حرب إيران-إسرائيل: سيناريوهات مرعبة محتملة (1)

حرب إيران-إسرائيل: سيناريوهات مرعبة محتملة (1)

في تطور مفاجئ، أقدمت إيران على توجيه رد عسكري قوي ومباشر ضد إسرائيل، في خطوة شكلت نقطة تحول خطيرة في مسار التوترات المتصاعدة بين الطرفين. لم يتوقع كثير من المراقبين أن تتجاوز طهران الردود التقليدية من تصريحات وتحذيرات، إلا أن هذه الضربة الإيرانية خرجت عن السياق المعتاد، ما ينذر بتحول النزاع إلى حرب مفتوحة قد تكون عواقبها كارثية وغير محسوبة. استمرار هذا التصعيد، أو انزلاقه نحو مواجهة إقليمية شاملة، يحمل في طياته تداعيات تتجاوز إيران وإسرائيل لتطال مجمل الإقليم وربما النظام الدولي بأكمله. فالمشهد الميداني بدأ يفلت من السيطرة تدريجيًا، وتزداد المخاوف من توسع نطاق الصراع ليشمل جبهات جديدة ونقاط اشتعال حساسة.
من أبرز السيناريوهات الكارثية المحتملة في ظل هذا التصعيد ما تردد من أنباء حول إمكانية إغلاق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية العالمية، والذي تمر عبره نسبة كبيرة من تجارة النفط والغاز. أي محاولة لتعطيل الملاحة في هذا المضيق – سواء من قبل وكلاء إيران الإقليميين أو كردّ فعل مباشر من طهران – قد تؤدي إلى شلل نسبي في حركة التجارة العالمية وارتفاع حاد في أسعار الطاقة.
أما مضيق هرمز، الشريان النفطي الذي تمر عبره قرابة 20% من صادرات النفط العالمية، فإن الحديث عن احتمال إغلاقه يثير قلقًا بالغًا على المستويين الاقتصادي والأمني. إغلاقه كليًا أو جزئيًا لن يشكل فقط ضربة قاصمة لأسواق الطاقة، بل سيجبر القوى الكبرى على التدخل لحماية مصالحها، وعلى رأسها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. كما أن ذلك سيُلحق أضرارًا بالغة بعدد من الدول العربية المعتمدة على تصدير النفط والغاز من خلال هذا الممر الحيوي. مع تصاعد التهديدات وتزايد المخاطر، تبدو فرص التدخل العسكري الغربي أكثر واقعية. قد تلجأ كل من الولايات المتحدة وبريطانيا إلى نشر قوات بحرية إضافية لتأمين الملاحة في المضائق، أو حتى تنفيذ عمليات عسكرية محدودة لاحتواء الموقف ومنع تفجر النزاع على نطاق أوسع. فالمصالح الغربية، خصوصًا المتعلقة بأمن الطاقة والتجارة، لا تحتمل التهديد أو التعطيل.
إن طبيعة هذه الحرب – غير التقليدية، متعددة الأطراف، وعابرة للحدود – تجعل من الصعب رسم سيناريو نهائي لها. ما بدأ كتصعيد محدود قد ينزلق في أية لحظة إلى حرب إقليمية شاملة، خاصة إذا تم استهداف الممرات البحرية أو المصالح الغربية بشكل مباشر. وعليه، فإن المجتمع الدولي اليوم أمام لحظة حرجة، تتطلب تحركًا دبلوماسيًا سريعًا وجادًا قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة وتدخل المنطقة في نفق مظلم وطويل.