ذكرى ميلاد نجاح الموجي: من عدم قبول في المعهد إلى قمة الكوميديا

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان نجاح الموجي، واحد من أبرز من رسموا الابتسامة على وجوه المصريين في السينما والمسرح والتلفزيون.
هو الفنان الذي لم يدرس الفن أكاديميًا، ولم تؤهله الشهادات إلى الخشبة أو الكاميرا، لكنه كان فنانًا بالفطرة، وامتلك حضورًا استثنائيًا، فاستطاع أن يترك بصمة لا تُنسى في قلوب الجمهور.
ربما لم يكن نجاحه سهلًا، ولم تكن بدايته مبشرة، لكنه كان نموذجًا للفنان العصامي الذي شق طريقه بالإصرار والموهبة، حتى أصبح من أعمدة الكوميديا المصرية.
بداية نجاح الموجي
ولد الفنان نجاح الموجي في 11 يونيو عام 1945، في قرية ميت الكرماء التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية، لأسرة مصرية بسيطة.
كان اسمه الحقيقي عبد المعطي محمد الموجي، لكنه عرف فنيًا باسم “نجاح الموجي”، وهو الاسم الذي أصبح لاحقًا مرادفًا للبساطة وخفة الظل.
انتقلت عائلته بعد ذلك إلى حي حدائق القبة بالقاهرة، وهناك بدأت ملامح اهتمامه بالفن تتشكل.
حاول الانضمام إلى المعهد العالي للفنون المسرحية أكثر من مرة، لكنه لم يُقبل، الأمر الذي لم يكسره، بل زاده تمسكًا بالحلم، فاتجه إلى المعهد العالي للخدمة الاجتماعية، وتخرج فيه، ليعمل لاحقًا في وزارة الثقافة، حتى وصل إلى درجة وكيل أول وزارة، بالتوازي مع مسيرته الفنية.
ثلاثي أضواء المسرح أول أبواب الشهرة
بدأ نجاح الموجي مسيرته الفنية الحقيقية في أواخر الستينيات، عندما أسند إليه المخرج محمد سالم والفنان جورج سيدهم دورًا في مسرحية “فندق الأشغال الشاقة” مع فرقة “ثلاثي أضواء المسرح”، التي كانت تضم سمير غانم والضيف أحمد إلى جانب جورج، جذب الأنظار إليه منذ اللحظة الأولى، بفضل أسلوبه المختلف وحضوره اللافت.
رغم نجاحه في هذه التجربة، لم يستمر طويلًا مع الفرقة، إذ قرر أن يخوض تجارب فنية متنوعة، اتجه إلى الإذاعة وقدم برنامجًا شهيرًا بعنوان “مسرح الكاريكاتير”، وحقق من خلاله نجاحًا كبيرًا، ليؤكد مجددًا أن الموهبة الحقيقية لا تتوقف عند باب المسرح أو الشاشة.
ابن البلد الذي عرفه الجميع
اشتهر نجاح الموجي بأدوار “ابن البلد”، ونجح في تجسيد هذه الشخصية باحتراف شديد، مستفيدًا من خلفيته الاجتماعية وتربيته في أسرة كبيرة، فقد كان واحدًا من 14 شقيقًا، توفي 11 منهم، ما ترك أثرًا نفسيًا عميقًا فيه، انعكس على اختياراته الفنية، حيث كان دائمًا يميل إلى المزج بين الكوميديا والدراما، في توليفة نادرة جعلت من مشاهده مضحكة ومؤثرة في الوقت نفسه.
كان الجمهور يضحك وهو يراه في شخصية “الواد مازيكا” في مسرحية “المتزوجون”، لكنه لا ينسى أبدًا أداؤه الرصين في فيلم “الكيت كات”، حين جسد شخصية “الهرم”، الرجل الكفيف الذي يعيد اكتشاف الحياة رغم الصعوبات.
نجاح الموجي فنان المونولوج
لم يكن نجاح الموجي ممثلًا فقط، بل كان أيضًا صاحب موهبة لافتة في غناء المونولوجات، وهو نوع من الأداء الغنائي الساخر، الذي يتطلب ذكاءً في التقديم وقدرة على التفاعل مع الجمهور، أتقن هذا الفن ببراعة، وأصبح أحد أبرز من قدموه في مصر، بجانب عمالقة مثل إسماعيل ياسين.
أعماله الفنية بين المسرح والسينما والتلفزيون
على مدار مشواره، قدم نجاح الموجي ما يقرب من 150 عملًا فنيًا تنوعت بين المسرح والسينما والتلفزيون، ومن أشهر أفلامه: “الكيت كات”، “الحب فوق هضبة الهرم”، “الحريف”، “البحر بيضحك ليه”، “4 في مهمة رسمية”، و”موعد مع القدر”.
أما في الدراما التلفزيونية، فكان مسلسل “أهلاً بالسكان” عام 1984 أحد أبرز محطاته.
وكان آخر أعماله مسلسل “في بيتنا كنز”، قبل أن يرحل عن عالمنا في عام 1998، إثر أزمة قلبية مفاجئة عن عمر ناهز 53 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالدًا.
حياة شخصية هادئة
بعيدًا عن الأضواء، عاش نجاح الموجي حياة أسرية مستقرة، حيث تزوج من السيدة عائشة فريد عوض، ورُزق منها بابنتين، شيماء وآيتن، وتعمل الأخيرة مذيعة في التلفزيون المصري.
ورغم انشغاله بالفن والعمل الحكومي، كان أبًا حاضرًا في حياة أسرته، يشتهر بالهدوء والتواضع والبساطة في التعامل.
تكريم متأخر
رغم الشعبية الكبيرة التي حظي بها، لم يحصل نجاح الموجي على عدد كبير من الجوائز الرسمية، باستثناء جائزة “أحسن ممثل” عن فيلم “أيام الغضب” في مهرجان دمشق السينمائي، لكنه ظل في قلوب الجمهور نجمًا من طراز خاص، لا تُقاس قيمته بعدد الجوائز، بل بقدرته على البقاء في الذاكرة.
اقرأ أيضًا: آدم تامر حسني يدخل العناية المركزة للمرة الثانية.. تفاصيل الأزمة الصحية ودعم النجوم
فنانون أصبحوا مشاهير رغم عدم إكمالهم الثانوية العامة.. قصص ملهمة في عالم الفن