من هو هنريك سينكيفيتش الفائز بنوبل؟.. إليكم نظرة على أعماله

من هو هنريك سينكيفيتش الفائز بنوبل؟.. إليكم نظرة على أعماله

في مثل هذا اليوم وتحديدًا 5 مايو لعام 1846 وُلد الكاتب البولندي هنريك سينكيفيتش في قرية وولا أورجيسكا بمحافظة لوبلين البولندية، التي كانت آنذاك تابعة للإمبراطورية الروسية، وأمضى سنوات طفولته الأولى قريبًا من الطبيعة، ما زرع في قلبه حبًا عميقًا لتراب وطنه وجماله.

هنريك سينكيفيتش.. من الفلسفة إلى الصحافة

عندما شبَّ هنريك سينكيفيتش، التحق بجامعة فرصوفيا لدراسة الفلسفة، ثم بدأ مشواره المهني في مجال الصحافة، ومنها انطلق نحو عالم الأدب، وقد تأثر بثورة بولندا عام 1863، التي تم إخمادها 1864، وكان لهذه الأحداث أثر بالغ في نفسه، كما في بلاده وتاريخها الذي قلّما عرف الاستقرار.

اشتهر هنريك سينكيفيتش بلقب “الكاتب الذي ذكّر أوروبا بوطنه المنسي”، وبرز في الأدب الرومانسي التاريخي، وكان من أوائل من تناولوا حياة الفلاحين في كتاباتهم، مانحًا إياهم حضورًا سرديًا نادرًا.

هنريك سينكيفيتش وحياة حافلة بالتنقل والتجربة

وُلد هنريك سينكيفيتش في عائلة امتلكت ضيعة صغيرة، لكنها فقدت كل شيء لاحقًا، ما دفع العائلة للانتقال إلى وارسو، حيث درس الأدب والتاريخ وفيلولوجيا اللغة في جامعة وارسو، لكنه ترك الجامعة عام 1871 دون الحصول على شهادة، بعد أن بدأ بالفعل في نشر مقالات نقدية منذ عام 1869، متأثرًا بالفلسفة الوضعية، التي كانت تيارًا فكريًا سائدًا في أوروبا آنذاك، يركّز على إنجازات العلوم.

بدايات هنريك سينكيفيتش الأدبية

في عام 1872، نُشرت أولى رواياته بعنوان Na marne (“عبثًا”)، وتبعتها أول قصة قصيرة له “الخادم العجوز” 1875، وما بين 1876 و1878، سافر “سينكيفيتش” إلى الولايات المتحدة، ثم أقام لفترة طويلة في باريس قبل أن يعود إلى بولندا.

مؤلفات هنريك سينكيفيتش

عاد هنريك سينكيفيتش إلى بلاده ليبدأ في نشر عدد من القصص القصيرة الناجحة، من أبرزها: يانكو الموسيقي (1879)، حارس المنارة (1882)، وبارتيك المنتصر (1882)، وقد نُشرت القصة الأخيرة ضمن مجموعة بعنوان “رسومات بالفحم وقصص أخرى” (1990)، كما جُمعت مختارات من أعماله في “قصص مختارة” (1976).

بين عامي 1882 و1887، شارك في تحرير صحيفة يومية شهيرة بعنوان “سوافو” (Słowo)، وفي عام 1900، واحتفاءً بمرور ثلاثين عامًا على مسيرته الأدبية، قدّم له الشعب البولندي ضيعة صغيرة في أوبلينجوريك قرب مدينة كييلتسه في جنوب وسط البلاد، حيث عاش حتى عام 1914.

ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى، انتقل إلى سويسرا، حيث تعاون مع السياسي وعازف البيانو الشهير إيجناسي باديريفسكي في الترويج لقضية استقلال بولندا، وتنظيم حملات إغاثة لضحايا الحرب البولنديين.

بدأت ثلاثيته التاريخية الشهيرة بالظهور في صحيفة “سوافو” منذ عام 1883، وضمت:بالنار والسيف (1884) وتحولت إلى فيلم عام 1999، الطوفان (1886) وأُنتج عنها فيلم عام 1974، والنبيل الصغير (بان ميخاو) (1887–1888) وعُرفت أيضًا بعنوان “نار في السهوب”، وتم تحويلها إلى فيلم عام 1969

تدور أحداث الثلاثية في أواخر القرن السابع عشر، وتتناول صراعات بولندا ضد القوزاق، التتار، السويديين، والعثمانيين، مركّزة على بطولات البولنديين في إطار ملحمي، بلغة واضحة وسرد بسيط، وتُعد رواية “بالنار والسيف” أبرز هذه الأعمال، حيث تصوّر محاولة البولنديين قمع تمرد قوزاق زابوروجي بقيادة بوهدان خملنيتسكي.

ومن أبرز أعماله أيضًا رواية “كوفاديس؟” (1896)، وهي رواية تاريخية تدور أحداثها في روما إبان حكم الإمبراطور نيرون، وقد تُرجمت إلى العديد من اللغات وأسهمت في ترسيخ شهرته عالميًا، ورغم ما وُجه لأعماله الكبرى من انتقادات تتعلق بالمبالغة الدرامية أو نقص الدقة التاريخية، إلا أنها تميزت بقوة السرد وبراعة رسم الشخصيات.

هنريك سينكيفيتش وجائزة نوبل

تُوّج هنريك سينكيفيتش مسيرته الأدبية بالحصول على جائزة نوبل في الأدب عام 1905، وذلك “بسبب مزاياه البارزة ككاتب ملحمي”، وكان من أوائل الكتاب البولنديين الذين نالوا هذه الجائزة الرفيعة، مؤكدًا عبر أعماله قدرة الأدب على توحيد الهوية الوطنية وتعزيز قيم الصمود والاستقلال.