الاستواء والعواصف | جريدة الخليج

الاستواء والعواصف | جريدة الخليج

«يو بي آي»

رغم التقدم الهائل في علوم الطقس وتطور أدوات الرصد، لا تزال بعض الظواهر الطبيعية تحافظ على طابعها الغامض والاستثنائي، ومن أبرزها أن الأعاصير المدارية، لم تسجّل ولا مرة واحدة عبورها لخط الاستواء، وقد يظن البعض أن الأمر مجرد مصادفة، لكن التفسير العلمي يرتبط بدوران الأرض وبقوة فيزيائية تعرف باسم قوة كوريوليس.
بحسب د. أليكس داسيلفا، كبير خبراء الأعاصير في شركة «أكيوويذر»، فإن قوة كوريوليس، الناتجة عن دوران الأرض حول محورها، تؤثر بشكل مباشر في حركة الرياح، فهي تتسبب بانحراف الرياح إلى اليمين في النصف الشمالي، وإلى اليسار في النصف الجنوبي، ما يمنح الأعاصير المدارية دورانها المعروف عكس عقارب الساعة في الشمال، ومع عقارب الساعة في الجنوب، ولكن هذه القوة تتلاشى تدريجياً كلما اقتربت من خط الاستواء، لتصبح شبه معدومة عنده، وهو ما يجعل تشكل الأعاصير أو استمرارها في هذه المنطقة أمراً مستحيلاً.
وسجل الرصد الجوي لم يشهد أي إعصار مداري تجاوز خط الاستواء، وأقرب محاولة كانت لإعصار «فامي» في ديسمبر/كانون الأول عام 2001، الذي اقترب من خط العرض بمقدار 1.4 درجة شمالاً، لكنه لم يتمكن من العبور، كما سجلت في ديسمبر/كانون الأول 1973 عاصفة استوائية نشأت على خط عرض 0.5 درجة شمالاً، لكنها لم تكتسب صفات الإعصار إلا بعد تحركها شمالاً إلى مناطق تصبح فيها قوة كوريوليس فعالة بما يكفي لدعم دورانها.
إضافة إلى ذلك، يلاحظ غياب شبه تام للعواصف المدارية في جنوب شرق المحيط الهادئ، خاصة قبالة سواحل أمريكا الجنوبية. ويعود السبب في ذلك إلى برودة الماء الناتجة عن تيار بيرو البحري، الذي ينقل مياهاً باردة من الجنوب إلى الشمال، ما يحرم الأعاصير من أحد شروط تشكّلها الأساسية، وهو الماء الدافئ.
وتشير الأبحاث إلى أن تشكّل الأعاصير المدارية يتطلب توافر بيئة جوية دقيقة، تجمع بين مياه دافئة، وتأثير واضح لقوة كوريوليس، وفي حال اختل ميزان أي من هذه العوامل، تفشل العاصفة في التطور وتضعف قبل أن تشتد، وهذا ما يظهر أن الأعاصير، رغم قوتها التدميرية، تبقى خاضعة لقوانين طبيعية صارمة، أهمها الحاجز غير المرئي الذي يمثله خط الاستواء، والذي لم تنجح أي عاصفة مدارية في تجاوزه حتى اليوم.