بعد مرور 14 عامًا على رحيله، صوت حسن الأسمر يعود في أغنية جديدة بعنوان “أغلى من عينيّا”.

بعد مرور 14 عامًا على رحيله، صوت حسن الأسمر يعود في أغنية جديدة بعنوان “أغلى من عينيّا”.

في مشهد فني استثنائي يجمع بين عبق الماضي وتقنيات الحاضر، يعود صوت المطرب الشعبي الراحل حسن الأسمر ليخترق الزمن من جديد، ليطرب جمهورًا لم ينسَ نبرته المؤثرة وأغانيه التي شكّلت وجدان جيل كامل.

فبعد 14 عامًا على وفاته، تعود حنجرة “الملك” لتصدح من جديد عبر أغنية تحمل عنوان “أغلى من عينيّا”، والتي تمثل مشروعًا فنيًا عائليًا يحمل طابعًا إنسانيًا عميقًا، حيث يشاركه نجله الفنان هاني الأسمر أداءها في دويتو مؤثر يجمع بين الأب الراحل والابن الحاضر.

عودة غير متوقعة لـ”صوت شعبي لا يُنسى”

لم يكن خبر عودة صوت حسن الأسمر مجرد طرح فني عادي، بل حمل أبعادًا وجدانية وإنسانية كبيرة لدى جمهوره، الذي ما زال يردد أغانيه في المناسبات والأفراح الشعبية، ويتأثر بكلماته التي تسكن الوجدان.

حسن الأسمر

فالفنان الراحل، الذي توفي عام 2011، ظل حيًا بأعماله الخالدة، مثل “كتاب حياتي يا عين”، و”أعملك إيه حيرتني”، و”أنا أهه وأنت أهه”، و”أشكي لمين”، وغيرها من الروائع التي رسمت ملامح الأغنية الشعبية في فترة التسعينيات وبداية الألفينات.

أغنية “أغلى من عينيّا”.. مشروع فني مؤجل

كشفت مصادر مقربة من عائلة حسن الأسمر أن الأغنية الجديدة “أغلى من عينيّا” تم تسجيلها بصوته قبل وفاته، لكنها لم تُطرح آنذاك لظروف إنتاجية، وظلت حبيسة الأدراج لسنوات، حتى قرر نجله هاني الأسمر إعادة اكتشافها والعمل على إتمامها وتقديمها للجمهور، تقديرًا لمسيرة والده الفنية، ووفاءً لذكراه العطرة.

وأكد هاني الأسمر أن العمل على هذه الأغنية لم يكن أمرًا سهلًا من الناحية العاطفية، قائلاً: “كنت حاسس إني بكلم أبويا من تاني… حسيت بصوته بيكلمني وأنا بغني جنبه. الأغنية دي مش مجرد دويتو، دي وصلة وجدانية بينا، ورسالة حب من ابن لأب كان ومازال قدوة”.

دويتو فريد يجمع بين صوتين وروحين

النسخة النهائية من أغنية “أغلى من عينيّا” تأتي على هيئة دويتو بين الأب والابن، حيث تم الاحتفاظ بالأداء الأصلي للراحل حسن الأسمر، مع إضافة صوت هاني الذي قام بإعادة توزيع الأغنية وإعادة صياغتها لتمتزج بنكهة فنية حديثة دون أن تفقد روحها الشعبية الأصيلة.

وتولت كتابة كلمات الأغنية الشاعر أحمد شتا، فيما قام بتلحينها الموسيقار محمود الخيامي، وجاء التوزيع الموسيقي بتوقيع ياسر ماجد، والهندسة الصوتية لـ مصطفى رؤوف، والإنتاج لـ محمد العشري، لتخرج الأغنية بتوليفة فنية متكاملة.

استخدام الذكاء الاصطناعي في الكليب: حين يلتقي الحنين بالتكنولوجيا

في خطوة غير تقليدية، تم الاستعانة بتقنية الذكاء الاصطناعي لإنتاج مشاهد مرئية في الفيديو كليب المصاحب للأغنية، تظهر فيها صور ومقاطع تُجسد حسن الأسمر وتستعرض لحظات من علاقته بابنه، ما أضفى على الكليب بعدًا عاطفيًا شديد التأثير، وخلق حالة من النوستالجيا التي تربط الجيل القديم بالجديد.

وقد لاقى الإعلان التشويقي للأغنية تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر الآلاف من المتابعين عن شوقهم لسماع صوت حسن الأسمر من جديد، وأشادوا بمبادرة هاني الأسمر التي تمزج الوفاء الفني بالعاطفة الأسرية.

تفاعل جماهيري مبكر قبل الطرح الرسمي

على الرغم من أن موعد طرح الأغنية لم يُعلن رسميًا بعد، إلا أن مؤشرات التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي تشير إلى حالة من الترقب والشغف الكبيرين من جمهور الفنان الراحل، الذي اعتبر هذه المفاجأة امتدادًا طبيعيًا لتراثه، وفرصة لإعادة تسليط الضوء على مشواره الفني الذي كثيرًا ما طُغِي عليه التجاهل في ظل تحولات السوق الغنائي.

وتأتي هذه العودة في وقت تتعطش فيه الأغنية الشعبية المصرية إلى صوت أصيل يعيدها إلى جذورها، بعيدًا عن الإيقاعات السريعة والكلمات السطحية التي طغت مؤخرًا على المشهد.

حسن الأسمر.. سيرة فنية لا تموت

لم يكن حسن الأسمر مجرد مطرب شعبي، بل كان رمزًا لفن الشارع الحقيقي، وصوتًا ناطقًا باسم الطبقات الكادحة، حمل مشاعرهم وأحزانهم في صوته وألحانه.

ولد عام 1959، وبدأ مشواره الفني في الثمانينيات، قبل أن يسطع نجمه في التسعينيات، ويتحول إلى “أيقونة شعبية” من خلال عدد من الأغاني التي أصبحت جزءًا من الثقافة الشعبية المصرية.

شارك أيضًا في عدد من الأعمال الدرامية والسينمائية، منها مسلسل “أرابيسك”، وفيلم “ليالي الحلمية”، حيث أظهر جانبًا تمثيليًا لافتًا إلى جوار موهبته الغنائية.

ورغم رحيله المفاجئ في عام 2011 إثر أزمة قلبية، بقي أثره الفني حيًا في وجدان محبيه، خاصة من الأجيال التي نشأت على صوته وأغانيه.

التعاون الثاني بين الأب والابن.. بعد “صياد”

اللافت أن “أغلى من عينيّا” ليست التعاون الأول بين حسن الأسمر ونجله هاني، فقد سبق أن قدما معًا أغنية “صياد”، والتي طرحت قبل وفاة الفنان الكبير، وحققت نجاحًا ملحوظًا آنذاك.

ويبدو أن هذا التعاون الجديد يأتي ليُكمل الحكاية، ويجسّد العلاقة الفنية والإنسانية بين الأب وابنه في قالب غنائي مؤثر.

خاتمة: حين يكون الفن رسالة حب لا تموت

أغنية “أغلى من عينيّا” ليست مجرد عمل فني يُضاف إلى أرشيف الأغاني الشعبية، بل هي لحظة صدق نادرة، تختلط فيها التكنولوجيا بالعاطفة، والماضي بالحاضر، وصوت الأب بوجدان الابن.

إن عودة حسن الأسمر إلى الساحة بهذه الطريقة الفريدة تؤكد أن الفن الحقيقي لا يموت، وأن الأصوات الصادقة تبقى حيّة في القلوب مهما غابت عن الدنيا.

ومع اقتراب طرح الأغنية رسميًا على يوتيوب، يبدو أن الساحة الغنائية المصرية على موعد مع لحظة فنية استثنائية ستعيد للأغنية الشعبية هيبتها، وتؤكد أن تراث حسن الأسمر لا يزال ينبض بالحياة.