نقاد: مجموعة "مهرة برية" تبتعد عن التصنيفات النمطية

استضاف مركز أفنان مصر الجديدة الثقافي، مناقشة المجموعة القصصية “مهرة برية” للكاتبة مني ياسين، أدار الندوة الناقد زكريا صبح، وشارك فيها كل من الكاتب والنقاد، نهى الرميسي، الدكتور محمد سمير رجب، وعادل عبد الرازق.
قصص منى ياسين تتمحور حول الحرية
واستهلت الكاتبة نهى الرميسي المناقشة مشيرة إلي أن مهرة برية تضم 27 قصة قصيرة تحاكي روح الإنسان الساعي لاكتشاف ذاته وسط عالم يحاصره بالقيود من كل جانب، وأكدت أن المجموعة تتمحور حول هاجس الحرية، حيث تتنقل بين تجارب إنسانية متفرقة، تُضيء كل قصة منها جانبًا من الصراع الإنساني مع الضغوط الاجتماعية.
ولفتت “الرميسي” إلى أن المجموعة تعبر بصدق عن روح متمردة تطمح إلى الانطلاق، كالمهرة التي تأبى الترويض، مشيدة بأسلوب الكاتبة المباشر والسلس، والذي يخاطب القارئ بلغة عربية فصحى بسيطة خالية من التعقيد.
الشخصيات عكست معاناة القمع والسعي نحو الخلاص
أشارت إلى تنوع ضمائر السرد بين المتكلم والغائب، ما أضفى حيوية على البناء السردي، وأن الشخصيات – ومعظمها نسائية – عكست معاناة القمع والسعي نحو الخلاص، كما أثنت على قدرة الكاتبة في التعبير عن المشاعر الإنسانية بلغة صادقة، وعلى تكثيفها اللغوي في بعض القصص، مما أضفى عمقًا وجمالًا خاصًا على النصوص.
واختتمت بأن مجموعة “مهرة برية” تحاول أن تقول شيئًا حقيقيًا عن الإنسان، لا سيما المرأة حين تواجه القيد وتحلم بالانطلاق، وهو ما يمنح الكتابة صدقًا وحرارةً لافتين.
المجموعة تبتعد عن التصنيفات النمطية بين الملائكة والشياطين
وبدوره أشار الناقد د. محمد سمير رجب، إلى أن مجموعة مهرة برية تبتعد عن التصنيفات النمطية بين الملائكة والشياطين، مؤكدًا أن النصوص لا تُظهر ضحايا ومجرمين بوضوح، بل الجميع يحمل نصيبه من الخطأ، وقال: “الكل أجرم.”
ورأى أن الكاتبة استخدمت الصدفة السردية بذكاء، لتُسخّر الظروف لصالح بطلاتها، فتُظهِرهن في موضع الضحية، مما يعكس قدرة واعية على اللعب الفني داخل الكتابة، وعلّق قائلًا: “لولا هذه القدرة، لا نكشف الوجه الحقيقي للجميع”.
ثناء على المقاطع السردية
كما تناول “رجب” التيمة الغالبة على المجموعة، وهي الانتقام، متسائلًا: “إذا كان الانتقام هو الشفرة التي تحكم أغلب القصص، فأين يكمُن التسامح والتجاوز بمفهوميهما الفلسفي والديني؟” وأثنى على المقاطع السردية التي وصفها بأنها فن خالص خالٍ من الشوائب، وخص بالذكر افتتاحيات “زقزقة العصافير”، “فرسة حرون”، و”سكة ماشية”، مؤكدًا أنها ترتقي أسلوبيًا وبلاغيًا.
وأشار إلى استمتاعه بالتحليلات النفسية العميقة التي تجلت في قصة “استبن”، والتي اعتبرها من أبرز نصوص المجموعة من حيث التناول النفسي، واختتم “نحن أمام كاتبة قوية، ولكن لا يزال هناك مناطق مظلمة في العالم، نرجو أن تُسلّط عليها الضوء في كتاباتها القادمة.
قدرة ملفتة للكاتبة على التجسيد الحسي للمواقف
ومن جانبه، أشاد الناقد عادل عبد الرازق بالقدرة ملفتة للكاتبة على التجسيد الحسي للمواقف، واصفًا لغتها بأنها “جريئة وقوية في التعبير عن المشاعر والانفعالات الحسية، لافتا إلى الاستخدام الذكي للرمزية والدلالات النفسية داخل القصص، مستشهدًا بأعمال مثل: “جريمة شرف”، “خيانة”، “هوس الصخرة”، و”كبرت الصغيرة”، حيث تحمل العناوين أبعادًا رمزية تستحق التفسير داخل سياق النصوص لما تحمله من أبعاد نفسية عميقة.
وأشار “عبد الرازق” إلى براعة الكاتبة في رسم الشخصيات، مؤكدًا أنها قادرة على تقديم ملامحها النفسية والداخلية بدقة، إلى جانب تماسك البناء السردي، خاصة في قصص مثل “رجل مناسب” التي أظهرَت فيها الكاتبة قوة في الطرح وتماسكًا في الفكرة.
تميز في صياغة جمل قصيرة ذات معنى مكثف
ونوّه عبد الرازق إلى تميز الكاتبة في صياغة جمل قصيرة ذات معنى مكثف، وهي مهارة سردية تمنح النصوص عمقًا وسرعة في التلقي.
وفي تعليقه على البعد الزمني، أشار إلى أن “المرأة في هذه القصص تنتصر، ولكن الزمن والعمر قد يشكّلان تهديدًا لذاك الانتصار.”
واختتم أن منى ياسين، نجحت بوضوح في التعبير عن مشاعر المرأة المختلفة بحرفية وجرأة، وهذا يُحسب لصالحها كنص وككاتبة”.