الشعر العربي في إفريقيا | يوسف أبو لوز

الشعر العربي في إفريقيا | يوسف أبو لوز

أتاحت ملتقيات الشعر العربي في إفريقيا التي تنظمها دائرة الثقافة في الشارقة، للكتّاب وللشعراء العرب فرصة التعرّف المباشر إلى الأدب الإفريقي في شقّه الشعري والذي يكتبه شعراء القارّة السمراء بالفرنسية والإنجليزية والعربية، لغة الثقافة الإسلامية ولغة «ديوان العرب»، الذي يعشقه الأفارقة، قراءةً وكتابة، لارتباطه الوجداني والرّوحي بالقرآن الكريم، وبالبلاغة العربية التقليدية.
ملتقيات الشعر العربي في إفريقيا، فضلاً عن كونها مهرجانات للشعر الإفريقي، هي أيضاً مهرجانات تعريف بالأدب الإفريقي والثقافة الإفريقية بشكل عام، وكانت أوّل إنطولوجيا للشعر الإفريقي قد صدرت في عام 1948، وأنجزها الشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سنغور، وكتب مقدّمتها جون بول سارتر، كما أشار إلى هذه المعلومة الكاتب المغربي عبد الرحيم الخصّار.
إذاً، بيننا أو بين أوروبا تحديداً وبين التعريف بالشعر الإفريقي هناك أكثر من سبعين عاماً مرّت على إنطولوجيا سنغور الذي أصبح رئيساً للسنغال من عام 1960 حتى عام 1980، ثم تنازل عن رئاسة بلاده بمحض إرادته. اليوم، في الدورة الرابعة لملتقيات الشعر العربي في إفريقيا بتنظيم وإدارة ومتابعة من دائرة الثقافة في الشارقة، نتعايش مع العشرات، بل المئات من أدباء إفريقيا الجدد، والكثير منهم يتبوؤون مواقع جامعية وأكاديمية رفيعة في بلدانهم، ويكتبون الشعر بالعربية الفصحى المضبوطة بأوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي، ويعرفون تحوّلات القصيدة العربية الجديدة من أربعينات وخمسينات القرن العشرين، وإلى اليوم، وبخاصّة تحوّل الشعر العربي المفصلي من قصيدة العمود، وإلى قصيدة التفعيلة. هذه التفاصيل المعرفية المهمّة في تاريخ القصيدة العربية يعرفها أصدقاؤنا الشعراء الأفارقة جيداً، ويمارسونها في الكتابة الشعرية جيداً أيضاً، بل وبمهارات فنية ولغوية وجمالية تفوق أحياناً مهارات الشعراء العرب.
شعراء شباب أفارقة من مختلف المراحل الفنية والعمرية عرفناهم من خلال قراءاتهم في المهرجانات الشعرية المنتظمة في تشاد ومالي وساحل العاج، واليوم في الدورة الرابعة من هذه الملتقيات، نتعرّف إلى شعراء من بنين، ونيجيريا، وغينيا، والسنغال، وجنوب السودان، والنيجر.
يقرأ إخوتنا وأصدقاؤنا الأفارقة على نحو منتظم في يونيو، ويوليو، وأغسطس، وسبتمبر، الشهور الثقافية والأدبية المقبلة في البلدان الإفريقية التي سبق أن شهدت على مدى السنوات الماضية ملتقيات مشابهة عملت على تعريف الشعراء الأفارقة بنا، وتعريفنا بهم على نطاق أدبي واسع في بلدانهم، وفي المهرجانات الشعرية المقامة في بيوت الشعر وفي الشارقة.
لسنا غرباء ولا منقطعين عن الثقافة الإفريقية والأدب الشعري الإفريقي بفضل هذه الملتقيات الدورية التي تجمع في الأمسية الواحدة عدداً كبيراً من الشاعرات والشعراء يستطيعون الكتابة بالإنجليزية أو الفرنسية، لكن حين يتعلق الأمر بالشعر، فإنه لا يُكتب ولا يُقرأ ولا يُتَذّوق إلا بالعربية.
[email protected]