الموازنة العامة تثير النقاشات الحادة في المجلس بين المؤيدين والمعارضين.. هل سيتمكن الحكومة من إقرارها رغم معارضة النواب؟
شهدت أروقة مجلس النواب المصري مناقشات موسعة حول مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد، وسط تباين في مواقف النواب بين مؤيد ومعارض.
ففي الوقت الذي رحّب فيه عدد من النواب بالموازنة باعتبارها تسعى إلى تحقيق التوازن المالي ودعم برامج الحماية الاجتماعية، أبدى آخرون اعتراضهم، مؤكدين أنها لا تعكس بشكل كافٍ تطلعات المواطنين، وتفتقر إلى رؤية واضحة لمواجهة التحديات الاقتصادية المتصاعدة.
نواب وأحزاب أعلنوا رفضهم لـ الموازنة العامة
وجّه عدد من النواب انتقادات حادة لمشروع الموازنة العامة، مشيرين إلى عدم التزامها بالنسب الدستورية المقررة للإنفاق على قطاعات التعليم والصحة، هو ما أثار جدلًا واسعًا تحت قبة البرلمان.
“الإصلاح والتنمية” يرفض مشروع الموازنة الجديدة ويحذر من تداعيات التصعيد
أعرب الدكتور أيمن أبو العلا، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية ووكيل لجنة حقوق الإنسان، عن رفضه لمشروع الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025-2026، محذرًا من تداعيات التوترات الإقليمية الحالية على الاقتصاد الوطني.
وأوضح أبو العلا أن المنطقة تمر بعاصفة غير مسبوقة نتيجة التصعيد بين إسرائيل وإيران، ما يجعل مقدرات الدول مهددة، ويضع ضغوطًا إضافية على الموازنة الجديدة.
وأشار إلى أن الوضع الجيوسياسي قد يؤدي إلى صراعات حادة في ملف الطاقة، لا سيما في ظل التقدير الرسمي لأسعار النفط بـ62 دولارًا للبرميل، بينما قد تتجاوز الأسعار حاجز الـ100 دولار، مما يفرض إعادة النظر في تلك التقديرات لتكون أكثر واقعية، خصوصًا مع ما قد يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية على أسعار السلع الأساسية، وفي مقدمتها القمح.
واقترح أبو العلا اعتماد الموازنة السابقة مؤقتًا إلى حين اتضاح ملامح الأزمة الراهنة، بما يسمح بإعداد تقديرات مالية أكثر دقة. كما دعا إلى زيادة مخصصات الدعم بنسبة تتراوح بين 25 و30%، لمواجهة التضخم المحتمل، مع التأكيد على ضرورة استعداد الحكومة لمواجهة أزمات مثل انقطاع التيار الكهربائي.
وطالب النائب الحكومة بالكشف عن خطتها الواضحة لمواجهة التحديات الاقتصادية الناتجة عن الأوضاع الإقليمية، ووضع خطة طوارئ فعالة تواكب خطورة المرحلة، مؤكدًا في ختام كلمته أن حزبه يرفض مشروع الموازنة المقترح بسبب ما وصفه بغياب الشفافية وعدم وضوح الأرقام أو الرؤية الحكومية في التعامل مع التحديات المقبلة.
حزب التجمع يرفض مشروع الموازنة الجديدة
أعلن النائب عاطف المغاوري، عضو مجلس النواب، رفض الهيئة البرلمانية لحزب التجمع لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2025/2026، مؤكدًا أن الحزب يتمسك بدعمه الكامل للقيادة السياسية في ما يتعلق بالسياسات الخارجية، خاصة في ظل الأزمات الإقليمية الراهنة.
وتساءل المغاوري عن جدوى الاتفاق الذي تم توقيعه مع صندوق النقد الدولي عام 2016، مطالبًا بتقييم دقيق لتأثير هذا الاتفاق على أداء الموازنة العامة ومدى استفادة الاقتصاد المصري منه.
وأشار إلى أن مصر لا تزال تعاني من تداعيات الأوضاع الدولية والإقليمية، ومنها الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، سواء في فلسطين أو مؤخرًا تجاه إيران، وهو ما يفرض تحديات إضافية على الاقتصاد.
وانتقد المغاوري الطابع الريعي للاقتصاد المصري، قائلاً إن معدلات النمو المُعلنة تعكس اعتمادًا كبيرًا على الاستيراد والاستثمار العقاري والخدمي، دون انعكاس ملموس على قطاعات الإنتاج أو على دخول الأجور والعمال، الذين وصف نصيبهم من الناتج القومي بالضعيف.
المصري الديموقراطي يرفض الموزانة العامة
أعلن المهندس إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، رفضه لمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025-2026.
وجّه منصور انتقادات لاذعة لمشروع الموازنة، مشيرًا إلى أن الحكومة لا تلتزم بأغلب بنودها، باستثناء بند الضرائب، الذي يشكل 85.1% من إجمالي الإيرادات، على حد تعبيره، مؤكدًا أن اعتماد الحكومة المفرط على الإيرادات الضريبية يُحمّل المواطن أعباءً إضافية.
وأضاف: “طرحت خلال السنوات الماضية مجموعة من الحلول والمقترحات التي يمكن أن تعزز موارد الدولة، لكنها لم تلق اهتمامًا جديًا من الحكومة”.
وشبّه الموازنة بـ”طفل ينمو دون رعاية حقيقية لصحته وتعليمه”، في إشارة إلى تجاهل القطاعات الاجتماعية الحيوية، مشيرًا إلى التراجع الملحوظ في مخصصات قطاعي التعليم والصحة، لافتًا إلى انخفاض ما خُصص للصحة من 7.4% في موازنة 2021/2022 إلى 5.4% فقط، في حين انخفضت مخصصات التعليم من 10.6% إلى 6.9% خلال الفترة نفسها.
وتساءل عن غياب الشفافية بشأن إيرادات الصناديق الخاصة، التي من المفترض أن تسهم في دعم هذه القطاعات.
وأوضح منصور أن أعباء القروض والفوائد باتت تمثل عبئًا ثقيلًا على الموازنة، حيث وصلت إلى 64.8% من إجمالي المصروفات، مقابل 46.7% قبل ثلاثة أعوام.
وأوضح أن الفوائد وحدها تستهلك 73.7% من الإيرادات، في حين تستحوذ القروض على 66.8%، ما يعني أن إجمالي القروض والفوائد بلغ 140.5% من الموازنة، مقارنة بـ82.4% في موازنة 2021/2022.
وانتقد منصور ضعف تمويل الأجهزة الرقابية، مشددًا على أن “الرقابة أكثر جدوى من العلاج”، لكن الحكومة، حسب قوله، لا تعير هذا الملف الاهتمام الكافي. كما هاجم التباطؤ في تنفيذ قانون التصالح بمخالفات البناء، معتبرًا أن تطبيقه كان يمكن أن يحقق للدولة أكثر من 200 مليار جنيه، مستنكرًا عدم وفاء الحكومة بوعدها بإرسال التعديلات المطلوبة على القانون خلال مايو الماضي.
النائبة إيرين سعد ترفض الموازنة العامة
انتقدت النائبة إيرين سعيد، عضو مجلس النواب، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب المنعقدة اليوم الإثنين لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025/2026، ما وصفته بغياب الرؤية الحكيمة في إدارة الأزمات، واستمرار الاعتماد المفرط على الاقتراض، رغم محاولات الحكومة لوضع سقف للدين العام.
وأشارت إلى أن نحو 65% من الاستخدامات في الموازنة موجهة فقط لخدمة الدين، وهو ما يعكس اختلالًا كبيرًا في أولويات الإنفاق، مطالبة بدور أكثر فعالية من المسؤولين عن إدارة الأزمات.
أعربت النائبة عن استيائها من أداء الحكومة في عدد من الملفات الحيوية، متسائلة عن غياب خطة حقيقية لتوطين صناعة الدواء، وانتقدت بشدة ما وصفته بسوء إدارة قطاع التعليم، وغياب الاهتمام الكافي بالسياحة التي لا تزال خارج دائرة الأولويات، على حد قولها.
وأعلنت النائبة تحفظها على مشروع الموازنة، مؤكدة أن العديد من البرامج والقطاعات تعاني من إهدار وعدم استغلال أمثل للموارد.
نواب أعلنوا موافقتهم على الموازنة العامة
رئيس دفاع النواب يوافق على الموازنة العامة
أعلن اللواء أركان حرب أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، تأييده لمشروع الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنة المالية 2025/2026.
وفي كلمته، أشار العوضي إلى أن مناقشة الموازنة تأتي في توقيت بالغ الدقة، يتزامن مع تطورات إقليمية استثنائية، في مقدمتها التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، وتراجع إيرادات قناة السويس نتيجة الأوضاع الأمنية والاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة.
وأوضح رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي أن هذه التحديات تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني وتفرض ضغوطًا كبيرة على صانعي القرار، ما يستوجب دعم جهود الحكومة في هذا الظرف الحرج، مؤكدًا ضرورة تكاتف مؤسسات الدولة لعبور المرحلة الراهنة.
تعليم النواب توافق على الموزانة
قال الدكتور سامي هاشم، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، إن اللجنة أقرّت الموازنة العامة للدولة، حيث حصلت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على 135 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، مقارنة بـ118 مليار جنيه في الموازنة السابقة، منها 7 مليارات جنيه مخصصة للبحث العلمي.
وأضاف هاشم أن وزارة التربية والتعليم حصلت على 224 مليار جنيه في الموازنة الحالية، معربًا عن تقديره لزيادة التمويل، ومطالبًا بدعم إضافي للباب الأول بمبلغ 500 مليون جنيه كحافز لتطوير أداء المعلمين حتى الصف الثاني الإعدادي، والاستمرار في تعيين 150 ألف معلم وفقًا لمسابقة الوزارة، بالإضافة إلى استكمال بناء الفصول لمواجهة كثافة الطلاب.
وأشار رئيس اللجنة إلى تجاوب وزارتي المالية والتخطيط مع طلب اللجنة في تخصيص مليار جنيه إضافي للأدوية بوزارة التعليم العالي، داعيًا إلى زيادة حافز الجودة بمبلغ مليار جنيه لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ووضع خطة شاملة لتطوير المستشفيات الجامعية لتشمل نظام التأمين الصحي الشامل.
اقرأ أيضًا: «إحنا في عرض جنيه زيادة».. محمد علي خير يهاجم أعضاء مجلس النواب بعد إعفاء صندوق أبو ظبي من الضرائب