من التحرر إلى القمع والفوضى: هل تشهد الولايات المتحدة اندلاع حرب أهلية؟

تمر الولايات المتحدة الأمريكية حاليًا بمرحلة شديدة التوتر تُعد من أخطر اللحظات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، وسط تصعيد غير مسبوق في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، بسبب حملات أمنية مكثفة تستهدف المهاجرين غير الشرعيين.
بداية الأزمة
بدأت الأحداث منذ نحو أسبوع عندما أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) بتنفيذ حملات موسعة في لوس أنجلوس، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 118 مهاجرًا، بينهم 44 شخصًا في يوم واحد فقط.
لكن التصعيد لم يتوقف عند حد الاعتقالات، بل إن طريقة تنفيذ المداهمات فجّرت غضبًا واسعًا، حيث اقتحمت القوات الفيدرالية أماكن عمل وسكن باستخدام مدرعات وأسلحة ثقيلة، دون إنذار أو أوامر قضائية، مما أثار صدمة بين المواطنين، وشعورًا بالخوف الشديد وسط المجتمعات اللاتينية.
وكان ترامب قد أضاف بعد إعلان فوزه: “الآن لم يعد لدينا هذه المشكلة، الآن لدينا أفضل حدود في التاريخ”، مشيرا إلى أن إدارته أطلقت أكبر عملية لترحيل المهاجرين غير الشرعيين في تاريخ البلاد والتي تجاوزت حتى الإجراءات التي اتخذت في عهد الرئيس دوايت أيزنهاور.
اقرأ أيضًا: 11 سبتمبر.. الولايات المتحدة الأمريكية تحيي ذكرى ضحايا الهجمات
انفجار الشارع الأمريكي
تُعد لوس أنجلوس واحدة من أكثر المدن الأمريكية تنوعًا من حيث السكان، حيث يُقدّر أن ما يقرب من 70% من السكان من أصول لاتينية، ولذلك اعتُبرت الحملة الأمنية بمثابة استهداف مباشر للمجتمع المحلي، مما أدى إلى خروج مظاهرات واسعة تحولت سريعًا إلى مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب
وتشهد المدينة احتجاجات متواصلة منذ 3 أيام، على خلفية الاعتقالات الجماعية للمهاجرين غير الشرعيين، في مشهد يعيد إلى الأذهان احتجاجات 2020 عقب مقتل جورج فلويد، وبينما تصاعدت الاشتباكات في الشوارع، أعلنت شرطة المدينة أن لوس أنجلوس أصبحت رسميًا “منطقة تجمع غير قانونية”، مما يعني تفويضًا قانونيًا باستخدام القوة لتفريق المتظاهرين.
ترامب يفعل قانون الطوارئ وينشر الجيش في لوس أنجلوس دون موافقة الولاية
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إرسال 2000 جندي من الحرس الوطني إلى مدينة لوس أنجلوس، دون الرجوع إلى حاكم ولاية كاليفورنيا، في خطوة اعتبرها كثيرون “تجاوزًا غير مسبوق” للصلاحيات الفيدرالية. واستند ترامب في قراره إلى قانون قديم يُعرف بـ”Title 10″، والذي يتيح للرئيس نشر قوات عسكرية داخل الولايات المتحدة في حالات الطوارئ القصوى، هذا التحرك وصفه مسؤولون في الولاية بأنه أقرب إلى “الاحتلال الداخلي”، مما أثار مخاوف حقيقية من اندلاع مواجهة مباشرة بين الحكومة الفيدرالية وسلطات الولاية وسط احتجاجات لا تهدأ في الشوارع.
وهاجم ترامب غافن نيوسوم، حاكم كاليفورنيا قائلًا: “هناك الكثير من العنف في كاليفورنيا وحاكمها لا يتمتع بالكفاءة”.
اقرأ أيضًا: اعتقالات وأعمال شغب دامية.. مهاجرون يشعلون الفوضى في لوس أنجلوس وترامب يتوعد بتحريرها
الصحفيون في مرمى النيران
وخلال التغطية الإعلامية الميدانية، أُصيب مصوّر بريطاني بجروح خطيرة استدعت تدخلًا جراحيًا إثر تعرضه لرصاصة إسفنجية أُطلقت من قبل القوات الأمنية.
كما تعرضت مراسلة أسترالية لإصابة مباشرة برصاصة غير قاتلة أثناء تغطيتها للمظاهرات، مما أثار موجة من الانتقادات بشأن تعامل قوات الأمن مع الصحفيين وحرية التغطية الإعلامية في مناطق النزاع.
المشاهد التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وثقتها مقاطع تُظهر استخدام قنابل مولوتوف، اشتعال مركبات أمنية، وتبادل إطلاق ألعاب نارية وصواريخ تجاه قوات الأمن، في مشاهد وُصفت بأنها أقرب ما تكون إلى حالة “حرب شوارع”.