مواجهة بلا رحمة: 8 أسلحة في الصراع الدرامي بين ترامب وماسك

فجأة وبسرعة درامية مذهلة، انهارت العلاقة بين الحليفين الكبيرين، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والملياردير إيلون ماسك، بعد عام من التعاون المؤثر بينهما، في وقت اعتبر مراقبون هذه التطورات إحدى أقوى الديناميكيات التي تشكل الولاية الثانية لترامب، ووصفوا ما يجري بـ «صراع عملاقين دون قفازات في فناء مدرسة»، في إشارة إلى التداعيات القوية المحتملة، وفي نفس الوقت يمكن السيطرة عليها بسرعة وسهولة.
ولأشهر، وبينما برز ماسك كرفيق دائم للرئيس، و«الصديق الأول» كما يطلق على نفسه، ظلّ السؤال مطروحاً حول مدة استمرار التعاون الثنائي بين رجلين اعتادا العزف منفردين على المسرح الرئيسي. وقد وفّرت المناوشات الغاضبة إجابةً حاسمة، حيث وصل التحالف إلى انيهاره بشكل درامي مثير.
ويحدد مراقبون 8 طرق قد يلجأ إليها ماسك وترامب لإلحاق الأذى ببعضهما، وهو ما قد يتفاقم إلى عواقب وخيمة إذا تصاعد الصدام أو حتى استمر على حاله.
وبالنظر إلى ما يمكن أن يلجأ إليه ماسك من أسلحة فتتمثل في الآتي:
1 – استخدام التمويل ضد ترامب وأجندته
بعد إنفاقه نحو 275 مليون دولار للمساعدة في انتخاب ترامب، فيمكن لماسك بسهولة تمويل حملات انتخابية ضد الجمهوريين. وقد وصف مشروع قانون السياسة الداخلية لترامب بأنه «عمل بغيض مثير للاشمئزاز»، كما هاجم قادة الكونغرس الجمهوريين على منصته «إكس»، كما يمكن لماسك أيضاً حجب الـ 100 مليون دولار المتبقية من تعهده بدعم ترامب والجمهوريين خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
2 ـ استخدام إكس كمصدر إزعاج
بعد ظهر الخميس، نشر ماسك استطلاع رأي على منصته «إكس»، متسائلاً عما إذا كان الوقت قد حان «لإنشاء حزب سياسي جديد في أمريكا يمثل فعلياً 80 % من الطبقة الوسطى، وصوتت النسبة الأكبر من المشاركين، بـ«نعم». كما قام ماسك برد على منشور يقترح «عزل ترامب»، بالقول نعم.
3 ـ جرّ ترامب إلى جدل المعلومات السرية
بعد علاقة وطيدة مع الرئيس، قد يُسبب ماسك الآن مشاكل لترامب بادعائه امتلاك معلومات سرية، ويوم الخميس، ومن دون تقديم أدلة، زعم أن إدارة ترامب أرجأت نشر ملفات الملياردير جيفري إبستين المتهم بقضايا مشينة قبل وفاته الغامضة داخل أحد السجون عام 2019، بسبب ظهور اسم ترامب فيها. ثم كتب: «احتفظوا بهذا المنشور للمستقبل. ستظهر الحقيقة»، كما شارك مقطع فيديو قديم يجمع ترامب وإبستين، بينما سارع الديمقراطيون في مجلس النواب إلى التفاعل مع منشور ماسك.
4 ـ استخدم شركاته لإزعاج إدارة ترامب
كتب ماسك أنه سيُوقف تشغيل مركبة سبيس إكس دراغون الفضائية «فوراً»، والتي تنقل رواد فضاء ناسا، والإمدادات من وإلى محطة الفضاء الدولية. ودفع هذا التهديد ستيفن بانون، حليف ترامب وأحد أبرز منتقدي ماسك، إلى اقتراح أن «يصادر ترامب سبيس إكس الليلة قبل منتصف الليل» عبر أمر تنفيذي.
أما على الجبهة الأخرى، فيمكن لترامب استخدام أربع أسلحة أيضاً
1 ـ إلغاء العقود مع شركات ماسك
على منصته الاجتماعية «تروث سوشيال»، أشار ترامب إلى أن إنهاء العقود الحكومية مع شركات ماسك المختلفة، بما في ذلك سبيس إكس وتيسلا، سيكون «أسهل طريقة لتوفير المال في الميزانية». والعام الماضي، وُعدت شركات ماسك بـ 3 مليارات دولار من خلال ما يقرب من 100 عقد مع 17 وكالة حكومية أمريكية.
2 ـ التحقيق في وضع ماسك المتعلق بالهجرة والمخدرات
دعا بانون يوم الخميس إلى «تحقيق رسمي في وضع ماسك المتعلق بالهجرة» قائلاً، إنه على قناعة راسخة بأنه مهاجر غير شرعي، ويجب ترحيله من الولايات المتحدة فوراً».
ويعد ماسك مواطناً أمريكياً متجنساً وُلد في جنوب إفريقيا، كما دعا بانون إلى التحقيق في تعاطي ماسك للمخدرات وجهوده للحصول على معلومات سرية حول الخطط العسكرية المتعلقة بالصين.
3 ـ إلغاء التصريح الأمني لماسك
اقترح مسؤولون في الدائرة المقربة من ترامب، تعليق تصريح ماسك الأمني السري للغاية في حال بدء تحقيقات معه، لكن بإمكان ترامب أيضاً إلغاء تصريح ماسك بالكامل، والذي حصل عليه كجزء من العقود الحكومية المتعلقة بعمل سبيس إكس مع ناسا. وهذا سيجعل من الصعب جداً على ماسك مواصلة العمل مع الحكومة.
4 ـ استخدام السلطات الرئاسية
يتمتع ترامب بصلاحيات واسعة النطاق، منها توقيع أوامر تنفيذية لمعاقبة خصومه السياسيين، وتوجيه جهات مثل وزارة العدل لفتح تحقيقات. وقد يُنهي بعض مشاريع ماسك المفضلة، مثل ما يُسمى بوزارة كفاءة الحكومة، إضافة إلى احتمال تعليق استقبال البيض من جنوب إفريقيا، وهو من أولويات ماسك.
أوجه الغرابة في معركة ماسك وترامب
كان هناك جانب غريب في التراشق بين ماسك وترامب، حيث لم يرد أحدهما على الآخر بشكل مباشر، ولكن لجأ كل منهما إلى منصته، فماسك استخدم عملاق وسائل التواصل الاجتماعي إكس، بينما رد ترامب عبر منصته تروث سوشيال، وكان على ملايين الأمريكيين التنقل بين المنصتين لمواكبة تطورات المعركة.
وعلى منصة إكس كان تعبير «الفتيات يتقاتلن» من أكثر المواضيع تداولاً، في إشارة إلى أن شجارهما أشبه بشجار في ساحة المدرسة، حيث سارع الكثيرون للقفز، وعلى سبيل المثال كتبت الناشطة اليمينية المقربة من ترامب لورا لومر: «لاذع!»، بينما كتبت آشلي سانت كلير، والدة أحد أطفال ماسك موجهة رسالتها لترامب: «أهلاً، أخبرني إن كنت بحاجة إلى أي نصيحة بشأن الانفصال». وبدأ ماسك بإلغاء متابعة حسابات حلفاء ترامب المقربين، مثل تشارلي كيرك وستيفن ميلر.
هل يمكن إصلاح العلاقة؟
بدأ نزاع ترامب وماسك قبل أيام حول مشروع قانون السياسة الداخلية الذي وقعه الرئيس، والذي وصفه ماسك بأنه «عملٌ مقزز». لكنّه تصاعد بشكل لا يمكن السيطرة عليه الخميس ليتحول إلى صراع حول الدور الكبير الذي لعبه ماسك في نجاح ترامب، الذي رد متهكماً برفض الملياردير الأمريكي تغطية كدمة في عينه بالمكياج أثناء زيارة إلى البيت الأبيض، والتي فسرها البعض كدليل على تعاطيه المخدرات، حتى بعد قوله: إن طفله تسبب فيها، وسرعان ما تطورت المناوشات إلى تهديدات.
وبحسب المصادر المطلعة، يستعد المستشارون السياسيون لترامب لحرب طويلة محتملة ضد ماسك، حيث يضطر حلفاء كلا الرجلين في مجال التكنولوجيا والسياسة إلى اختيار الجانبين، حتى إن ظهرت أصوات تطالب على استحياء بضرورة المصالحة.
تداعيات محتملة
قال أصدقاء وزملاء ماسك، إنهم كانوا في حالة من عدم التصديق بسبب الانفصال المرير والمفاجئ، وقضوا الخميس ملتصقين بأجهزة الكمبيوتر والهواتف الخاصة بهم وهم يشاهدون صديقهم يتنافس مع ترامب، غير متأكدين من خطته. وأعرب بعض المحيطين به عن ثقتهم بأنه سيتجاوز ترامب في النفوذ العالمي.
لكن لا يزال هناك قلق في دائرة ماسك من أنه قد افتعل معركةً ضخمة، قد ترتد عليه وعلى عالم «اليمين التكنولوجي»، وهو منظومة المديرين التنفيذيين في وادي السيليكون الذين دعموا إدارة ترامب. ولم يتوقع سوى القليل من شركاء ماسك أن تدوم هذه العلاقة إلى الأبد. لكنهم أعربوا عن حزنهم لوصولها إلى هذه النهاية المريرة.
قبل أقل من أسبوع، كان ماسك مبتسماً طوال اللقاء الوداعي مع ترامب في المكتب البيضاوي، الذي منح حليفه هدية رمزية فاخرة عبارة عن مفتاح للبيت الأبيض، والذي قد يتعين على ماسك إعادته إذا تفاقمت المعركة وانتقلت إلى مرحلة أكثر فوضوية.