إطلاق إسرائيل هجومًا على إيران يثير التوترات في الشرق الأوسط: تصعيد غير مسبوق وتنبيهات من تفجر إقليمي محتمل

إطلاق إسرائيل هجومًا على إيران يثير التوترات في الشرق الأوسط: تصعيد غير مسبوق وتنبيهات من تفجر إقليمي محتمل

هجوم إسرائيل على إيران لم يكن مجرد ضربة عسكرية عابرة، بل يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره نقطة تحوّل خطيرة في مسار الصراع الممتد بين طهران وتل أبيب، والذي طالما ظل محصورًا في الظلال عبر هجمات سيبرانية واغتيالات غامضة.

ولكن المشهد تغير جذريًا مع اندلاع المواجهات العلنية فجر الجمعة، عندما شنت إسرائيل عملية عسكرية شاملة ضد إيران في ما وصفته بـ”معركة استباقية لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي”.

أقل من 100 صاروخ إيراني… والرد الإسرائيلي “أسد صاعد” 

بحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، فقد أطلقت إيران أقل من 100 صاروخ على دفعتين نحو إسرائيل، وتم اعتراض معظمها، بينما سقط بعضها قبل الوصول إلى أهدافه.

هجوم إسرائيل على إيران

ورغم محدودية الأضرار، أكد الجيش إصابة عدد محدود من المباني نتيجة شظايا عمليات الاعتراض.

الرد الإسرائيلي جاء مدويًا

أعلنت تل أبيب بدء عملية عسكرية موسعة تحت اسم “الأسد الصاعد”، استهدفت خلالها مواقع نووية وصاروخية إيرانية، إضافة إلى تنفيذ عمليات اغتيال لقادة عسكريين وعلماء نوويين داخل الأراضي الإيرانية، في ما اعتبره مراقبون تطورًا نوعيًا غير مسبوق في الحرب السرية بين البلدين.

إيران ترد رسميًا: عشرات الصواريخ نحو أهداف إسرائيلية 

في المقابل، أكدت إيران بدء ردها العسكري على الهجمات الإسرائيلية، بإطلاق عشرات الصواريخ على أهداف عسكرية في إسرائيل.

وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أعلنت أن العملية تأتي ضمن “حق الدفاع المشروع عن النفس”، متوعدة بالمزيد إذا استمرت الغارات.

ودوّت انفجارات عنيفة في تل أبيب، بينما أعلنت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية حالة التأهب القصوى في كافة أنحاء البلاد.

وأصدرت السلطات أوامر بإغلاق المدارس والمرافق غير الأساسية، وتم تفعيل الملاجئ في المدن الكبرى.

المجتمع الدولي في حالة قلق وترقّب 

في واشنطن، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرى اتصالًا هاتفيًا عاجلًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمناقشة التطورات، وأكد على “دعم الولايات المتحدة المطلق لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، لكنه في الوقت ذاته دعا إلى “ضبط النفس وتجنب التصعيد الذي قد يشعل المنطقة بأكملها”.

وفي المملكة العربية السعودية، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز توجيهات فورية لوزارة الحج والعمرة لتقديم كافة التسهيلات للحجاج الإيرانيين الموجودين في المملكة، نظرًا “للظروف الطارئة التي تمر بها بلادهم”، حسبما أفادت وكالة “واس”.

كما أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالًا هاتفيًا بالرئيس الأميركي، وتم خلاله التأكيد على أهمية الحلول الدبلوماسية، وخفض التصعيد، والعمل المشترك من أجل استقرار الشرق الأوسط.

ضغوط دبلوماسية وتحركات أمنية

وعلى الصعيد الدولي، أعلنت إسرائيل إغلاق كافة سفاراتها وممثلياتها الدبلوماسية في الخارج بشكل مؤقت، تحسبًا لأي ردود فعل من إيران أو حلفائها في المنطقة.

كما تم رفع حالة التأهب في الجولان المحتل، وجرى نشر بطاريات دفاعية إضافية في محيط تل أبيب والقدس.

في طهران، انعقد المجلس الأعلى للأمن القومي في جلسة طارئة، ترأسها المرشد الأعلى علي خامنئي، وسط دعوات من بعض الأجنحة المتشددة لـ”رد حاسم وكاسح على العدوان الإسرائيلي”، فيما دعت أطراف أخرى إلى الاكتفاء بالرد الحالي لتجنب التصعيد الكامل.

منشآت نطنز تحت القصف.. والوكالة الدولية تحذر 

أحد أبرز التطورات في هجوم إسرائيل على إيران كان استهداف منشأة نطنز النووية، التي تُعد من أهم المراكز الإيرانية لتخصيب اليورانيوم.

وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، في بيان، وجود تلوث إشعاعي وكيماوي داخل بعض المنشآت.

رغم تطمينات الوكالة بأن “مستويات الإشعاع خارج المنشأة لم تتغير”، إلا أن الكشف عن جسيمات ألفا داخل المنشآت أثار قلقًا واسعًا بشأن احتمالية تسرب مواد خطرة، وهو ما دفع منظمات بيئية وحقوقية إلى دعوة المجتمع الدولي للتدخل.

هل يشعل الهجوم حربًا إقليمية واسعة؟ 

السؤال الأكبر الذي يدور الآن في أروقة السياسة الدولية: هل نحن على أعتاب حرب إقليمية مفتوحة؟

المحلل العسكري الأميركي إليوت أبرامز يرى أن “ما حدث تجاوز كل الخطوط الحمراء، وأن إيران ستجد نفسها مضطرة للرد، ولو بشكل رمزي، حفاظًا على هيبتها”، لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن “إسرائيل لا تبدو في مزاج يسمح بالتهدئة، بل قد تكون مستعدة لعملية طويلة الأمد، خاصة وأنها اختارت اسمًا مثل الأسد الصاعد، الذي يحمل دلالات استمرارية”.

أما في الداخل الإسرائيلي، فقد دعا نواب في الكنيست إلى “مواصلة الضغط حتى تتخلى إيران عن طموحاتها النووية”، فيما دعا معارضون إلى التوقف الفوري عن التصعيد، خشية تداعيات اقتصادية وأمنية على الداخل الإسرائيلي.

موقف العرب: بين الحذر والدعوات للتهدئة 

حتى اللحظة، لم يصدر موقف موحد من جامعة الدول العربية، لكن العديد من العواصم العربية أبدت قلقها البالغ من تطور الأحداث، وأصدرت بيانات تدعو إلى ضبط النفس والعودة للحلول السياسية.

وفي الوقت ذاته، حذرت دول الخليج من “تأثيرات كارثية على أمن الملاحة البحرية والطاقة” في حال توسعت رقعة الصراع.

خاتمة: الشرق الأوسط على فوهة بركان 

في خضم هذا التصعيد الخطير، يبقى هجوم إسرائيل على إيران لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة. ما بدأ بضربات جوية، قد يتطور إلى مواجهات أوسع، وربما لا تقتصر فقط على إسرائيل وإيران، بل تشمل حلفاء الطرفين في ساحات مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن.

في ظل هذا السيناريو المفتوح، يبقى الأمل معلّقًا على قدرة المجتمع الدولي في نزع فتيل الأزمة، وإعادة أطراف الصراع إلى طاولة الحوار، قبل أن تتجاوز النيران الإقليم وتحرق الأخضر واليابس في الشرق الأوسط.