في الذكرى السنوية ليوم الصحفي المصري: كيف تصدى الكتاب لمشروع “قانون اغتيال الصحافة”

في الذكرى السنوية ليوم الصحفي المصري: كيف تصدى الكتاب لمشروع “قانون اغتيال الصحافة”

تحتفل مصر في 10 من يونيو من كل عام بـ يوم الصحفي المصري، وهي مناسبة لا تقتصر على الاحتفاء بمهنة الصحافة، بل تُمثل رمزًا لمعركة تاريخية خاضتها الجماعة الصحفية دفاعًا عن حرية الرأي والتعبير في وجه واحد من أقوى القوانين المقيدة للحريات.

جذور يوم الصحفي المصري

وتعود جذور يوم الصحفي المصري إلى انتفاضة الصحفيين عام 1995 ضد القانون رقم 93، الذي عُرف إعلاميًا بـ “قانون اغتيال الصحافة”، ففي 27 مايو 1995، مرر مجلس الشعب المصري في جلسة مسائية عاجلة القانون رقم 93 لسنة 1995، بعد أيام قليلة من اقتراحه من قبل الحكومة، وصدق على القانون الرئيس الأسبق حسني مبارك في الليلة نفسها ونُشر في الجريدة الرسمية صباح اليوم التالي

وبررت الحكومة إصدار القانون بحجج مختلفة ومتعددة، منها “حماية الحياة الخاصة” و”ازدراء مؤسسات الدولة”، لكن الهدف الحقيقي كان واضحًا، وهو تقليص مهنة الصحافة التي بلغت حملتها لكشف الفساد ذروة غير مسبوقة.

أبرز نصوص قانون 93

تضمن القانون تعديلات على قانون العقوبات، أبرزها، تغليظ العقوبات في جرائم النشر من خلال فرض عقوبات مشددة تصل إلى الحبس والغرامات الباهظة، وإلغاء ضمانة عدم الحبس الاحتياطي، فأصبح من الممكن حبس الصحفيين احتياطيًا في قضايا النشر، كما استخدم القانون مصطلحات مطاطة مثل “تكْدير السلم العام” و”إلحاق الضرر بالمصلحة العامة”.

الصحفيون ينتفضون في وجه قانون 93

بمجرد نشر القانون اندلعت ثورة في الوسط الصحفي، بقيادة النقيب آنذاك إبراهيم نافع، وتم اتخاذ خطوات تصعيدي، أبرزها عقد اجتماع طارئ لمجلس النقابة في 29 مايو 1995، وكذلك عقد المؤتمر العام الأول للصحفيين في 1 يونيو، الذي شهد حضورًا حاشدًا.

وحدث اعتصام تاريخي بمقر النقابة في 6 يونيو استمر لساعات، وتم تغطية جدران النقابة بالرايات السوداء، كما حجبت بعض الصحف صفحاتها، فضلًا عن اعتصام محررين في حديقة النقابة، وتم انشاء قائمة سوداء بأسماء النواب الذين دعموا القانون، وشُيعت جنازة رمزية لحرية الصحافة في شوارع القاهرة.

وكانت هذه التحركات بمثابة أكبر حركة احتجاجية تشهدها النقابة، حيث توحد الصحفيون على اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية تحت راية واحدة: إسقاط القانون.

كيف انتهت الأزمة؟

لعبت شخصيات بارزة دورًا محوريًا في المعركة. فقد شكّلت النقابة لجنة قانونية ضمت قامات مثل المحامي أحمد نبيل الهلالي والكاتب مجدي مهنا والقيادي النقابي رجائي الميرغني لإعداد مشروع قانون بديل.

وكانت كلمة الكاتب محمد حسنين هيكل أمام الجمعية العمومية للصحفيين فارقة، حيث قال: “إن الأسلوب الذي اتبع في تصميم هذا ‏القانون وإعداده وإقراره هو في رأيي أسوأ من كل ما احتوته مواده من نصوص، ذلك أن ‏روح القانون لا تقبل منطق الخلسة والانقضاض وأشهد آسفاً أن وقائع إعداد القانون كانت أقرب إلى أجواء ارتكاب جريمة ‏منها إلى أجواء تشريع عقاب”.

وأمام الضغط المتواصل والغضبة الشعبية التي تضامنت مع الصحفيين، تراجعت السلطة، وبعد عام من النضال المستمر، والمفاوضات الصعبة، والجمعيات العمومية المتتالية، انتصرت إرادة الصحفيين، وأُلغي القانون 93 وصدر بدلًا منه القانون رقم 96 لسنة 1996، الذي أعدته اللجنة الصحفية ومثّل في حينه خطوة إيجابية نحو ضمان قدر أكبر من الحرية.

اقرأ أيضًا: محمد سعد عبدالحفيظ: النقابة حرّكت المياه الراكدة بشأن تعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام