بسام شكري لـ”الدستور”: التصدي لإيران وإسرائيل سيوجه مستقبل الشرق الأوسط.

قال بسام شكري، خبير التخطيط الاستراتيجي والمتخصص في الشأن الإيراني، المقيم في ألمانيا، إن الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يكن مفاجئا، بل جزء من أوراق ضغط تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية بالتنسيق مع بريطانيا، وبأسلحة متقدمة، بهدف إجبار إيران على تفكيك برنامجها النووي.
شكري: الهجوم الإسرائيلي على إيران استمرار للاستراتيجية الأمريكية
وأوضح بسام شكري في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، أن الضربة التي وقعت هى استمرار للاستراتيجية الأمريكية في ممارسة الضغوط على إيران دون الدخول بشكل مباشر في مواجهة قد تضر بمصالح واشنطن في المنطقة. وقال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصفها بأنها ضربة ممتازة، ولكنهم لا يريدون أن يظهروا بشكل مباشر، بل يعتمدون على إسرائيل كطرف ينفذ هذه الضربات.ويضيف أن الهدف الأبرز من هذه الضربة هو إحداث خسائر كبيرة في إيران، لإجبار النظام على الاستسلام والتراجع عن برنامجه النووي.ويرى شكري أن إسرائيل، منذ نشأتها وحتى اليوم، كانت أداة حرب وعدوان في يد الأوروبيين والأمريكيين لزعزعة استقرار المنطقة. وتابع: «رغم أن الأوروبيين بدأوا يدركون حقيقة الوضع في الشرق الأوسط، والشعوب الأوروبية تنادي بالحرية، إلا أن الدعم الإسرائيلي مستمر كجزء من هذا المخطط الإقليمي».
شكري: إيران لا تمتلك قوة جوية مؤثرة
وقال شكري إن إيران لا تمتلك قوة جوية مؤثرة، وتعتمد على صواريخ قديمة تعود لحقبة الحرب الباردة، مستوردة من روسيا والصين والاتحاد السوفيتي سابقًا، بالإضافة إلى صواريخ استولت عليها من العراق، وعززت بعضها بالتعاون مع كوريا الشمالية، رغم محدودية التكنولوجيا التي حصلت عليها.وأضاف أن الرد الإيراني على الهجمات الإسرائيلية سيقتصر على استخدام الصواريخ فقط، بينما تتمتع إسرائيل بتفوق جوي واضح، مع توقع زيادة العمليات العسكرية بالتعاون مع أذربيجان، التي تتمتع بدعم جوي متقدم.واعتبر بسام شكري أن إسرائيل نجحت في استهداف قيادات إيرانية بسبب الحصار الذي تعرضت له إيران خلال عشرين سنة، مما أدى إلى تدهور اقتصادي واجتماعي حاد، ساعد في شراء ولاءات بعض الإيرانيين، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية والفساد، مشيرًا إلى أن الاستهدافات الدقيقة تسببت في خسائر كبيرة لقادة الحرس الثوري والجيش الإيراني، مما شكل ضربة موجعة للنظام.
شكري: من المحتمل انتشار التلوث النووي إلى دول الخليج
وشدد الخبير في الشأن الإيراني على أن الضربات الإسرائيلية استهدفت مناطق حساسة تحتوي على مواد نووية، مما يسبب تلوثًا نوويًا محدودًا ولكنه خطير للسكان المحليين، وهو جريمة دولية بحق المدنيين.وحذر من احتمال انتشار التلوث إلى دول الخليج، خاصة الكويت والبحرين وقطر، بفعل الرياح الصيفية، مما يزيد من خطورة الوضع على المستويات الصحية والبيئية.وتوقع بسام شكري أن الرد الإيراني بالصواريخ قد لا يكون دقيقًا بنسبة كبيرة، حيث يعتقد أن من كل 100 صاروخ، لا يصيب هدفه بدقة إلا 3 أو 4 فقط، لكن كثافة السكان في تل أبيب ترفع من حجم الخسائر البشرية، التي قد تصل إلى 400 قتيل في ضربة واحدة، رغم عدم إعلان إسرائيل عن ذلك.وأشار إلى أن البنية التحتية المدنية والإسكانية في تل أبيب تعرضت لأضرار جسيمة، مع تأكيد أن هناك خسائر بشرية كبيرة يتم التكتم عليها.ورأى شكري أن احتمال حدوث انقلاب عسكري داخل إيران أمر غير وارد في الظروف الراهنة، لأن النظام يسيطر بقوة على الشعب ولا يسمح بامتلاك السلاح، لكن احتمال حدوث انشقاقات عسكرية قد يزداد إذا استمر النظام في تكبد الخسائر، خاصة بعد اغتيال قادة الحرس الثوري والجيش والقوة الجوية، موضحا أن اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي قد يؤدي إلى انهيار كامل للنظام، الذي يعتمد عليه كممثل للسلطة التشريعية والقضائية والدينية في آن واحد.
شكري: مواجهة إيران وإسرائيل ستغير وجه الشرق الأوسط
وقال بسام شكري إن العالم الأوروبي بدأ ينسى مأساة غزة والجوع والتهجير والقتل، لكنه يشعر بقلق واستياء كبير من تصاعد العنف بين إسرائيل وإيران، كما أن هناك استياء عربي واضح، حتى من دول مثل السعودية والأردن ومصر، التي ترى في ضرب إيران خطأً غير مبرر خاصة أن المدنيين يدفعون الثمن، مؤكدا أن هذه الحرب أثرت على جميع شعوب المنطقة، بما في ذلك السوريين والعراقيين واليمنيين واللبنانيين الذين يعانون من السيطرة الإيرانية منذ عقود.وأشار شكري إلى أن المدنيين الإيرانيين والإسرائيليين يدفعون الثمن الأكبر في هذه الحرب المدمرة، وأن الطرفين تسببوا بكوارث إنسانية وأمنية للمنطقة بأكملها.وأكد أن النتيجة النهائية مهما كانت معقدة، ستغير وجه الشرق الأوسط بشكل جذري، فمن انتصار إسرائيل على إيران يعني انسحاب طهران من العراق واليمن ولبنان، وانهيارها إلى دول متعددة، بينما هزيمة إيران قد تؤدي إلى دمار شامل في المنطقة جراء ردود الفعل المتبادلة.وحذر الخبير في الشأن الايراني من أن أي هجوم إيراني على مفاعل ديمونة الإسرائيلي أو استخدام أسلحة كيميائية وفتاكة سيؤدي إلى كارثة بيئية وإنسانية ضخمة، تمتد آثارها إلى سيناء والإسكندرية وقبرص والأردن وشمال السعودية وسوريا وشدد على أن هذه السيناريوهات مخيفة وتحتاج إلى تدخل دولي عاجل لوقف التصعيد.وطالب بسام شكري بوقف فوري للحرب تحت رعاية وضمانات دولية، محذرًا من أن استمرار القتال سيؤدي إلى تدمير شامل للمنطقة خلال أسابيع قليلة، خاصة مع التقارير التي تشير إلى تغيير كبير في أساليب الحرب قد يحدث في الأيام القادمة، مما قد يفاقم الكارثة الإنسانية والبيئية.