معصوم مرزوق لـ«الحرية»: من غير المعقول الحديث عن مؤامرة لإحراج مصر، والقوافل لا تعبر الحدود بدون تنسيق مع الحكومة.

معصوم مرزوق لـ«الحرية»: من غير المعقول الحديث عن مؤامرة لإحراج مصر، والقوافل لا تعبر الحدود بدون تنسيق مع الحكومة.

علق السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على قافلة الصمود وما يدور حولها جدل في الأوساط المصرية واتهامات بأنها مؤامرة لإحراج مصر.

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق إن الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية “هزّت الرأي العام الدولي بشكل غير مسبوق”، مشيرًا إلى أن العالم بات أكثر وعيًا بجرائم الاحتلال، في مشهد يُعد فريدًا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

وأضاف مرزوق، في تصريحات خاصة لـ«الحرية»، أن هذا الوعي العالمي انعكس في تحركات جماهيرية وقوافل إنسانية متتالية.

اقرأ أيضًا: معصوم مرزوق لـ”الحرية”: لا أصدق طلب عماد جاد نقل الجامعة العربية.. وإن صح فهو يعكس اضطرابًا فكريًا للنخبة

ولفت إلى أن من بين هذه التحركات “سفينة مادلين” التي تم احتجازها مؤخرًا، وسط تضارب بشأن ما إذا كان اعتراضها تم في المياه المصرية أو الدولية، مشددًا على ضرورة صدور توضيحات رسمية من مصر بشأن حقيقة ما حصل.

مصر ليست مسؤولة عن تأمين الجانب الإسرائيلي

وأوضح السفير مرزوق أن التفكير بموضوعية يقتضي الإقرار بأن “مصر ليست مسؤولة عن تأمين الجانب الإسرائيلي، ولا عن إخفاء جرائمه، بل على العكس، من المفترض أن تكون مصر ضمن منظومة عربية مهتمة بكشف هذه الجرائم التي تقع على حدودها مباشرة”.

وأكد أن دخول أي قافلة إلى الحدود المصرية لا يمكن أن يتم دون تنسيق مع السلطات المصرية، قائلًا: “الحدود ليست سداح مداح لأي طرف مهما كانت نبل أفكاره”، مستذكرًا واقعة دفع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بمسيرة الوحدة لاختراق الحدود بين مصر وليبيا، رغم نبالة الهدف، إلا أن الإجراءات بين دول ذات سيادة لا تتم بهذه الطريقة.

قافلة الصمود

وتابع مرزوق: “القول الفصل هو أنه لا يجوز لأي قافلة أن تأتي إلى حدودنا دون تنسيق مسبق مع الحكومة المصرية”، لافتًا إلى أن  التنسيق – إن وُجد – يستوجب أن تحدد الدولة المصرية المسارات الآمنة والمحددة لتلك القافلة حتى تصل إلى رفح.

وشدد على أن هذا هو ما كانت تقوم به الحكومة المصرية سابقًا مع قوافل المساعدات التي كانت تمر عبر سيناء، إذ كانت مصر تؤمّنها وتحدد مسارها، وهو ما يمكن تكراره في الحالة الحالية.

أما النقطة الثالثة، بحسب مرزوق، فتتعلق بالأمن القومي المصري، مشيرًا إلى أن أي تفجير أو اشتباك قد يحدث داخل حدودنا سيُعد تهديدًا مباشرًا للأمن القومي، وهو أمر لا ينبغي أن يتم دون موافقة الدولة المصرية.

وأضاف: “في ظني أن مصر لا ترغب حاليًا في التورط في أي صدام مع الجانب الإسرائيلي لأسباب متعددة”.

وردًا على من يقول إن القافلة تهدف إلى إحراج مصر، اعتبر مرزوق أن هذا “لا يستند إلى منطق”، وقال: “لا ينبغي أن نتبنى نظرية المؤامرة في كل تصرف، خاصةً أن العالم بأسره ينتفض تضامنًا مع غزة في لندن، وباريس، ومدن أمريكية”.

وأضاف: “الضمير العالمي يشهد الآن لحظة شبيهة بالنهاية التي أدت إلى سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. ومنذ أكتوبر 2023، كتبت عدة مقالات حول أننا نعيش بدايات نهاية النظام الصهيوني، وليس وجود اليهود في فلسطين، فاليهود كانوا يعيشون بأمان مع المسلمين والمسيحيين قبل إنشاء إسرائيل”.

واختتم مرزوق بالقول إن “الجرثومة هي الصهيونية، التي زرعت العنصرية والتوسع الاستيطاني”، مؤكدًا أن “قافلة مثل هذه لا تهدف لإحراج مصر، بل تعزز من موقفها المبدئي في دعم حقوق الشعب الفلسطيني”، مع التأكيد على أن تحديد مسار القوافل، وضبط تحركاتها، وحماية الأمن القومي، هي مهام أصيلة للحكومة المصرية.

قافلة الصمود

انطلقت قافلة “الصمود” لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة، من العاصمة التونسية يوم 9 يونيو 2025، بمشاركة أكثر من ألف ناشط من دول المغرب العربي، يتقدمهم متطوعون من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.

سلكت القافلة طريقها عبر الأراضي الليبية، مرورًا بمدن رئيسية مثل طرابلس وبنغازي، حيث حظيت بتسهيلات لوجستية ودعم رسمي وشعبي، في طريقها إلى الحدود المصرية عند معبر السلوم.

يحمل المشاركون في القافلة مطالب رمزية تتمثل في كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، والتأكيد على التضامن العربي مع سكان القطاع، دون تبنّي أي أجندة حزبية أو انخراط في مسارات عسكرية.

يأمل منظمو القافلة في الحصول على موافقة رسمية لدخول الأراضي المصرية، تمهيدًا للعبور إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، الذي لا يزال خاضعًا لضوابط أمنية مشددة، وظل مغلقًا أمام المبادرات المدنية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023.