هدايا المباركين.. رسائل محملة بالقيم

الشارقة: سارة المزروعي
تُجسّد لحظة عودة الحاج إلى دياره مشهداً لا يُنسى، تختلط فيه الدموع بالضحكات، والحنين بالفخر، ليُصبح كل ركن في البيت شاهداً على عظمة الرحلة ومكانة صاحبها. في تلك اللحظة، لا تقتصر المشاعر على التهاني والدعوات، بل تتجلى أيضاً في هدايا مُختارة بعناية، تعبّر عن الامتنان والتقدير، وتُصبح عادة محببة تعبّر عن مكانة هذه الشعيرة العظيمة في قلوب الجميع.
ورغم تغير أنماط الحياة، لا تزال هذه العادة حاضرة بقوة، لما تحمله من دلالات على الاحترام والتلاحم وروح الجماعة، ففي زمن كثرت فيه الرسائل الرقمية، تظل لحظة استقبال الحاج مناسبة حقيقية للّقاء، والاحتفاء، وتجديد روابط المحبة بين الأجيال، ويتقاطع هذا التقليد مع التوجهات الوطنية في ترسيخ القيم الأسرية والاجتماعية، ليكون كل حاج مرآة للقيم التي يحملها وطنه، وكل بيت مستقبِل له عنواناً للوفاء والتكاتف.
مع عودة الحجاج، تستعيد المجالس العائلية وهجها ودفئها، فيتوافد الأقارب والجيران، وتُزهر اللقاءات بحكايات الطواف والدعاء، وفي قلب هذه الأجواء، يتبادل الأهل الهدايا مع الحاج، في لفتة رمزية تعبّر عن الاحتفاء والامتنان. تتنوّع هذه الهدايا بين العطور والمجوهرات والصكوك الوقفية ذات الطابع المعنوي، لتُعزّز قيم التواصل الاجتماعي، وتُعيد إلى المجالس روح المشاركة والحكاية.
تقول أم فهد، وهي تستعد لاستقبال شقيقها الحاج:
«من سنوات طويلة وهو يحلم بالحج، وكان يتقدّم كل عام دون نصيب، الحمد لله هذا العام تم له الأمر… وفرحتنا لا توصف، وكأن قدومه أعاد للبيت بركته وحنينه».
وتتابع:«قررت أن أهديه صكاً وقفياً من مشروع وقف «جيران النبي»، لأن الهدية لابد أن تكون في مستوى الرحلة، رحلة فيها بركة وأجر، وتبقى ذكراها طول العمر».
وترى أن الهدية، في جوهرها، رسالة حب ودعاء وامتنان، تعبّر عن حجم الفرح بعودة الحاج سالماً، بعد أن أدى فريضة العمر.
وفي السنوات الأخيرة، أعاد الكثير من الأفراد إحياء هذا التقليد بروح متجددة، فباتت الهدايا ذات الطابع الديني والمعنوي تحظى باهتمام أكبر، مثل الصدقات الجارية أو الصكوك الوقفية التي تُهدى باسم الحاج، وتُضاف إلى رصيده الروحي ليكون التقدير معنوياً وروحياً في آنٍ معاً. يختار البعض تقديم الهدايا النقدية أو السبائك الذهبية والمجوهرات الفاخرة، خاصة للحجاج كبار السن أو لمن يحج للمرة الأولى، تكريماً للمناسبة ومكانة الحاج.
من البيوت إلى الأحياء.. امتداد للبهجة
لا تقتصر فرحة الاستقبال على حدود العائلة، بل تمتد إلى الحي بأكمله، فيبادر الجيران والأصدقاء وزملاء العمل إلى تقديم التهاني، وإهداء باقات ورد أو عطور، تعبيراً عن فرح جماعي وسرور مشترك. تقول مريم المهيري:«من عاداتي أنا وأخواتي أن نزور كل من يرجع من الحج ومعنا هدية بسيطة أو باقة ورد، نسلّم ونسمع دعواتهم ومواقفهم الجميلة».
وتُضيف: «تعلّمنا من أمهاتنا أن الفرح بالحاج يكون بالفعل قبل القول، والهدية رمز للتقدير، وليست فقط واجباً اجتماعياً».