عروس الشرقية وعريس بمتلازمة داون: قصة حب تتحدى الصعاب.. و تدخل النيابة في القضية

عروس الشرقية وعريس بمتلازمة داون: قصة حب تتحدى الصعاب.. و تدخل النيابة في القضية

تحول مشهد زفاف شاب من ذوي متلازمة داون التقطته كاميرا هاتف محمول، إلى مادة دسمة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حين ظهر مبتسمًا في زيه الرسمي إلى جانب عروسة ترتدي فستان الزفاف الأبيض.

عروس الشرقية وعريس متلازمة داون

لم تمر السعادة بهدوء، بل سرعان ما اشتعلت الأسئلة، وتحركت الجهات الرسمية، بين مدافعين عن قصة حب بريئة، ورافضين شككوا في السن القانوني للعروس وأهلية العريس العقلية.

هكذا تحوّلت قضية عروس الشرقية وعريس متلازمة داون إلى ترند ساخن تجاوز حدود محافظة الشرقية.

والد العريس يخرج عن صمته: “دي قصة حب حقيقية” 

في أول تعليق رسمي من الأسرة، تحدث عبدالعاطي، والد العريس الشاب “محمد”، البالغ من العمر 70 عامًا، مؤكدًا أن ابنه تزوج من عروسه بعد علاقة حب استمرت شهورًا طويلة.

يقول الوالد: “محمد هو أطيب أولادي الستة، أقربهم لقلبي ولقلب أمه. بيشتغل بنفسه في ورشة لقطع غيار التكاتك في مدينة الصالحية الجديدة، وبيعتمد على نفسه، وده اللي خلانا نسيبه يعتمد على قراره.”

وأضاف أن ابنه تعرف على “ماجدة”، عروسه، خلال فترة عمله، وبدأت بينهما علاقة تطورت إلى خطوبة دامت 8 أشهر، قبل أن يقررا الارتباط رسميًا، بعد موافقة الأهل وموافقة الطبيب المختص بحالة محمد، الذي أكد أن وضعه الصحي والعقلي لا يمنعه من الزواج.

وشدد الوالد على أنه يشعر بالأسى بعد انتشار الفيديو قائلًا: “الناس خدت الفيديو وعملوا منه قصة، وعكروا فرحتنا. أنا مش هسامح اللي نشره.”

النيابة العامة تتحرك.. والمجلس القومي للطفولة يدخل الخط 

بمجرد تداول مقطع فيديو مدته 27 ثانية، تظهر فيه فتاة ترتدي فستان الزفاف بجوار شاب مصاب بمتلازمة داون، توالت ردود الفعل.

المجلس القومي للطفولة والأمومة لم يتأخر، وأحال الواقعة إلى مكتب النائب العام، وطلب فتح تحقيق عاجل.

جاء في بلاغ المجلس، الذي تم تسجيله تحت رقم 102031، أن هناك شبهات حول زواج فتاة قاصر لم تتجاوز الثامنة عشر من عمرها من شاب من ذوي الإعاقة الذهنية، ما قد يشكل مخالفة صريحة للقانون المصري الذي يحدد السن الأدنى للزواج بـ18 عامًا.

بدورها، طلبت النيابة العامة في شمال الشرقية تحريات عاجلة من المباحث الجنائية بشأن الواقعة، مع التركيز على تحديد السن القانوني للعروس، والوقوف على مدى إدراك العريس لحقيقة الزواج وشروطه.

انقسام الرأي العام: بين التعاطف والقلق القانوني

أثار الفيديو ردود فعل متباينة. ففي الوقت الذي تعاطف فيه قطاع كبير من رواد مواقع التواصل مع قصة الحب، واعتبروها انتصارًا للإنسانية، صوّت آخرون للقلق من وجود شبهات قانونية وشرعية.

من جهة، يرى البعض أن العريس، كونه من ذوي متلازمة داون، لا يمكنه اتخاذ قرار الزواج بمفرده، ويخضع لمستوى من التقييم العقلي يجب أن يُستند إليه في صحة العقد.

ومن جهة أخرى، يشير القانون المصري إلى أنه لا يجوز زواج القاصر قبل سن 18 عامًا، حتى بموافقة الأهل، ويعتبر العقد باطلًا إن تم قبل السن القانونية.

قصة إنسانية أم مخالفة قانونية؟

بين من يرون في الواقعة قصة حب فريدة، ومن يتخوفون من الاستغلال أو الجهل بحقوق الطرفين، تظل قضية عروس الشرقية وعريس متلازمة داون مثيرة للأسئلة أكثر من كونها مجرد حالة فردية.

هل نملك الحق في إصدار الأحكام المسبقة؟

وهل من العدل أن تُقابل رغبة شاب في الحب والتكوين الأسري بالريبة والرفض؟

وفي الوقت نفسه، هل يحق للمجتمع أن يتجاهل القوانين التي وضعت لحماية الطرف الأضعف؟

هذه الأسئلة لا تزال تنتظر الإجابة من التحقيقات الجارية، والتي ستفصل بالأدلة والمستندات.

المجتمع بين العاطفة والعقل

يرى المختصون في علم الاجتماع أن تعامل المجتمع مع ذوي الاحتياجات الخاصة ما زال يعاني من التناقض.

ففي الوقت الذي تُرفع فيه شعارات الدمج والدعم، يُقابل البعض منهم بالشك أو الرفض حين يحاولون ممارسة حقوقهم كغيرهم، ومنها حق الزواج.

كلمة أخيرة: بين الحب والقانون.. تبقى الكرامة أولًا

في النهاية، لا يمكن إنكار أن مشهد زفاف عروس الشرقية وعريس متلازمة داون حمل لحظة إنسانية بامتياز، لكنها اصطدمت بسؤال قانوني حاسم: هل توافرت الشروط القانونية والشرعية لهذا الزواج؟

التحقيقات ستكشف قريبًا الحقيقة، لكن ما يمكن التأكيد عليه منذ الآن هو أن كرامة الأفراد، مهما كانت حالتهم الصحية أو العقلية، لا يجب أن تكون محل انتقاص أو تنمر إلكتروني.

وإذا ثبت أن كل شيء تم في إطاره القانوني، فقد نكون أمام قصة حب انتصرت على كل الصور النمطية، وفتحت نقاشًا مهمًا يستحق أن نستمع فيه إلى صوت العقل دون أن نقتل القلب.