أخطر اعترافات منشقين عن “الإخوان”: نقطع صلتنا حتى بآبائنا

– يروون تجربتهم من خلف قضبان «القاهرة تحقيق».. ويكشفون فضائح صادمة للقيادات يحلو لجماعة «الإخوان» الإرهابية تصدير صورة مثالية عن نفسها، تدّعى تحلى أفرادها بـ«الثبات على المبدأ»، و«الانضباط العقائدى»، والولاء للجماعة ككيان تنظيمى لا يخطئ، لكن ما إن تجمعوا خلف القضبان، وضاقت الزنازين بهم، واشتدت العزلة عليهم، بعد سقوط حكم التنظيم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، حتى بدأ القناع فى التآكل، وتكشفت الوجوه على حقيقتها.داخل السجون، لم تكن معاناة «الإخوان» فقط فى الحبس، بل امتد الخط على استقامته ليشمل انقسامات داخلية مريرة، وصراعات فكرية وتنظيمية، وصلت فى بعض الحالات إلى تكفير صريح للمنشقين أو المخالفين، واتهامات بالخيانة بين قادة الجماعة، وتبرؤ أبناء قادة «الإخوان» من آبائهم، فى محاولة للإفلات من العقاب.شهادات عديدة جمعها «كاتب هذه السطور» من داخل السجون، بعد أن زاملهم لفترة فى سجن «القاهرة تحقيق» بمجمع سجون طرة، قبل سنوات، تكشف عن أن بعض قيادات «الإخوان» وصلوا إلى حد تجاوز «داعش» فى تكفير الآخرين، لمجرد أنهم خالفوا «السمع والطاعة»، أو تساءلوا عن قرارات الهروب الجماعى لقيادات الخارج عقب فض اعتصام «رابعة».ورغم العداء المعلن من الجماعة خلف القضبان، حاول كاتب هذه السطور قدر الإمكان، أن يكون منصفًا ومتجردًا فى نقل شهادات المنشقين داخل السجون، مُلتزِمًا بشرف الخصومة، ومُحافظًا على من استمع إلى شهاداتهم بذكر الحروف الأولى فقط من أسمائهم، لحمايتهم من تعرضهم لملاحقات داخل السجون، أو خارجها فيما بعد.فى السطور التالية، ننشر أبرز هذه الشهادات التاريخية التى تكشف مدى تآكل الثقة داخل تنظيم «الإخوان»، وحرب التكفير والخيانة التى اجتاحت قياداته وأفراده داخل السجون، وكيف تحولت الزنازين إلى محاكم فكرية.نجل «مفتى الإخوان» يتبرأ من والده للخروج: «اعتبرونى نجل سيدنا نوح»البداية من «م. هـ»، المحبوس على ذمة قضية «كتائب حلوان» فى سجن «القاهرة تحقيق» بمجمع سجون طرة، الذى قال: «ما جعلنى أنشق عن الإخوان خلف القضبان، هو تبرؤ (عبدالله)، نجل عبدالرحمن البر، مفتى الجماعة عضو مكتب إرشادها، المحكوم عليه بالإعدام فى قصية اعتصام رابعة، والسجن ٢٠ عامًا فى قضية أحداث الاتحادية، واغتيال الشهيد الحسينى أبوضيف». وأضاف المنشق الإخوانى: «عبدالله عبدالرحمن البر نفى صلته بجماعة الإخوان واعتناق فكر والده، أمام جهات التحقيق، بقوله: (يا فندم، سيدنا نوح كان مؤمنًا، بينما كان نجله كافرًا، وليست لى علاقة بما يفعله والدى».وواصل: «هكذا يتبرأ أعضاء جماعة الإخوان من كل شىء، ما دام أن هذا التبرؤ يحقق أهدافهم، ويقربهم من أغراضهم، بكل بساطة ويسر، لا يجد نجل عبدالرحمن البر غضاضة فى تشبيه نفسه بنجل سيدنا نوح، الذى كفر بأبيه ورسالته، ولا يجد أى حرج أيضًا فى تشبيه والده مفتى الإخوان بسيدنا نوح، فى محاولة مستميتة منه للإفلات من العقاب، ولو كان ذلك على حساب تكفير نفسه، والتبرؤ من والده وأفكاره». هذه الواقعة كانت كاشفة لعدد آخر من أعضاء «الإخوان» المحبوسين الذين انشقوا عن الجماعة خلف القضبان على إثرها، إلى جانب واقعة أخرى مماثلة، تتعلق بـ«محمد»، نجل القيادى الإخوانى صلاح سلطان، الذى حصل على عفو رئاسى، وانتشرت له صورة شهيرة وهو يقبل أرض مطار الولايات المتحدة الأمريكية، عقب وصوله إليها بعد الإفراج عنه، وسفره هناك لحصوله على الجنسية الأمريكية.التكفير يطول كل من يخالفهم حتى المدخن والنائم عن الصلاة من خيانة «الإخوان» لأفكارهم وقادتهم وأعضائهم خلف القضبان، إلى استخدام التكفير فى مواجهة خصومهم أو المنشقين عنهم، وضد المحسوبين على التيار المدنى، وفق التصنيف الإخوانى لهم خلف القضبان.شهادة المنشقين عن «الإخوان»، والمنتمين لأفكار أخرى وحبسوا معهم، تكشف عن أن فكر الجماعة القطبى التكفير- نسبة إلى سيد قطب- هو الفكر الحقيقى لها، وهو ما يؤكده خلال شهادته «إ. ع»، أحد المحبوسين داخل سجن «القاهرة تحقيق»، على ذمة قضية «مكملين ٢ الإعلامية».وقال «إ. ع»: «كنت محبوسًا داخل زنزانة فى عنبر ٢ بـ(شحن القاهرة تحقيق)، مع متهمين إخوان محبوسين على ذمة قضية أحداث بورسعيد، وفوجئت بأن جميع المتهمين فى تلك القضية يرفضون مشاركتهم فى الصلاة أو الطعام».وأضاف: «قرروا عزلى داخل الزنزانة، وحينما استفسرت عن سبب ذلك، قال أحد المحبوسين الإخوان: (لأنك كافر)، مبررًا ذلك بانتمائى إلى ما يطلق عليه قادة (الإخوان) داخل السجن: (التيار المدنى)، وهو ما جعل أيامى داخل السجن مريرة، والأوقات هناك تمر بصعوبة، بعد تكفيرى وتشويهى بين متهمى العنبر».لم تتوقف اتهامات التكفير التى أطلقها أعضاء «الإخوان» عند النظام الحاكم والتيار والمدنى والمنشقين عنهم، مع وصفهم بـ«الفئة الضالة الباغية التى يجب قتالها»، بل طالت حتى النائم وقت الصلاة، والمُدخنين.وقال «ح. س»، المسجون على ذمة القضية «٩٧٧ حصر أمن الدولة العليا»: «تم تسكينى بعد إلقاء القبض علىّ فى عنبر ٤ بـ(سجن القاهرة تحقيق)، وفى اليوم الأول من دخولى الزنزانة شعرت بالإرهاق الشديد، فنمت نومًا عميقًا أقرب إلى الإغماء، وحاول عدد من نزلاء الزنزانة الإخوان إيقاظى وقت الصلاة، فلم أستطع».وأضاف: «فى اليوم التالى، قرر مسئول الزنزانة تعذيرى، أى فرض عقوبة لتعذيرى، وهى عبارة عن تنظيف الزنزانة، وإعداد الطعام لنزلائها الإخوان لمدة أسبوع. وحينما رفضت قرروا عزلى واتهامى بالكفر».وروى «م. أ»، أحد المحبوسين على ذمة قضية «حسن مالك»، شهادة مماثلة، قائلًا: «كنت محبوسًا داخل عنبر ٢ فى (سجن القاهرة تحقيق)، مع مجموعة من المتهمين الإخوان على ذمة عدة قضايا، منها قضية (أحداث المطرية)، وكنت مُدخنًا بشراهة داخل السجن».وأضاف: «اصطدمت بـ(الشيخ صابر)، الإخوانى المحبوس على ذمة قضية (أحداث المطرية)، وهو يكفرنى أمام جميع متهمى الزنزانة، بعدما طلب منى الإقلاع عن التدخين، فرفضت، ليقول لى (التدخين حرام شرعًا.. والمدخن كافر لأنه يقتل نفسه)، فطلبت نقلى من هذه الزنزانة، لعدم تحملى تكفيرى لمجرد أننى مدخن».مؤسس «حسم» يسلم أعضاء الحركة بعد القبض عليه بدقائقواقعة أخرى تكشف مدى خيانة «الإخوان» لبعضهم بعضًا خلف القضبان، يكشفها «خ. أ» بقوله: «كنت محتجزًا فى أحد المقار الأمنية مع عبدالله الصواف، أحد مؤسسى حركة (حسم)، الذراع العسكرية لجماعة الإخوان عقب عزل الرئيس الراحل المعزول محمد مرسى، التى نفذت العديد من العمليات النوعية التى استهدفت القوات الأمنية، وتخريب منشآت ومرافق الدولة عقب ٣٠ يونيو».وأضاف المنشق عن «الإخوان»: «ذات يوم تم استدعاء عبدالله الصواف للتحقيق معه، وحينما عاد بعد أقل من ساعة، سألته: ماذا قلت فى التحقيقات؟، فقال: (كنت بسلم كام أخ فى حركة حسم)!».وواصل: «وقتها علمت أن قيادات الإخوان خائنون، وقررت أنشق عنهم، خاصة بعدما خالف مؤسس حركة (حسم) خطة (المرايا) المتفق عليها بين أعضاء الحركة، وتتضمن اتفاقهم على إجراء مكالمات هاتفية مع أعضاء الحركة كل ١٠ دقائق، وحينما لا يرد أى منهم، نعلم أنه تم القبض عليه. ونغير على الفور أماكن إقامتنا بالأسلحة».وأكمل: «وفقًا لهذه الخطة، العضو إذا أُلقى القبض عليه له أن يعترف بعد ٣ ساعات من وقت احتجازه، حتى يستطيع الآخرون الهروب من مقر إقامتهم، وتوفير مقر إقامة بديل، وهو ما لم يفعله عبدالله الصواف الذى خالف الخطة، وسلم قيادات الحركة، بعد دقائق من القبض عليه».محمود عزت يخون محمد كمال واقعة أخرى أشد فداحة، وتكشف على نحو أوضح مدى خيانة «الإخوان» لبعضهم بعضًا خلف القضبان، والتى يكشفها «م. م»، أحد المتهمين فى قضية «كتائب حلوان».قال المنشق عن «الإخوان»: «كنت فى عنبر ٢ بسجن القاهرة تحقيق، وعلمت واقعة جعلتنى أنشق عن الجماعة، وتأكدت منها بعد سؤال عدد كبير من أعضاء الجماعة خلف القضبان».أضاف المنشق: «هذه الواقعة تتمثل فى رسالة مُسربة من محمود عزت، نائب المرشد، لجميع أعضاء الجماعة المحبوسين، تطالبهم بالتبرؤ من محمد كمال، القائم بأعمال المرشد، بهدف تصفيته والتخلص منه، والتبرؤ من كل أعماله الإرهابية التى ارتكبها ضد القوات الأمنية، بعد الدفع به لتشكيل جناح مسلح لمواجهة الدولة».وواصل: «اكتشفت داخل السجون حقيقة الجماعة التى تدفع أعضاءها وقيادتها إلى المواجهة المسلحة، ثم سرعان ما تتبرأ منهم داخل السجون، بهدف الحفاظ على المكتسبات الباقية لها، كما يعتقد محمود عزت وخيرت الشاطر»، متابعًا: «هذه الواقعة الصدمة كشفت لى حقيقة قيادات الجماعة، التى سقطت جميع أقنعتها المزيفة خلف القضبان».«ع. أ»، المحبوس على ذمة قصية «حسن مالك»، كشف عن تفاصيل واقعة أخرى مماثلة، قائلًا: «اكتشفت مدى خيانة قيادات الإخوان لأفكارهم التى طالما ادّعوا التشبث بها، بعد واقعة إنكار القيادى الإخوانى صفوت حجازى انضمامه للجماعة، خلال التحقيقات معه، رغم تصريحاته السابقة طيلة فترة اعتصام رابعة، ومن بينها (اللى يرش مرسى بالمَية نرشه بالدم)، وهو ما جعلنى أراجع أفكارى، وأعلن انشقاقى عن التنظيم من داخل محبسى». سرقة طعام الزيارات من الأعضاء لصالح بديع وقيادات مكتب الإرشادلا تنتهى شهادات المنشقين عند حد خيانة قيادات مكتب الإرشاد لبعضهم بعضًا أمام جهات التحقيق، بل تمتد إلى خيانة أى عضو تنظيمى أو محب أو متعاطف خلف القضبان.وكشفت الشهادات التى جمعها كاتب هذه السطور عن مدى «تقديس» أعضاء الجماعة للمرشد محمد بديع، وأعضاء مكتب الإرشاد، وهو ما كشفه «م. أ»، المحبوس على ذمة قضية «رابعة».وقال «م. أ»: «الزيارات التى تأتى لأعضاء الجماعة فى السجون تحتوى على كل أصناف الطعام وبكميات كبيرة، لكن مسئول (الإخوان) فى العنبر كان يمنع أعضاء الزنزانة من تناوله».وأضاف: «هذا المسئول يبرر ذلك بأن المرشد العام لجماعة الإخوان، وأعضاء مكتب الإرشاد، المحبوسين فى سجن طرة ٩٩٢، فى حاجة لتناول هذا الطعام، خلال جلسات محاكمة المتهمين فى قضية رابعة، المنعقدة يومى السبت والثلاثاء من كل أسبوع».وواصل: «حينما يطلب أى عضو داخل الزنازين طعام الزيارات، يرفض مسئول الزنزانة ذلك، ويبرر رفضه بأن مرشد الإخوان وقيادات الجماعة يحتاجون إلى يود وأملاح وجلكوز وسكريات، خلال جلسات المحاكمة».وأكمل: «حينما يعترض أى عضو إخوانى على تصرفات مسئول الزنزانة، يُقدم على الإبلاغ عنه عند رئيس مباحث السجن بحيازته ممنوعات منصوص عليها داخل لائحة السجون، مثل الموبايلات وخطوط الاتصالات، وغيرها، لعقاب المخالفين بوضعهم فى غرف التأديب، بعد الإرشاد عنهم من مسئول الزنزانة الإخوانى».