نتنياهو وحربه الشخصية: كيف استعدت إسرائيل لعقود لمهاجمة “النووي الإيراني”؟

نتنياهو وحربه الشخصية: كيف استعدت إسرائيل لعقود لمهاجمة “النووي الإيراني”؟

استعدت إسرائيل للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية منذ تسعينيات القرن الماضي. ومنذ ذلك الحين، حدد رئيس قسم الأبحاث في مديرية الاستخبارات، عاموس جلعاد، نية إيران في امتلاك قدرة نووية عسكرية، وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين بذلك، ولاحقًا تلقى مائير داغان، رئيس الموساد، أمرًا من رئيس الوزراء أرييل شارون ببذل كل ما في وسعه لوقف البرنامج النووي الإيراني.رغم مساعي إيران لامتلاك سلاح نووي من التسعيينات، إلى أنها استغرقت نحو 25 عامًا للوصول إلى حافة امتلاك الأسلحة النووية، وهو ما وصلت إليه قبل أسابيع قليلة.خلال العقد الماضي، والذي كان في أغلبه حكم بنيامين نتنياهو كان هناك جدل داخل المؤسسة الأمنية في إسرائيل حول طبيعة الهجوم: عملية تستهدف تأخير المشروع النووي؟، أم العمل على الإطاحة بالنظام الإيراني، حتى لو تضمن ذلك الإضرار بقادته؟ وكانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تختار الحل الأول.

حرب نتنياهو الخاصة

عاد نتنياهو إلى السلطة عام 2009، بدأ بنيامين نتنياهو يُحذر المجتمع الدولي مرارًا وتكرارًا من هذه النية، بل وتعامل مع الأمر كأنه مشروع حياته، لكنه كات مترددًا في اتخاذ قرار الهجوم – حتى الليلة الماضية.في مطلع العقد الماضي، رأى نتنياهو وإيهود باراك آنذاك، عام ٢٠١١، ضرورة شنّ هجوم، على المنشآت النووية الإيرانية وحينذاك اختلف قادة الأجهزة الأمنية. قال مائير داغان، رئيس الموساد آنذاك، إن على إسرائيل مهاجمة إيران فقط “عندما يكون السكين على أعناقنا”، ولاحقًا ندم وزير الدفاع حينذاك إيهود باراك على عدم اتخاذه القرار، ولم يتحلَّ نتنياهو بالشجاعة الكافية، فقد أيتحت له الفرصة لشنّ هجوم في عامي ٢٠١٢ أو ٢٠١٣ أثناء حكمه، لكنه قرر الامتناع في اللحظة الأخيرة.مرّت ثلاثة عشر عامًا أخرى حتى وصلت إسرائيل إلى لحظة آخري من ضرورة اتخاذ القرار المؤجل منذ 30 عامًا، حيث أدركت الاستخبارات لإسرائيلية أن إيران بدأت عملية تفعيل الأسلحة النووية خلال العام الماضي، ومنذ تلك اللحظة بدأ العد التنازلي. ووضع نتنياهو مسألة الهجوم على نووي إيراني على أجندته.. وكان السؤال ليس لو.. بل متى!ما شجع نتنياهو تلك المرة على اتخاذ القرار هو الأنشطة الإيرانية النووية خلال العام الماضي، والتي شملت تفعيل عملية تسمى بـ “مجموعة الأسلحة” وتهدف إلى تنشيط جميع العمليات التكميلية اللازمة لتحويل دولةٍ تخصب اليورانيوم بالمستوى والكمية اللازمين لصنع قنبلة، إلى دولةٍ تمتلك قنبلة، ليست أي قنبلة، بل قنبلة بحجم كرة السلة، بحسب ما شرح المحلل الإسرائيلي “بن كاسبيت” في مقاله بجريدة معاريف.وعلى الرغم م ذلك، يتطلب الأمر القدرة على تثبيت هذه القنبلة على رأس حربي لصاروخ باليستي، وإجراء تجارب والتأكد من فعاليتها، وإنشاء “سلسلة تفجير” نووية خاصة تُفعّل القنبلة النووية على ارتفاع مُعين فوق الهدف، وهي ليست عملية بسيطة على الإطلاق، لكن المشكلة حيالهافي أنه، على عكس تخصيب اليورانيوم، الذي يترك أثرًا إشعاعيًا واضحًا ويصعب إخفاؤه عن الاستخبارات،  فإن عملية “مجموعة الأسلحة” حدث سري يُمكن تنفيذه بأثر إشعاعي منخفض جدًا، فقط يتطلب بضعة علماء، وبضع غرف مُغلقة في أعماق الأرض، وهذا كل شيء. عندما تصل إلى المرحلة التجريبية، يكون الأمر لا رجعة فيه، وتصبح القنبلة جاهزة للانطلاق.

عامان من الاستعدادات

كشفت مديرية الاستخبارات والموساد أن الإيرانيين نفذوا هذا “الاختراق” المسمى بمجموعة الأسلحة خلال العام الماضي. وفور اكتشافه، أُنشئت وحدة خاصة في مديرية الاستخبارات الإسرائيلية لمراقبة النشاط الإيراني، ووحدة خاصة في سلاح الجو للتخطيط للهجوم، وفي الوقت نفسه، طُوّرت قدرات هجومية حطمت كل الحواجز التي كانت قائمة أمام سلاح الجو فيما يتعلق بقدراته وفرصه في إيقاف المشروع وإلحاق أضرار جسيمة به.بينما كشف المحلل الإسرائيلي”آفي اشكينازي” أن الجيش الإسرائيلي والموساد يستعدان لعملية هجوم “عام كلافي” منذ حوالي عامين، حيث بدأ رئيس الأركان السابق، هرتس هاليفي، بالتعاون مع رئيس الموساد، ديفيد برنياع، وقائد سلاح الجو، اللواء تومر بار، ورئيس المخابرات العسكرية، اللواء شلومي بيندر، وبعلم رئيس الشاباك، رونين بار، ومسؤولين كبار آخرين، بتنفيذ العملية. وقد شمل التحضير للعملية عنصرين أساسيين: الهجوم والدفاع. 

خطة التدمير الإيرانية

في هذا الوقت كانت إيران تتحرك ضد إسرائيل في سياق آخر، حيث أعدت إيران “خطة تدمير” ضد إسرائيل، تضمنت هذه الخطة حلقة الخنق والنار التي أُقيمت حول إسرائيل مع حماس والجهاد الإسلامي، وحزب الله في لبنان، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، والقدرات الباليستية للحوثيين في اليمن، ومحاولة اختراق الأردن بالأدوات نفسها، وغيرها. تضمنت الخطة هجومًا شاملًا على كل هذه العوامل مجتمعة، وتدفق الميليشيات المختلفة إلى إسرائيل بعد موجة الهجمات الباليستية، لكن يحيي السنوار هو من أضر بالخطة، عندما فعّل السنوار خطة التدمير مبكرًا، دون تنسيق مع أي جهة أخرى.