كيف تؤثر مكملات الحديد على وظائف الدماغ؟ ومتى تتحول إلى خطر فعلي؟

كيف تؤثر مكملات الحديد على وظائف الدماغ؟ ومتى تتحول إلى خطر فعلي؟

مع تزايد المخاوف نتيجة الارتفاع الكبير في عدد حالات الإصابة بالخرف، تشير التقديرات الحديثة إلى أن واحداً من كل اثنين مهدد بالإصابة بالمرض خلال حياته.

وفي ظل هذا الواقع المقلق، يتوجه العلماء والخبراء بشكل متزايد نحو البحث عن وسائل فعالة للوقاية، سواء عبر نمط الحياة أو الخيارات الغذائية.

وبينما يعلم الكثيرون أن الحفاظ على نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني بانتظام هما خط الدفاع الأول ضد أمراض الدماغ، أظهرت دراسات جديدة أن بعض المكملات الغذائية قد تلعب دوراً مهماً في الحماية من مرض الزهايمر، في حين أن بعضها الآخر قد يكون له تأثير معاكس.

وقد قدّم أطباء تحليلاً حصرياً لهذه الدراسات لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، بهدف إعداد قائمة تضم خمسة مكملات غذائية قد تؤثر في خطر الإصابة بمرض الزهايمر.

من زيوت الأسماك إلى الفيتامينات المتعددة، إليك بعض المكملات التي قد تسهم في تعزيز صحة الدماغ، وأخرى رُبطت بتراكم بروتينات ضارة يُعتقد أنها السبب في تطور هذا المرض العصبي التنكسي.

أوميغا 3 قد تدعم صحة الدماغ

تُعد أحماض أوميغا-3 الدهنية، الموجودة بكثرة في زيوت الأسماك، من العناصر التي تحمل قائمة طويلة من الفوائد الصحية.

وتُباع مكملات زيت السمك بأسعار زهيدة وتُروّج لقدرتها على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب بشكل ملحوظ.

لكن الأطباء يشيرون إلى أن هذه الأحماض قد تسهم أيضاً في تقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر، نظراً لأنها تُشكّل جزءاً أساسياً من الخلايا العصبية، ما يعني أنها قد تدعم صحة الدماغ.

وقد أظهرت دراسات محدودة النطاق أن الأشخاص الذين تناولوا مكملات أوميغا-3 سجلوا تحسناً في الوظائف الإدراكية مقارنةً بأولئك الذين تناولوا دواءً وهمياً.

وأظهرت دراسات مختلفة أن أوميغا-3 ذات المحتوى العالي من DHA تساعد في الحفاظ على وظائف الدماغ، ومكافحة الالتهابات، والوقاية من التدهور الإدراكي.

من جهتها، كشفت جمعية الزهايمر أن هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث، ولا توجد أدلة كافية حتى الآن للتوصية باستخدام أحماض أوميغا-3 الدهنية كعلاج أو وسيلة وقاية من مرض الزهايمر.

مكملات الحديد مرتبطة بضرر دماغي محتمل

يتناول نحو 14 إلى 18% من الأمريكيين مكملات الحديد لعلاج نقص هذا المعدن الحيوي وتجنّب الإصابة بفقر الدم، وهي حالة يحدث فيها انخفاض في عدد خلايا الدم الحمراء السليمة في الجسم.

لكن العلماء حذروا من أن تناول مكملات الحديد بشكل منتظم قد يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر.

وأظهرت أبحاث أن المستويات المرتفعة من الحديد في الدم ترتبط بحدوث التهابات وتكوّن كتل بروتينية في الدماغ، وهي عوامل مرتبطة بظهور الزهايمر.

ورغم أن الحديد ضروري لصحة الجسم، فإن الإفراط فيه قد يؤدي إلى إجهاد تأكسدي وتلف في الخلايا العصبية.

كما ارتبطت زيادة نسبة مستويات الحديد في الدماغ بتراكم لويحات الزهايمر، خصوصاً لدى الأشخاص الذين لديهم قابلية وراثية للإصابة بالمرض.

فيتامينات B تساعد في تقليل التدهور العقلي

اقترح بعض الباحثين أن تناول فيتامينات ب مثل B12 وحمض الفوليك قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر.

ففي تحليل نُشر عام 2022 شمل 95 دراسة استمرت لمدة 12 شهراً أو أكثر، وشارك فيها 46,175 شخصاً، وُجدت أدلة تشير إلى أن هذه المكملات أسهمت في إبطاء التدهور الإدراكي.

وأشار المراجعون أيضاً إلى أن زيادة تناول حمض الفوليك دون B12 أو B6 ارتبط بانخفاض معدلات الإصابة بالخرف.

ومع ذلك، لا يتفق الجميع مع هذه النتائج.

ففي مراجعة كوكرين (Cochrane) نُشرت عام 2018 وشملت خمس تجارب سريرية بمشاركة 879 شخصاً، لم يتم العثور على أي دليل على أن مكملات فيتامينات ب قد حسّنت الوظائف الإدراكية خلال فترة تتراوح بين ستة إلى 24 شهراً.

الميلاتونين وتأثيره المقلق في الذاكرة

حذّرت العديد من الدراسات من أن استخدام مساعدات النوم قد يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر، لأنها تُخدّر الجسم بشكل مفاجئ بدلاً من مساعدته على الدخول الطبيعي في النوم.

وعلى الرغم من أن الأدلة المتعلقة بالميلاتونين أقل وضوحاً، فإن بعض العلماء أخبروا صحيفة الديلي ميل أن الاستخدام طويل الأمد لهذا الهرمون قد يزيد من خطر الإصابة بالمرض.

ويُباع الميلاتونين بدون وصفة طبية في الولايات المتحدة بحو 20 سنتاً للحبة، في حين أنه يُعد دواءً يُصرف بوصفة طبية فقط في بعض الدول الأخرى، مثل عدد من الدول الأوروبية والمملكة المتحدة.

ويعمل الميلاتونين على تقليد هرمون طبيعي في الجسم يُساعد على الإحساس بالنعاس، حيث يعزز مستوياته في الدماغ ليساعد الشخص على النوم.

كشفت بعض الدراسات أنه قد يتداخل مع عملية إزالة السموم من الدماغ التي تحدث بناءً على إيقاع الساعة البيولوجية، ما قد يؤثر في التخلص من بروتين بيتا-أميلويد، وهو أحد العوامل الأساسية في تطور الزهايمر.

المكملات المتعددة وتأثيرها في وظائف الدماغ

يتناول نحو 30% من الأمريكيين مكملات الفيتامينات المتعددة يومياً بهدف تعزيز صحتهم العامة.

لكن العلماء أشاروا إلى أن هذه الحبوب قد تساعد أيضاً في الوقاية من مرض الزهايمر، من خلال ضمان حصول الجسم على كمية كافية من العناصر الغذائية اللازمة لعمل الخلايا بشكل طبيعي.

ففي دراسة أُجريت عام 2023 من قبل جامعة كولومبيا، وتابعت 3,500 شخص فوق سن الستين، تبيّن أن الذين تناولوا فيتامينات متعددة لمدة عام أظهروا أداءً أفضل في اختبارات القدرات الإدراكية مقارنةً بمن تناولوا دواءً وهمياً.

قوة هذه الدراسات لا تزال غير كافية لإثبات فائدة قاطعة، وذلك بسبب عدد من العوامل المربكة مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة، إضافة إلى التباين بين الأفراد.

كما أظهرت دراسات سابقة أن بعض مكملات الفيتامينات المتعددة قد تكون ملوثة بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ، وهي عناصر يمكن أن تؤثر سلباً في الصحة الإدراكية.

وإضافة إلى ذلك، يجب على الأشخاص أن يتذكروا أن بعض أنواع الفيتامينات المصنوعة على شكل حلوى (gummy) قد تحتوي على كميات كبيرة من السكر، ما يقلل من فوائدها الصحية المحتملة.