الهدف هو تنفيذ خطة الإخلاء

لم يكن رفض السلطات المصرية دخول قافلة الإخوان، التى ادعت أنها متجهة إلى غزة لتقديم مساعدات إنسانية، مجرد إجراء أمنى روتينى، بل كان قرارًا استراتيجيًا محكمًا يكشف عن فهم عميق لمخططات خبيثة تهدف إلى تصدير أزمة إلى مصر، بل وتوريطها فى مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين. ويأتى ذلك فى سياق يبرهن على أن جماعة الإخوان الإرهابية لم تتوان يومًا عن استغلال القضايا الإنسانية كستار لتنفيذ أجنداتها السياسية التخريبية. إن هذه القافلة لم تكن لتخدع القاهرة بكونها مجرد مبادرة خيرية. فالنوايا الحقيقية لهذه القافلة، التى ضمت شخصيات مثيرة للجدل ومعروفة بمواقفها المتطرفة، كانت تتجاوز بكثير مجرد إيصال المساعدات، بل كانت تسعى لخلق فوضى على الحدود المصرية، وإحراج الدولة المصرية أمام المجتمع الدولى. وربما، وهو الأخطر، فتح ثغرة فى الموقف المصرى الرافض تمامًا مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء.وتدرك القاهرة جيدًا أن مخطط التهجير هو أحد أبرز الأهداف التى تسعى إليها بعض الأطراف الإقليمية والدولية، وأن الضغط على مصر لقبول هذا السيناريو يأخذ أشكالًا متعددة، بما فى ذلك استغلال الأزمات الإنسانية. ومن هذا المنطلق تعد هذه القافلة محاولة واضحة لكسر الموقف المصرى العظيم الصامد. فالسماح بدخول قافلة تحمل راية الإخوان إلى غزة عبر الأراضى المصرية كان سيشكل سابقة خطيرة، ويعطى شرعية لجماعة إرهابية تعادى الدولة المصرية، ويفتح الباب أمام تسلل عناصر غير مرغوب فيها، أو حتى إقامة بؤر نفوذ للجماعة بالقرب من الحدود، ما يهدد الأمن القومى المصرى بشكل مباشر. علاوة على ذلك، كان دخول هذه القافلة ليستخدم كأداة ضغط غير مباشر على مصر لقبول استقبال لاجئين من غزة، تحت ذريعة المساعدات الإنسانية، وهو ما يعتبر خطوة أولى نحو تحقيق مخطط التهجير الذى ترفضه مصر رفضًا قاطعًا باعتباره تصفية للقضية الفلسطينية، وتحديًا للأمن القومى المصرى. فالموقف المصرى الرسمى واضح وجلى وهو «لا لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، ولا لتحويل القضية الفلسطينية إلى عبء أمنى على مصر».إن استغلال المعاناة الإنسانية فى غزة، التى تعانى بالفعل من حصار خانق وأزمة إنسانية كارثية، من قبل جماعة الإخوان يعد سلوكًا دنيئًا يكشف عن انتهازية الجماعة، ومقدار انحطاطها الأخلاقى والسياسى. فالقضية الفلسطينية بالنسبة لها ليست قضية حق ووطن، بل هى ورقة ضغط تستخدم لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، ومحاولة لإعادة إحياء نفوذها الذى تلاشى فى مصر والمنطقة. كان الهدف من هذه القافلة هو خلق حالة من الفوضى، والضغط على الحدود المصرية، وتصوير مصر وكأنها تعوق وصول المساعدات الإنسانية، وبالتالى تشويه صورتها أمام الرأى العام العالمى. وهذا التكتيك يعد جزءًا من استراتيجية أوسع لجماعة الإخوان الإرهابية فى تصدير الأزمات إلى الدول التى تعاديها، وتوظيف الأزمات الإنسانية لخدمة أجنداتها التخريبية. فبدلًا من أن تسهم هذه الجماعة فى تخفيف المعاناة الإنسانية، تفضل استغلالها كوقود للفتنة والضغط.إن توقيت هذه القافلة، فى ظل تصاعد الحديث عن مخططات التهجير القسرى، لم يكن مصادفة، فقد جاء فى لحظة حرجة للغاية، تزامنًا مع جهود مصرية ودولية مكثفة لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة وإدخال المساعدات، مع التأكيد على رفض أى محاولات لتهجير الفلسطينيين. وبالتالى فإن القافلة لم تكن سوى محاولة لقطع الطريق على هذه الجهود، وإرباك المنسقين الدوليين، وفتح الباب أمام سيناريوهات كارثية. كما أن رفض مصر دخول هذه القافلة يعد رسالة واضحة لكل من يخطط لتوريطها فى مثل هذه السيناريوهات، وأن الحدود المصرية خط أحمر، وأن الأمن القومى المصرى لا يمكن المساومة عليه، وأن مصر لن تكون جزءًا من أى مخطط يصفى القضية الفلسطينية على حساب أمنها واستقرارها. فالقاهرة تدرك أن قبول استقبال اللاجئين من غزة، تحت أى ذريعة، هو تفريغ لقطاع غزة من سكانه، وبالتالى تحقيق الهدف الإسرائيلى المعلن فى التهجير، وهو ما يعد كارثة على القضية الفلسطينية برمتها.علاوة على ذلك، فإن التعامل المصرى الحاسم مع هذه القافلة يبرهن على يقظة الأجهزة الأمنية المصرية، وقدرتها على استشراف المخاطر، وتحليل الأبعاد الخفية للتحركات المشبوهة. فبينما كان بعض الأصوات يطالب بالسماح بدخول القافلة تحت ذريعة العمل الإنسانى، كان القرار المصرى مرتكزًا على رؤية شاملة للمخاطر التى قد تترتب على مثل هذه الخطوة. إن هذه القافلة لم تكن لتقدم حلًا للأزمة الإنسانية فى غزة، بل كانت ستفاقمها، وتحدث أزمة جديدة على الحدود المصرية، وتعطى ذريعة لأطراف أخرى للدفع نحو سيناريو التهجير. إن رفض مصر دخول قافلة الإخوان المزعومة إلى غزة لم يكن مجرد إجراء أمنى، بل كان قرارًا سياسيًا استراتيجيًا بامتياز، يعزز من موقف مصر الرافض للتهجير، ويحبط محاولات جماعة الإخوان لتصدير الأزمات إلى الداخل المصرى، ويبرهن على أن القاهرة لن تسمح لأى طرف باستغلال المعاناة الإنسانية لتحقيق أجندات سياسية مشبوهة، تهدد الأمن القومى المصرى والقضية الفلسطينية على حد سواء. إن هذه الحادثة تسلط الضوء مجددًا على طبيعة جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تتورع عن استخدام أى وسيلة، حتى لو كانت كارثة إنسانية، لتحقيق أهدافها التخريبية والإجرامية.