جهود إيجابية لتخفيف التوتر | افتتاحية الخليج

تُسابق الاتصالات الدبلوماسية الإقليمية والدولية التصعيد العاصف بين إيران وإسرائيل مع اتساع تبادل الهجمات الصاروخية والجوية، وانكشاف حجم الخسائر لدى الطرفين وسط مخاوف من أن يكون الآتي أشد قسوة ودموية، ويكسر كثيراً من الخطوط الحمراء، ويلقي بالمنطقة في أتون صراع خطر التداعيات على الأمن والسلم الدوليين.
الدول الداعية إلى التهدئة وخفض التصعيد تلقي بكل ثقلها ضمن المساعي الحميدة المبذولة لوقف هذا الصراع. ودولة الإمارات في صدارة هذه الأصوات الداعية إلى إنهاء التوتر، وكان لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، اتصالات هاتفية مع عدد من القادة لتأكيد أهمية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتكثيف الجهود لخفض التصعيد إثر العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران. كما أجرى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، سلسلة من الاتصالات مع نظرائه في دول شقيقة وصديقة، شدد خلالها على تعزيز الجهود المبذولة لتفادي اتساع رقعة الصراع، وهو هدف بات ملحاً أكثر من أي وقت مضى، وعلى كل الأطراف أن تتحلى بالحكمة والروية والابتعاد عن لغة القوة التي لا تجلب غير الموت والدمار، وتقوّض مقومات الاستقرار.
اندلاع صراع مباشر بين إيران وإسرائيل كان متوقعاً منذ سنوات في ظل تبادل عنيف للتهديدات وجولات عنف متفرقة، لكن ضربات هذه المرة تبدو أنها تحاول تنفيذ كل خطابات الوعيد السابقة، وقد تتجه إلى حرب شاملة تحرق الأخضر واليابس، إذا لم يتدخل المجتمع الدولي والإقليمي بكل قوته ويوقف هذه المعركة وما تحمله من تهديدات جدية لمصالح شعوب المنطقة، وهو ما يلقي عبئاً كبيراً على الآلة الدبلوماسية التي تعمل بكل طاقتها على أمل أن يحالفها الحظ والنجاح. كما أن هناك مسؤولية كبرى يتحملها مجلس الأمن والدول الدائمة العضوية فيه للتدخل سريعاً وحماية القانون الدولي وعدم السماح لأي طرف بانتهاكه، وخصوصاً إسرائيل التي تدوس عليه في كل مكان، من غزة إلى سوريا ولبنان ثم إيران.
إنهاء هذه الجولة العنيفة من الصراع مطلب عاجل لا يحتمل التأخير، وعلى دول المنطقة أن تتحد وراء هذا الاستحقاق وتدافع عنه من أجل استقرار شعوبها ورخائها وضمان السلم في هذا الإقليم الذي يمثل رئة للعالم بما يلعبه من دور كبير في أسواق الطاقة والاستثمار ومستقبل التنمية في مشارق الأرض ومغاربها. وإذا اتحدت المواقف وصدقت النوايا فإن إنهاء هذا التصعيد سيكون خطوة حكيمة تعود بالنفع على جميع الأطراف، وسيضرب مثلاً على أن الخلافات لا يمكن حلها بالعمل العسكري، وإنما بالحوار وعن طريق المفاوضات.
أما الرهان على العمل العسكري فلن يحقق استقراراً طويل الأمد، بل سيؤسس إلى جولات عنف أخرى في المستقبل. الآن، الرهان كبير على أن تنجح الجهود الدبلوماسية المكثفة في وقف التراشق الناري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، وإعادة تثبيت استقرار المنطقة على أسس متينة تقوم على احترام القانون الدولي والحفاظ على مصالح شعوب المنطقة وحقها المقدس في العيش بأمان وكرامة وسلام.