حجاج بيت الله يباشرون الركن الأساسي للحج وينتقلون إلى مزدلفة

وقف حجّاج بيت الله الحرام، أمس الخميس التاسع من ذي الحجة، على صعيد عرفات الطاهر لأداء الركن الأعظم للحج، وسط درجات حرارة مرتفعة، دفعت السلطات السعودية إلى دعوة ضيوف الرحمن جميعاً إلى البقاء في الخيام خلال ساعات النهار الأشد حرّاً، قبل أن ينفروا إلى مشعر مزدلفة مع غروب شمس أمس الخميس.
وعلى الرغم من الحر الشديد وتحذيرات السلطات بعدم التعرّض للشمس مباشرة خلال ساعات الذروة، تحدّى بعض الحجّاج الحرارة وصعدوا جبل عرفات أو تجمّعوا عند سفحه، فيما حملت غالبيتهم مظلات ملوّنة.
ووزّعت السلطات أكياس ثلج على الحجّاج وهم يسيرون نحو الجبل عند الظهر، ووضع بعضهم الأكياس الصغيرة على رؤوسهم.
وقبيل بزوغ الفجر، تجمّع الحجّاج عند صعيد عرفات الذي يبعد عن الحرم المكي حوالي 23 كيلومتراً. وأمضوا هناك نهارهم في تأدية العبادات، من الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن، حتى غروب الشمس.
وبحلول الظهر استمع الحجاج إلى خطبة يوم عرفة في مسجد نمرة، والتي ألقاها إمام وخطيب مسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد، وصحبتها ترجمة فورية بأكثر من 30 لغة. وحث الشيخ صالح الحجاج على الالتزام «بالأنظمة والتعليمات والتوجيهات المنظمة للحج»، مختتماً الخطبة بالدعاء لعامة المسلمين، كما اختص سكان غزة بالدعاء قائلاً «اللهم كن لإخواننا في فلسطين.. اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، وآو طريدهم، واجبر كسيرهم، وأمن خائفهم، واكفهم شر أعدائهم. اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم».
ودعت السلطات السعودية الحجّاج إلى البقاء داخل خيامهم بين الساعة العاشرة صباحاً والرابعة بعد الظهر في يوم عرفة، لتفادي التعرض لشمس الصحراء الحارقة. ووُزّعت المراوح المزودة برذاذ الماء مع توفير الهواء البارد، على الحجّاج في محيط الجبل.
وبعد الغروب، توجه الحجاج إلى مشعر مزدلفة الذي يتوسط عرفات ومِنى، للاستراحة وأداء صلاتي المغرب والعشاء قصراً وجمع تأخير، والمبيت هناك استعداداً ليوم النحر اليوم الجمعة العاشر من ذي الحجة، وهو يوم العيد. وجمع الحصى التي يستخدمها الحجاج في رمي جمرة العقبة.
وعشية ركن عرفة الأعظم، وصلت الحرارة الأربعاء إلى 42 درجة مئوية في مكة المكرمة ومشاعر عرفات ومنى ومزدلفة، وفق المركز الوطني للأرصاد. وحذّرت وزارة الصحة في بيان نقلته وسائل إعلام سعودية من «تسلّق الجبال أو المرتفعات في يوم عرفة» لما يسبّبه ذلك من «إجهاد بدني شديد يزيد من احتمال التعرض للإجهاد الحراري». ونصحت الوزارة أيضاً الحجيج بالتنقل مع حمل مظلة وشرب كمية كافية من السوائل.
وعند الظهيرة في يوم عرفة، بدأت وزارة الصحة السعودية رصد حالات إجهاد حراري، وفق ما نقلت قناة «الإخبارية» الحكومية.
ويشهد موسم الحج هذا العام تعزيز الإجراءات الوقائية من الحرّ، لتفادي كارثة العام الماضي عندما توفي 1301 شخص، عندما بلغت درجات الحرارة 51.8 مئوية، وفق السلطات السعودية.
ولجعل الحج أكثر سلاسة وأماناً، طوّرت السلطات البنى التحتية وحشدت آلاف الموظفين الإضافيين، واعتمدت على ترسانة تكنولوجية متقدّمة تساعد على إدارة الحشود بشكل أفضل.
وأعلنت السلطات السعودية حشد أكثر من 250 ألف موظف، والتنسيق بين أكثر من 40 جهة حكومية، لمواجهة موجات الحرّ المحتملة، وفق ما أفاد وزير الحج توفيق الربيعة. ومن بين الإجراءات أيضاً، زيادة المساحات المظلّلة ب50 ألف متر مربع، ونشر آلاف الطواقم الطبية، وتوفير أكثر من 400 وحدة تبريد.
وشكّلت إدارة الحشود تحدياً كبيراً في مواسم الحج السابقة، لاسيما في العام 2015 عندما قضى نحو 2300 شخص جرّاء تدافع كبير. وبالنسبة إلى وفيات عام 2024، كانت السعودية أفادت بأنّ غالبية الضحايا لم يستحصلوا على تصاريح رسمية للحجّ، وبالتالي كانوا يفتقرون إلى وسائل الراحة مثل الخيام المكيّفة والحافلات للتنقّل.
أما هذا العام، فأطلقت السلطات حملة واسعة لمكافحة الحجّاج غير النظاميين الذين يحاولون التسلّل إلى مكّة، وتضمنّت عمليات دهم متكرّرة، ومراقبة عبر مسيرات، وإرسال تنبيهات نصّية. وساهم بالفعل تطبيق إجراءات تنظيمية صارمة هذا العام في «تقليل الازدحام العشوائي في المشاعر المقدسة»، وفق ما أكّد مسؤول في وزارة الحج مساء أمس الخميس.(وكالات)