نتنياهو يبتلع غزة.. أسرار خطة «مراكب جدعون» الاستعمارية

أطلقت إسرائيل اسم «مراكب جدعون» على خطتها الجديدة لتوسيع العمليات العسكرية فى غزة، بما فى ذلك احتلال القطاع بالكامل.
و«جدعون» إحدى الشخصيات البارزة فى «التوراة»، ووُصف بأنه أحد قضاة بنى إسرائيل الذين استخدمهم الله لقيادة الشعب فى فترات الأزمات، خاصة فى زمن كان فيه بنو إسرائيل يعانون من اضطهاد المديانيين.
وبحسب النص التوراتى، عانى بنو إسرائيل من اضطهاد المديانيين لسنوات بسبب «ابتعادهم عن عبادة الله»، ومن ثم أرسل الله ملاكًا لجدعون ليكلفه بقيادة بنى إسرائيل وتحريرهم من العدو.
ووفق «التوراة» تردد «جدعون» فى البداية، لكنه طلب علامة من الله، فلما تحققت استجاب للدعوة، وكوّن جيشًا صغيرًا «٣٠٠ رجل فقط»، بناءً على توجيه إلهى، وهزم به جيش المديانيين.
صادق المجلس السياسى الأمنى الإسرائيلى المصغر، «الكابينت»، بالإجماع، على خطط لتوسيع نشاط الجيش الإسرائيلى داخل قطاع غزة، بما يتضمن إعادة احتلاله.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الإسرائيلية، عن مصدر بالحكومة قوله، إن الخطة الجديدة تم اقتراحها من قبل إيال زامير، رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، وتتضمن احتلال القطاع والبقاء فيه.
وأشارت إلى أن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وافقت بأغلبية كبيرة على إمكانية توزيع مساعدات إنسانية، فى حال لزم الأمر، وفق آلية «تمنع حركة حماس الفلسطينية من السيطرة عليها، ما يدمر قدرتها على الاستمرار فى حكم القطاع».
وشهدت جلسة الكابينت الإسرائيلى مناقشات مطولة حول الخطوات التالية، التى تركزت على «آلية خطة احتلال غزة»، و«آلية إدخال المساعدات الإنسانية دون سيطرة حماس»، حيث استمرت الجلسة لمدة ٧ ساعات متصلة، دون مشاركة رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلى، «الشاباك»، مع حضور نائبه بدلًا منه.
وركزت المناقشات على الأهداف التى يجب تحقيقها، على رأسها دفع سكان غزة إلى جنوب القطاع، و«حرمان حماس من القدرة على توزيع الإمدادات الإنسانية»، و«شن هجمات قوية ضد الحركة حتى هزيمتها».
وقال رئيس الأركان الإسرائيلى، خلال الاجتماع: «إننا فى طريقنا لهزيمة حماس، وهذا سوف يساعد فى إعادة المحتجزين».
من جانبه، أعرب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، عن دعمه الكامل خطة «زامير»، قائلًا: «هذه خطة جيدة لأنها يمكن أن تحقق الهدفين، هزيمة حماس وإعادة المحتجزين».
وأضاف نتنياهو أن الخطة تختلف عن سابقاتها فى أن إسرائيل «سوف تنتقل من طريقة الاقتحامات إلى احتلال الأراضى والبقاء فيها».
وأشار إلى أنه يواصل الترويج لخطة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، التى تهدف لـ«مغادرة الفلسطينيين من غزة فى هجرة طوعية»، مشددًا على أن هناك اتصالات تجرى بهذا الشأن مع عدة دول، دون أن يسميها.
وفى ختام الاجتماع، تمت الموافقة على خطط لتكثيف القتال، مع توسيع نطاق تعبئة الاحتياط.
وشهدت الأيام القليلة الماضية إبلاغ العديد من قادة الاحتياط بالجيش الإسرائيلى مرءوسيهم بضرورة الاستعداد لـ«تعبئة غير مخطط لها».
وحسب خطة رئيس الأركان الإسرائيلى، فإن الألوية سوف تنتقل إلى غزة، حيث يشغل الجيش الإسرائيلى حاليًا لواءى «جولانى» و«جفعاتى» فى القطاع، بالإضافة إلى اللواءين المدرعين ١٨٨ و٤٠١، وللمرة الأولى تعمل كتائب الهندسة القتالية الثلاث النظامية هناك بالتوازى مع العمليات.
ومن المرجح أن تنقسم قوات الاحتياط التى سيتم تفعيلها إلى قسمين: كتائب ستكون مهامها هجومية فى قلب قطاع غزة، بالإضافة إلى ألوية ستحل محل الألوية النظامية لتنفذ المهام المقررة فى العملية الجديدة.
وكذلك، تمت الموافقة، بشكل مبدئى، على «مخطط توزيع المساعدات الإنسانية المستقبلية فى غزة»، رغم معارضة إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومى الإسرائيلى.
وتنص الخطة على «توزيع المساعدات الإنسانية فى المستقبل، وليس الآن»، وسط ترجيحات بأنه يمكن تفعيل تلك الخطة بعد توسيع العمليات العسكرية داخل القطاع، على أن يتم التوزيع، وفقًا للمقترحات، «عبر صندوق دولى يضمن بدوره التأكد من عدم وصول المساعدات إلى حماس».
وشهدت المناقشات خلافًا بين «بن غفير» و«زامير»، أبدى فيه الأول اعتراضه على توزيع المساعدات، قائلًا: «لا أفهم لماذا يجب منحهم مساعدات إنسانية؟.. لديهم ما يكفى من الطعام هناك.. نحن بحاجة إلى قصف مخازن حماس».
وأضاف: «ليس علينا أى التزام قانونى بتوفير الطعام لهم، فمن نقاتلهم لديهم ما يكفى من الطعام، ولا أفهم كيف يُفرض علينا تقديم المساعدة تلقائيًا لكل من يقاتل ضدنا.. أين ينص القانون الدولى على ذلك؟».
واعترض رئيس الأركان الإسرائيلى على ذلك، واصفًا الأمر بـ«التصريحات الخطيرة»، ما استدعى تدخل «نتنياهو» لإنهاء الخلاف.
إلى ذلك، قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، البريطانية، أمس، إن أكثر من ٩٠٠ فلسطينى قُتلوا فى الضفة الغربية المحتلة منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، فى الوقت الذى وسّعت فيه إسرائيل عملياتها العسكرية إلى هذه المنطقة، عبر تنفيذ غارات جوية مكثفة أودت بحياة العديد من المدنيين، من بينهم النساء والأطفال.
وبعد توقف دام ١٧ عامًا، استأنف الجيش الإسرائيلى غاراته الجوية فى الضفة الغربية، حيث نفذ، حسبما أبرزت الصحيفة البريطانية، عشرات الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة وطائرات الهليكوبتر الحربية، وفى حالة واحدة على الأقل، كانت هناك طائرة مقاتلة.
وفى وقت سابق من هذا العام، نشر جيش الاحتلال دبابات هناك لأول مرة منذ أكثر من ٢٠ عامًا، حيث شن عملية ضد من وصفهم بـ«مسلحين» فى مخيمات اللاجئين فى جنين وطولكرم ونور شمس.
من جهتها، سلطت «فاينانشيال تايمز» الضوء على التدمير الذى أحدثته العملية الإسرائيلية الأخيرة فى البنية التحتية هناك، حيث مزقت قوات الاحتلال الطرق وهدمت المنازل وشردت عشرات الآلاف من الأشخاص، ورافق ذلك قيود شاملة على الحركة وضغط اقتصادى خانق قلب الحياة اليومية لسكان الضفة الغربية البالغ عددهم ٣.٣ مليون نسمة رأسًا على عقب.