مخاطر الطعام الرقمي | جريدة الخليج

مخاطر الطعام الرقمي | جريدة الخليج

ساينس ألرت

في السنوات الأخيرة، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة جديدة تتمثل في مقاطع فيديو يعرض من خلالها المؤثرون ما تناولوه من طعام خلال يومهم، تحت عنوان «ماذا أكلت في يومي؟». تبدو هذه المقاطع بسيطة ومفيدة، بل يراها البعض مصدراً للإلهام، أو وسيلة لتشجيع الآخرين على تناول طعام صحي، إلا أن الحقيقة التي تؤكدها البحوث الحديثة والتجربة السريرية، أن هذه الظاهرة تنطوي على آثار سلبية عميقة في الصحتين النفسية والجسدية، خصوصاً لدى الفئات الأكثر هشاشة، مثل المراهقين والمصابين باضطرابات الأكل.
تكمن الخطورة في أن هذه المقاطع غالباً ما ينشرها أشخاص لا يملكون خلفية علمية في التغذية أو الصحة، ومع ذلك يتحدثون بثقة عن عدد السعرات، أو تجنب الكربوهيدرات، أو أهمية «الأكل النظيف»، دون وعي بتأثير هذه الرسائل، فالكثير منها يروّج لأنظمة منخفضة السعرات، أو تستثني مجموعات غذائية كاملة، ما يشجع على تقليد أعمى يربك العلاقة بالطعام، ويؤدي إلى سلوكيات مضطربة.
ولا يقتصر التأثير على الغذاء فقط، بل يمتد إلى صورة الجسد، إذ تأتي هذه المقاطع غالباً مصحوبة بصور للمؤثرين في ملابس رياضية، تظهر أجساداً مثالية بزوايا منتقاة، مع مرشحات تجميل تعزز معايير غير واقعية للجمال. والرسالة الضمنية في هذه المقاطع «إذا أكلت مثلي، فستبدو مثلي»، وهذه المقارنة المتكررة تؤدي إلى تدني احترام الذات، والشعور بعدم الرضا عن الجسد، وربما القلق أو الاكتئاب.
أظهرت الدراسات أن التعرض المتكرر لهذا النوع من المحتوى يرتبط بزيادة الأفكار الوسواسية تجاه الطعام، واضطرابات الأكل، والشعور بالذنب عند تناول أطعمة «غير مثالية»، فكثيرون يراقبون كل لقمة، وتتحول متعة الطعام إلى عبء، ومع الوقت يصبح الاهتمام بالصحة هوساً غذائياً.
لا يعني ذلك انتقاد كل محتوى الغذاء على الإنترنت، بل الدعوة إلى التمييز بين النصائح المبنية على العلم، وتلك الصادرة عن مؤثرين دون خبرة.
ومن الضروري تعزيز الوعي بمخاطر هذا المحتوى، خصوصاً لدى فئة الشباب، ويتعيّن استخدام وسائل التواصل بوعي، ومتابعة من يقدمون محتوى ذا قيمة فعلية، لا من يروّجون لمظاهر زائفة، ومن المفيد أيضاً أخذ فترات راحة من هذه المنصات، وإلغاء متابعة الحسابات التي تؤثر سلباً في المزاج، أو تشجع على المقارنة المستمرة.