تفاقم التوتر بين إيران وإسرائيل: من الخفاء إلى الصراع المباشر

كتبت: إيمان صبري وريتاج جاد
منذ سنوات طويلة ظل الصراع بين إيران وإسرائيل يتخذ طابعًا غير مباشر، إلا أن الأيام الماضية شهدت تحولات خطيرة دفعت الصراع إلى حافة المواجهة المباشرة، مع تصعيد متبادل في سلسلة من الضربات العسكرية، والتصريحات الحادة، والانحراف الإقليمي والدولي المتزايد.
بداية شرارة التصعيد: اغتيال ومواقف متوترة
انطلقت شرارة التصعيد الحالي في إيران، بدأت الهجمات الإسرائيلية المباشرة على إيران في 13 يونيو 2025،
تم لإستهداف المرافق النووية، مواقع تخص برنامج التخصيب مثل ناتنز وإصفهان وفوردو، والضربات ألحقت أضرارًا كبيرة بالمرافق ومخازن الوقود النووي، وأيضاً إستهدفت قواعد النظام والقادة العسكريين.
وردّت طهران بعد يوم بهجوم جوي غير مسبوق، حيث أطلقت عدد من الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية باتجاه الأراضي الإسرائيلية، معظمها إستهدفت مدن إسرائيلية رئيسية مثل: تل أبيب، حيفا، القدس، بتاح تكفا، قُصِفت بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين، بالإضافة لإضرار بالمباني السكنية ومؤسسات مدنية.
ضربات إسرائيلية موجعة وردود إيرانية
إسرائيل، من جانبها، شنّت غارات جوية متعددة داخل الأراضي الإيرانية خلال مايو ويونيو 2024، استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت يشتبه أنها على صلة بالبرنامج النووي، إضافة إلى مراكز أبحاث ومخازن أسلحة تابعة للحرس الثوري.
وأعلنت طهران تفعيل منظوماتها الدفاعية في طهران وأصفهان وتبريز، وقد تخللت الضربات أيضًا استهداف علماء نوويين، مما أعاد للأذهان الاغتيالات الغامضة التي شهدتها إيران خلال السنوات الماضية. وتحدثت تقارير إعلامية عن استهداف منشآت في نطنز وأراك وبارشين.
الخسائر البشرية والمادية: أرقام تقريبية
الضربات الإسرائيلية على إيران بدأت في الساعات الأولى من يوم الجمعة، 13 يونيو 2025: قدرت مصادر غير رسمية عدد القتلى جراء الضربات الإسرائيلية بنحو 80 إلى 120 قتيلًا، من بينهم ضباط في الحرس الثوري، ومهندسون نوويون، بالإضافة لإعلان وزارة الصحة الإيرانية مقتل 224 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 1,000 جريح، ونقل نحو 1,277 منهم إلى المستشفيات، غادر منها 522 بعد العلاج.
وأكدت أن أكثر من 90٪ من الضحايا من المدنيين، من ضمنهم نساء وأطفال، إلى عشرات الجرحى.
الضربات الإيرانية على إسرائيل
أدى الهجوم الإيراني إلى مقتل 24 أشخاص وإصابة أكثر من 600 آخرين بجروح جراء الضربات الصاروخية الإيراني جراء تساقط شظايا ومقذوفات لم يتم اعتراضها في مناطق متفرقة.
ووفقا للإسعاف الإسرائيلي «نجمة داود الحمراء»، تضمنت الإصابات حالات خطيرة، كما لا يزال عدد من المحاصرين تحت أنقاض المباني المنهارة في تل أبيب .
أما على مستوى الأضرار المادية، فقد شهدت تل أبيب دمارا غير مسبوق، حيث انهارت اكثر من 9 مبان بالكامل، وتضررت مئات المباني الأخرى، بينها مبنى مكون من 32 طابقا. كما دمرت الصواريخ الإيرانية عشرات المركبات والبنى التحتية المدنية، ما أدى إلى نزوح 100 شخص على الأقل من منازلهم.
التصعيد مستمر
في غضون ذلك، أعلن الجيش الإيراني عن نيته إطلاق 2000 صاروخ في الموجة القادمة، وهو ما يمثل تصعيدا كبيرا مقارنة بالهجمات السابقة.
وتواصل إسرائيل تفعيل أنظمة الدفاع الجوي مثل «القبة الحديدية» بدعم أمريكي، حيث ساعدت الولايات المتحدة في اعتراض جزء من الصواريخ الإيرانية.
كما تم تسجيل خسائر مادية في البنية التحتية الدفاعية الإيرانية، وبعض المنشآت الحيوية، بينما عانت إسرائيل من اضطراب جوي واسع النطاق، وإغلاق مؤقت لمطاراتها ومجالها الجوي.
الموقف الأمريكي: دعم لإسرائيل وحدود للحرب
أدارت الولايات المتحدة الموقف بحذر مزدوج. فمن جهة، أعلنت دعمها الكامل لإسرائيل في مواجهة التهديدات الإيرانية، وساهمت بأنظمة دفاع متقدمة خلال الهجمات، إلا أنها في الوقت نفسه مارست ضغوطًا على تل أبيب لتجنب تصعيد واسع النطاق قد يؤدي لحرب إقليمية شاملة.
من أبرز التصريحات
وزير الدفاع الأمريكي: «نراقب عن كثب، ومستعدون للرد على أي تهديد يمس مصالحنا ومصالح حلفائنا».
ورغم تعهد واشنطن بحماية إسرائيل، لم تشارك في أي ضربات هجومية داخل إيران، واكتفت بالمساهمة في الدفاع الجوي.
تضامن إقليمي ودولي بين التنديد والدعم
دول أعلنت دعمها لإيران أو أدانت الغارات الإسرائيلية:
العراق وسوريا ولبنان: عبرت حكومات هذه الدول عن تضامنها مع إيران ورفضها لما وصفته بـ«الاعتداءات الإسرائيلية على السيادة الإيرانية».
روسيا: دعت إلى التهدئة، لكنها انتقدت «التصرفات العدوانية الإسرائيلية»، فيما واصلت تعزيز تعاونها العسكري مع إيران.
تركيا: رغم العلاقات المتوترة مع طهران، أدانت أنقرة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، معتبرة ذلك خرقًا صارخًا للقانون الدولي.
ومن حلفاء إيران: سوريا وحزب الله، الجبهه الشعبيه لتحرير فلسطين، حماس، السودان، الجهاد الإسلامي فى فلسطين، والشعب الفلسطيني الذى كانت تمارس إسرائيل عليه سياسه القتل الجماعى.
دول تدعم إسرائيل أو تلزم الصمت
السعودية والإمارات والبحرين: التزمت الحذر الدبلوماسي، دون إصدار إدانات رسمية ضد إسرائيل، وسط مؤشرات على تنسيق أمني غير مباشر.
الاتحاد الأوروبي: دعا إلى وقف التصعيد، مع تحميل طهران مسؤولية «عدم الشفافية النووية».
التصعيد النووي: إيران تقطع التعاون مع الوكالة الدولية
في تطور خطير، أعلنت إيران في منتصف يونيو 2025 تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنعت عمليات التفتيش والوصول للبيانات، مما فسره مراقبون كمؤشر على احتمال تسريع النشاط النووي لأغراض عسكرية، وسط مخاوف من تحول المواجهة إلى أزمة نووية مفتوحة.
الوضع الإنساني والداخلي في البلدين
في الداخل الإيراني، تعاني البلاد من أزمة اقتصادية متفاقمة نتيجة العقوبات الأمريكية وتكاليف التصعيد العسكري، بينما ارتفعت وتيرة الاحتجاجات الشعبية في بعض المدن.
أما في إسرائيل، فيعيش السكان في حالة رعب دائم، مع تكرار فتح الملاجئ وإغلاق المدارس، في ظل مخاوف من تصعيد جديد قد يأتي من الجنوب اللبناني أو غزة، إضافة إلى الجبهة الإيرانية المباشرة.
سيناريوهات المستقبل: حرب شاملة أم تهدئة تكتيكية؟
رغم أن كلا الطرفين أبدى عدم رغبته في خوض حرب شاملة، إلا أن احتمالات الانزلاق لمواجهة واسعة لا تزال قائمة، ويرى مراقبون أن المنطقة تدخل مرحلة «حافة الهاوية» والتي وصفها البعض «بحرب عالمية ثالثه»، حيث أي خطأ في الحسابات قد يشعل مواجهة إقليمية تتورط فيها قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، مع تداعيات ضخمة على أمن الخليج وأسواق الطاقة العالمية.
وبينما يستمر تبادل الرسائل النارية بين طهران وتل أبيب، تتجه المنطقة نحو مفترق طرق خطير، حيث تختلط الحسابات السياسية بالمواجهات العسكرية، وتتزايد احتمالات الانزلاق نحو حرب إقليمية ومواجهة لا يمكن احتواؤها. ومع غياب مسار دبلوماسي حقيقي حتى اللحظة، يبقى السؤال: هل تتجه المنطقة نحو تهدئة مدروسة أم أن الصراع سيفلت من عقاله ليعيد رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد؟