أجراس الحرب تُقرع من تل أبيب إلى طهران والشرق الأوسط على شفير الانفجار.. محللون يستعرضون الوضع لـ«الحرية»

أجراس الحرب تُقرع من تل أبيب إلى طهران والشرق الأوسط على شفير الانفجار.. محللون يستعرضون الوضع لـ«الحرية»

تشهد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر لحظات التوتر، وسط تصعيد غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، وعمليات عسكرية متبادلة تهدد بانفجار إقليمي قد تتسع رقعته لتشمل أطرافًا دولية كبرى.

وفي تصعيد خطير يُنذر بتوسيع رقعة المواجهة، نقلت وكالة “فارس” الإيرانية عن مسؤول أمني رفيع أن طهران تستعد لتوجيه “ضربة كبيرة جدًا”، هي الأولى من نوعها منذ بداية العدوان الإسرائيلي.

وأكد المسؤول أن الرد الإيراني القادم سيكون مختلفًا على مستوى الحجم والتوقيت، في إشارة إلى تغير محتمل في قواعد الاشتباك التي تحكم الصراع بين الطرفين حتى الآن.

بالتزامن، أطلق الحرس الثوري الإيراني تحذيرات مباشرة لسكان مدينة تل أبيب، دعاهم فيها إلى مغادرة المدينة فورًا حفاظًا على سلامتهم. وأفادت “القاهرة الإخبارية” أن هذه الرسائل التحذيرية نُشرت عبر وسائل الإعلام الرسمية ومنصات التواصل التابعة للحرس الثوري، حيث جاء في أحد المنشورات:”ننصحك بمغادرة هذه المدينة فورًا من أجل سلامتك وأمنك، وعدم العودة إليها أبدًا.”

وتأتي هذه التطورات في ظل حالة من الترقب الشديد يسودها القلق داخل الأوساط السياسية والعسكرية في المنطقة، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الأيام القادمة ستشهد تحوّل التهديدات إلى مواجهات مباشرة واسعة النطاق.

 

هاني سليمان

مشهد غير مسبوق في العلاقات الإيرانية الإسرائيلية

يرى الدكتور هاني سليمان، الباحث في الشؤون الإيرانية، أن ما تشهده العلاقات بين طهران وتل أبيب حاليًا يخرج عن المألوف، حيث تضاعفت حدة التوتر واتسع نطاق الاشتباك، ليصل إلى بنك أهداف آخذ في التمدد، وفاتورة متزايدة من الخسائر للطرفين.

وأضاف أن الأمر لم يعد يقتصر على رد ورد مضاد، بل أصبحنا أمام تطور نوعي قد يدفع نحو مواجهة مفتوحة.

يؤكد سليمان أن الإدارة الأمريكية لم تعد قادرة على ضبط قواعد الاشتباك كما في السابق، مشيرًا إلى أن المشهد بات أقرب إلى حرب مفتوحة متطورة، مع احتمالات تصعيد قد تصل إلى مواجهة شاملة، وذلك بحسب تعقيد العوامل المتشابكة على الأرض.

تفوق إسرائيلي واختراقات داخل إيران

تتمتع إسرائيل بدعم أمريكي مباشر وتفوق استراتيجي، مكّنها من تنفيذ اغتيالات لقيادات بارزة في الحرس الثوري، وضرب منشآت عسكرية ونووية حساسة.

ويشير سليمان إلى أن هذه النجاحات اعتمدت على آليات حديثة، منها توظيف عملاء واختراق استخباراتي داخل المؤسسات الإيرانية، ما سبّب حالة من الارتباك في الداخل الإيراني.

في المقابل، تمكنت طهران من تحقيق قدر من التوازن في الأضرار، عبر رد نوعي استُخدمت فيه صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة وفرط صوتية، استهدفت معهد وايزمان للأبحاث النووية وأكثر من 160 منشأة داخل إسرائيل، موقعة قتلى ومصابين وأضرارًا مادية جسيمة.

ورغم تفوق إسرائيل في نوعية الهجمات، يرى سليمان أن الرد الإيراني أحدث حالة من الذعر داخل إسرائيل، وخلط الأوراق داخل المشهد السياسي، خاصة في ظل تزايد الضغط الشعبي على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

أمريكا عنصر الحسم… وإسرائيل تعتمد عليها

وأشار الباحث إلى أن إسرائيل قد تسعى لتوسيع نطاق الحرب، لكنها تفتقر إلى القدرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية شديدة التحصين دون دعم أمريكي مباشر، وهو ما قد يفتح بابًا لتدخل واشنطن عسكريًا.

ولفت سليمان إلى وجود توجه إسرائيلي لدعم سيناريو إسقاط النظام الإيراني، عبر الترويج لـرضا بهلوي، نجل الشاه السابق، كبديل محتمل، في محاولة لتحريك الداخل الإيراني ضد القيادة الحالية.

وساطات إقليمية وموقف مصري متزن

ووسط هذا التصعيد، أُطلقت عدة مبادرات وساطة من روسيا وسلطنة عمان وتركيا، وبخصوص مصر، استبعد سليمان انخراطها العسكري في الصراع، لكنه أشار إلى دعم سياسي واضح لطهران، عبر بيانات رسمية وصياغات حادة ضد العدوان الإسرائيلي.

مصر تلعب بورقة إيران بحذر

أكد سليمان أن القاهرة تحاول استغلال الورقة الإيرانية لإرسال رسائل إلى إسرائيل وأمريكا، خاصة في ظل الفتور مع واشنطن، وفي محاولة للضغط في ملفات إقليمية حساسة مثل تهجير الفلسطينيين من غزة. لكنه شدد على أن مصر لن تدخل عسكريًا، إدراكًا منها لما قد تفرزه الحرب من ترتيبات إقليمية تهدد أمنها القومي.

 

طلعت طه

مواجهة كبرى تلوح في الأفق

طلعت طه، المحلل السياسي، يرى أن المنطقة على شفا مواجهة عسكرية كبرى، مع دخول لاعبين جدد إلى ساحة الأزمة. وأوضح أن السيناريوهات كافة مطروحة، لا سيما مع استعدادات أمريكا وإشارات محتملة لتدخل باكستان دعمًا لإيران.

إيران لم تُشهر كل أوراقها

أشار طه إلى أن إيران لم تستخدم سوى جزء يسير من ترسانتها العسكرية، في ما وصفه بـ”البداية فقط”، مؤكداً أن طهران بعثت برسائل واضحة تدل على نيتها في تصعيد أكبر، ما يجعل التصعيد القادم مرشحًا لأن يكون فارقًا.

وأوضح أن إسرائيل حصلت على دعم لوجيستي يشير إلى نية شن ضربات جوية جديدة، في حين يتحرك الأسطول الأمريكي من بحر الصين نحو الشرق الأوسط، ما يعكس حالة تأهب دولي واسع.

وحذر طه من تداعيات اقتصادية عالمية كارثية في حال إغلاق الممرات الملاحية مثل باب المندب أو الخليج العربي، مشيرًا إلى احتمالات وصول أسعار النفط إلى 150 دولارًا للبرميل، وارتفاع التضخم العالمي إلى 7% في حال اندلاع حرب طويلة.

مصر… عقيدة عسكرية راسخة

وأكد أن مصر لا تشارك في حروب خارج حدودها إلا إذا تعرض أمنها القومي لتهديد مباشر، موضحًا أن الموقف المصري متزن، ويقوم على حماية المصالح الوطنية دون الانزلاق إلى مواجهات لا ضرورة لها.

 

مختار غباشي

إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء

ومن جانبه، يرى الدكتور مختار غباشي، الخبير السياسي، أن إسرائيل فتحت باب الحرب عبر استهدافها منشآت نووية إيرانية واغتيالها قيادات من الصف الأول، مؤكدًا أن الرد الإيراني السريع جاء بمثابة صفعة، واستهدف مواقع استراتيجية مثل حيفا التي تُعد الرئة الاقتصادية لإسرائيل.

وأوضح غباشي أن الصراع اتسع ليشمل قوى داعمة لإيران مثل روسيا، الصين، باكستان، وكوريا الشمالية، وأن دخول أمريكا عسكريًا سيكون النقطة المفصلية نحو انفجار شامل يصعب السيطرة عليه.

مصر: القرار بيد القاهرة وحدها

وأكد أن مصر تتحرك بوعي كامل، ولن تنخرط في أي صراع لا يمس أمنها، مشددًا على أن قراراتها تنبع من إرادتها السياسية، وليس من ضغوط أو اصطفافات.

ما بين التصعيد الإيراني والرد الإسرائيلي، وما بين سعي الأطراف الكبرى لتثبيت موازين جديدة للنفوذ، يبقى الشرق الأوسط في مهب رياح الحرب، حيث تتقاطع الحسابات السياسية بالعسكرية، والمصالح الإقليمية بالأمن العالمي.

وفي هذا المشهد المتوتر، تقف مصر في موقع متزن، تراقب، تحلل، وتتخذ قراراتها بحكمة، حفاظًا على أمنها القومي واستقرارها الداخلي، في وقت يلهث فيه الجميع خلف ترتيبات قد تعيد رسم خريطة المنطقة لعقود قادمة.