من إسماعيل هنية إلى “الأسد النامي”: كيف صممت المخابرات الإسرائيلية لشن هجوم على إيران؟

باريس – (أ ف ب)
ما بين ثمانية أشهر وسنتين، هذه المدة قدرتها وسائل إعلام للتحضير للهجوم الإسرائيلي ضد إيران، لكنّ ضربة الجمعة، كما يؤكد محللون، لم تقتصر على التحضير للعملية العسكرية وحدها، بل استندت كذلك إلى عمل دقيق نفذه وجهزه جهاز الاستخبارات الخارجية «الموساد» وقد يكون حصل قبل وقت أطول بكثير، بصرف النظر عمّا إذا كانت عملية الأسد الصاعد ستقضي على قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية.
وسبق للموساد أن نفذ عملية كبرى في سبتمبر الماضي بتفجيره أجهزة اتصال مفخخة «البيجر» كانت تحملها عناصر في حزب الله، ما أدى إلى مقتل 39 شخصاً وإصابة الآلاف.
كما نفذ الموساد ضربة كبيرة في يوليو الفائت باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
جمع المعلومات الاستخباراتية
أكد الخبير الجيوسياسي الإسرائيلي مايكل هوروفيتز أن «إسرائيل تتابع البرنامج النووي الإيراني منذ أكثر من 15 عاماً». ورأى أن ضربات الجمعة تأتي «نتيجة لعمل متواصل منذ سنوات لجمع المعلومات الاستخبارية واختراق إيران».
وأسفرت الضربات الأولى عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين، يتقدمهم رئيس الأركان وقائد الحرس الثوري وضباط كبار في قيادة القوة الجوفضائية للحرس، إضافة الى تسعة علماء نوويين.
ولاحظ مصدر أمني أوروبي أن العملية اتسمت بدرجة مذهلة من الدقة، رغم كونها تسببت في خسائر جانبية.
أبرز الضربات
بصرف النظر عمّا إذا كانت عملية الأسد الصاعد ستقضي على قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفي طهران أصلاً السعي إليه، يؤكد محللون أنها ستسجّل ضمن أبرز الضربات الكبرى التي حققها عملاء استخبارات إسرائيليون.
ولاحظ داني سيترينوفيتش من معهد تل أبيب لدراسات الأمن القومي في حديث لوكالة فرانس برس أن هذا يُظهر تفوّق إسرائيل الاستخباري.
وسبق لإيران أن تلقّت ضربة كبيرة في تموز/يوليو الفائت باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران. ورأى سيترينوفيتش أن إيران لم تتمكن مذّاك من سدّ الثغرة في نظامها الأمني.
مئات العملاء
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية بأن مسيّرات هُرّبت بشكل مسبق إلى إيران كانت، إلى جانب الصواريخ والطائرات الحربية، ضمن الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في هجوم 13 حزيران/يونيو.
وأوضح الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد أن المئات من عملاء الموساد، سواء داخل إيران أو في المقر الرئيسي للجهاز في إسرائيل، شاركوا في العملية، ومن ضمنهم وحدة خاصة من العملاء الذين يعملون لحساب الموساد.
ففي وسط إيران «نصبت وحدات كوماندوز في العراء أنظمة حربية قابلة للتوجيه بالقرب من منصات إطلاق صواريخ أرض-جو إيرانية»، بحسب رافيد. وأضاف أن «الجهاز نشر سراً أنظمة حربية وتقنيات متطورة مخبأة في مركبات».
وأدّت هذه الأسلحة التي نُشِرت مهمة تدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، لتمهّد الطريق أمام الطائرات المقاتلة والصواريخ الإسرائيلية، وضربت كذلك منصات يمكن أن تستخدمها إيران في ردها على العملية.
استهداف كبار المسؤولين
قدّرت وسائل الإعلام الإسرائيلية بما بين ثمانية أشهر وسنتين مدة التحضير للعملية، لكنّ ضربة الجمعة اعتمدت على اختراق إسرائيلي حصل قبل وقت أطول بكثير.
وأكد الخبير الجيوسياسي الإسرائيلي مايكل هوروفيتز أن «إسرائيل تتابع البرنامج النووي الإيراني منذ أكثر من 15 عاماً». ورأى أن ضربات الجمعة تشكّل «تتويجاً لجهود متواصلة منذ سنوات لجمع المعلومات الاستخبارية واختراق إيران».
وأسفرت الضربات الأولى عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين، يتقدمهم رئيس الأركان وقائد الحرس الثوري وضباط كبار في قيادة القوة الجوفضائية للحرس، إضافة الى تسعة علماء نوويين.
ولاحظ مصدر أمني أوروبي أن «العملية اتسمت بدرجة مذهلة من الدقة والإتقان»، رغم كونها تسببت في خسائر جانبية.
أجهزة اتصال مفخخة
سبق للموساد أن نفذ عملية كبرى في أيلول/سبتمبر بتفجيره أجهزة اتصال مفخخة كان يحملها عناصر في حزب الله، ما أدى بحسب السلطات اللبنانية إلى مقتل 39 شخصاً وإصابة الآلاف بجروح، بينهم عدد كبير من المدنيين، ما أثار موجة إدانات لإسرائيل.
ست منظومات
بعد عملية أجهزة الاتصال، تولّد لدى الرجل الثالث سابقاً في جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي (DGSE) آلان شويه اقتناع بأن «لدى إسرائيل ست منظومات قادرة على التحرك في أي وقت» في إيران.
وكرر شويه قناعته هذه، متوقعاً أن يكون الموساد قادراً على «تحريك عدد كبير من العملاء».
دور واشنطن
أما دور الإدارة الأمريكية، وهي الحليف الوثيق لإسرائيل، فلا يزال اليوم بالغ الغموض لكنه يبدو حقيقياً، سواء أكانَ عن قصد أو بغير قصد.
وُصفت العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً بأنها متدهورة، إذ توالت أخيراً مفاجآت ترامب لنتنياهو، منها توقيع اتفاق من دونه مع الحوثيين في اليمن، وإجراء محادثات مباشرة مع حماس.
وفي اليوم السابق للعملية الإسرائيلية، دعا ترامب حليفه إلى عدم ضرب إيران، معتبراً أن الاتفاق النووي «وشيك» ولا يريد أن يراه «ينهار».
وثمة خلاصة أخرى من الضربة الإسرائيلية، مفادها أن للعمل الاستخباري والعمليات السرية دوراً محورياً بالغ الأهمية في الحرب بمفهومها الحديث.