرار الشرق الأوسط بأسره.

وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أكد في تصريح له عبر منصة “إكس” أن بلاده ترى ضرورة ملحّة في حشد القنوات الدبلوماسية لتهدئة التوتر بين طهران وتل أبيب.

وأضاف بارو: “ندعو جميع الأطراف إلى تجنّب أي تصعيد قد يُقوّض الاستقرار الإقليمي، فالمواجهة الحالية تحمل تبعات خطيرة لا يجب الاستهانة بها.”

الموقف الفرنسي يعكس توجهاً أوروبياً موحداً يسعى إلى احتواء التصعيد ومنع انزلاق المنطقة إلى صراع أوسع.

ألمانيا: تفادي زعزعة استقرار المنطقة

ألمانيا، من جهتها، أبدت قلقها من التطورات السريعة، حيث دعا المستشار الألماني فريدريش ميرز إلى ضبط النفس من كلا الطرفين، محذرًا من أن أي تصعيد إضافي “سيزعزع استقرار المنطقة بأسرها”.

وأكد ميرز في بيان رسمي أن برلين تتابع عن كثب تطورات الأوضاع، وتدعو إلى تفعيل الأدوات الدبلوماسية الأوروبية والدولية، مشيرًا إلى أن الصراع المتنامي قد يؤثر أيضًا على أمن أوروبا القومي، وليس الشرق الأوسط فقط.

بريطانيا: التصعيد لا يخدم أحدًا

وفي لندن، عبّر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بـ”الهجمات المثيرة للقلق”.

وقال ستارمر في بيان صحفي: “ندعو جميع الأطراف إلى التراجع وخفض التوترات بشكل عاجل. التصعيد لا يخدم أحدًا في المنطقة، ويجب تفادي أي خطوات أحادية قد تؤدي إلى دوامة عنف جديدة.”

الموقف البريطاني اتسم بالحذر والدعوة إلى التهدئة، مع تركيز واضح على أهمية الحلول السلمية والدبلوماسية لتفادي الأسوأ.

تركيا: على إسرائيل وقف أعمالها العدوانية

على الصعيد الإقليمي، أعربت تركيا عن استيائها من الضربات الإسرائيلية، ودعت تل أبيب إلى “وقف أعمالها العدوانية”، محذّرة من تداعياتها على الوضع الإقليمي المتأزم أصلًا بسبب الملف النووي الإيراني.

وجاء في بيان وزارة الخارجية التركية: “على إسرائيل أن تضع حدًا فوريًا لأعمالها العدوانية التي قد تؤدي إلى مزيد من الصراعات الإقليمية.”

ويُعد الموقف التركي الأكثر وضوحًا في تحميل إسرائيل المسؤولية المباشرة عن التصعيد الأخير.

حلف الناتو: الأولوية الآن للتهدئة

في بروكسل، قال مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن أولوية الحلفاء الآن هي العمل على التهدئة.

وأوضح في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر صحفي في ستوكهولم أن الهجوم الإسرائيلي كان “إجراءً أحاديًا”، ويجب التعامل معه بحذر.

وأكد روته أن “الولايات المتحدة وحلفاء آخرين يعملون حاليًا على تهدئة الأوضاع”، وأن تصعيد المواجهة قد يُعرّض مصالح الناتو للخطر، لا سيما في ظل التوترات العالمية القائمة في عدة بؤر أخرى كأوكرانيا وأفريقيا.

إسبانيا: نتنياهو يجر العالم نحو التصعيد

من جهتها، أدانت يولاندا دياز، وزيرة العمل ونائبة رئيس الوزراء الإسباني، الضربات الإسرائيلية على إيران، معتبرة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “يجر العالم نحو تصعيد الحرب”.

وكتبت دياز عبر منصة “بلو سكاي”: “من الإبادة الجماعية في غزة إلى قصف إيران: نتنياهو يقود العالم نحو كارثة إنسانية وسياسية.”

الموقف الإسباني يُعبّر عن التوجه اليساري المتشدد تجاه سياسات إسرائيل، لا سيما في ضوء العدوان المستمر على قطاع غزة.

هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية؟

يرى مراقبون أن التصعيد الأخير قد يُمهّد الطريق أمام حرب إقليمية واسعة، خصوصًا في حال ردّت إيران عسكريًا على الهجوم الإسرائيلي.

وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تصدر طهران أي بيان رسمي بشأن طبيعة الخسائر أو شكل الرد المتوقع.

ومع ذلك، تؤكد مصادر مطلعة أن هناك استنفارًا في صفوف الحرس الثوري الإيراني، وتكثيفًا للاتصالات مع أطراف إقليمية حليفة مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات العراقية.

الولايات المتحدة… حاضر غائب

كشفت مصادر إسرائيلية أن واشنطن كانت على علم مسبق بالعملية العسكرية الإسرائيلية، دون أن توضح طبيعة هذا “العلم”: هل هو مجرد إبلاغ، أم أن هناك تنسيقًا لوجستيًا أو استخباراتيًا؟ الموقف الأمريكي حتى الآن يتسم بالغموض، وإن كان البيان الصادر عن البيت الأبيض يؤكد الالتزام بأمن إسرائيل، دون الخوض في تفاصيل الضربة الأخيرة.

ختامًا: أوروبا تحذر وإسرائيل تتحدى

يعكس موقف أوروبا من ضرب إسرائيل لإيران حالة من التوازن الصعب بين الدعم التقليدي لتل أبيب والحرص على تجنّب تصعيد عسكري قد يمتد إلى أوروبا ذاتها.

ففي وقت تتجه فيه الأنظار إلى رد إيران، تبقى دعوات العواصم الأوروبية إلى التهدئة مرآة لقلق متزايد من أن تكون الضربة الإسرائيلية هي الشرارة الأولى في حرب طويلة.