الحج على ظهور الجمال | يوسف أبو لوز

الحج على ظهور الجمال | يوسف أبو لوز

يروي الصحفي عبدالله عبد الرحمن في الجزء الأول من كتابه الميداني السردي (الإمارات في ذاكرة أبنائها)، الكثير من القصص التي تصوّر رحلات الحج، وكان يقوم بها أهل البلاد وذلك قبل أكثر من ثمانين عاماً على ظهور الإبل.
ويذكر أحد الحجّاج أن عدد من كانوا في إحدى الرحلات الإيمانية تلك أكثر من 100 حاج، قبل أكثر من نصف قرن من الزمان الصعب، وهو رقم كبير إذا ما قورن بظروف الناس المادية والمعيشية في ذلك الوقت، ويقول أحد الحجّاج من خورفكان: «رحلتنا البرية بقدر ما كانت بعيدة وشاقّة فإنها كانت ممتعة أيضاً، لقد كنّا نتحرك مع ساعات الضّحى صباح كل يوم، ونتوقف للراحة قبل الغروب حيث نعدّ عشاءَنا وقهوتنا، ونسمر، ثم نسكن للراحة، ولا ننوخ (أي ننوخ الإبل)، إلّا وفي حوزتنا من 14 إلى 20 أرنباً كنا اصطدناها بالعصيّ، وكذلك الظباء بالبنادق، كما أن الحطب كان متوفراً أينما حَلَلنا».
كانت اللحوم متوفرة في رحلات الحج.. وذلك، كما يقول أحد الحجّاج «لتكاثر الأرانب والظباء في البراري الهادئة والتي يسهل صيدها، وتواجه القوافل عادة في طريقها بعض الرعاة المتنقلين حيث يمكن شراء الخرفان والذبائح اللازمة بأسعار زهيدة لا تتجاوز سبع روبيات للضأن الواحد السمين وكبير الحجم. كان الحاج يشتري كيساً من الأرز و4 كيلوغرامات من القهوة، وخمسين (واراً) من القماش، وكل ذلك بـ6 روبيّات فقط، وكان يمكن للحاج أن يبيع ناقة في مكة بـ500 ريال، ويشتري بعيراً بـ600 ريال.
حاج آخر يروي قصة قافلته إلى الحج بدءاً من الشارقة: «كانت مسيرة الرحلة قد اتجهت من مزيرع في الشارقة إلى الخوانيج في دبي ثم اتجهنا على ظهور الإبل غرباً وصادقنا الغروب في (ذباح)، قرب جبل علي في دبي، فأنخنا للمبيت، وفي الصباح اتجهنا إلى (بوصلف) قبل المفرق في أبوظبي ومنها إلى (العجيلة) حيث كانت تكثر آبار المياه، ومشت الرحلة حتى السلع و(سبخة مطي) ثم جنوبي قطر حيث وردنا سلوى، ومنها إلى (البحث) في السعودية، وكانت بها آبار مياه عذبة، ومنها إلى الإحساء بعد يومين.. وذلك أيام حكم عبد العزيز آل سعود الذي خصص مواقع لاستضافة الحجاج وإكرامهم، وخلال الأيام الخمسة التي أقمناها في الرياض (لم نشغل ضوءاً).. بل كانت المأكولات والشراب تصلنا جاهزة.
يقول أحد الحجّاج في روايته لعبدالله عبد الرحمن كان بعض كبار السن من أبناء المنطقة الشرقية يبيع مزرعة نخيله أو (ضاحيته) الزراعية ليوفر نفقات رحلة الحج (ليحقق أمنيته قبل وفاته)، وكان بعضهم يوصي وهو مريض وطريح الفراش بأن تباع تركته من النخيل أو الماشية أو الإبل ليؤدي بثمنها فريضة الحج نيابة عنه.
[email protected]