ثورة الدماء | نور المحمود

ثورة الدماء | نور المحمود

قد يكون الذكاء الاصطناعي ابتكاراً غيّر الكثير في عالم الحاضر، ورسم طرقاً جديدة يسلكها الإنسان في سبيل خدمة البشرية وتسهيل الحياة وتحقيق المزيد من الرفاهية واستغلال التكنولوجيا من أجل بناء مستقبل أفضل.. لكنّ الأهم منه في كل وقت وأوان، هو كل ابتكار علمي طبي جديد، لأن الحياة لا قيمة لها مهما تطورت أدوات العيش فيها وكل الوسائل التي يستخدمها الإنسان في حياته إذا لم ينعم بصحة سليمة ولم تتوفر له الخدمة الصحية المطلوبة والسريعة.
ما توصل إليه الباحثون اليابانيون يعتبر من أهم الإنجازات التي ستسهم في إنقاذ حياة البشر، وابتكار دم اصطناعي لا يحمل فيروسات ويمكن نقله لأي إنسان لأنه يتوافق مع كل فصائل الدم، هو ثورة حقيقية تفتح أبواب الأمل أمام الملايين من البشر، حيث يقف المرء أحياناً عاجزاً عن إيجاد متبرع تتطابق فصيلة دمه مع دم المريض، وتكثر هذه الأزمات عند حصول حوادث ويتأثر بها من يضطرون لإجراء عمليات، والمرضى الذين يحتاجون باستمرار إلى البحث عن متبرعين لتغيير ونقل الدم..
إنجاز علمي يوازي كل الابتكارات العلمية التي نقلت الطب إلى مراحل متقدمة وساعدت الإنسان في إيجاد العلاج المناسب لأمراض كثيرة خصوصاً الصعبة والنادرة، مثل القلب والخلايا الجذعية والسرطان.. لم نتوقع أن يأتي اليوم الذي نتحدث فيه عن دم اصطناعي نقي يخلو من أي أمراض وفيروس وغير مصنّف، يلائم كل إنسان على وجه الأرض بلا تمييز، ويقول الباحثون إنه يمكن حفظه لمدة عامين، بينما دم الإنسان المتبرع لا يعود صالحاً للاستخدام بعد شهر، كذلك لا يحتاج الدم الاصطناعي إلى ظروف تخزين خاصة، ويمكن حفظه بدرجة حرارة الغرفة!.
لم يتم تطبيق هذه الثورة الطبية على البشر بعد، لكنّ الأمل كبير في توافقها مع التجربة العملية، ورغم استغرابنا وكثرة التساؤلات التي يفرضها مثل هذا الابتكار حول مدى تأثير هذا الدم «غير المصنّف طبياً ولا فصيلة له» على دم الإنسان، وهل من الممكن أن يصبح الإنسان نفسه حاملاً دماً في جسده بلا فصيلة وتصنيف؟ ثورة الدم الاصطناعي تفتح أملاً كبيراً في إنقاذ حياة البشر، لأننا جميعاً معرّضون لحوادث أو لوعكات صحية طارئة أو لإجراء عمليات مستعجلة، فضلاً عن الفرح الكبير الذي سيشعر به أهالي الأطفال الذين يعانون أمراضاً في الدم..
ننتظر حلول عام 2030 لنرى التجربة في الواقع، حيث ستصبح اليابان أول دولة في العالم تستخدم الدم الاصطناعي في العمل الطبي، فكما جاء ابتكار الأطراف الاصطناعية بمثابة عملية إنقاذ لكثير من البشر، وبفضلها تمكنوا ويتمكنون من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، نتمنى أن يكون الدم الاصطناعي منقذاً لكل من يحتاج إليه.
[email protected]