بين الملاعب والشاشة.. الوجه الآخر للمايسترو صالح سليم

في السادس من مايو لعام 2002، غيب الموت صالح سليم، أحد أبرز رموز الرياضة والفن في مصر، ليس فقط باعتباره “المايسترو” الذي قاد النادي الأهلي لاعبًا ورئيسًا، بل أيضًا بوصفه شخصية متعددة الأوجه تركت بصمتها في مجالات متعددة، ورغم شهرته الطاغية في عالم كرة القدم، فإن له وجوهًا أخرى نسلط عليها الضوء خلال السطور التالية..
صالح سليم.. الرياضي الذي عشق التمثيل
بعيدًا عن المستطيل الأخضر، خاض صالح سليم تجربة فنية فريدة، فشارك في أفلام سينمائية بارزة، أبرزها “الشموع السوداء” (1962) أمام نجاة الصغيرة، حيث قدّم شخصية مركبة لرجل فاقد للبصر، استطاع أن يؤديها بحس عالٍ، وأثبت أنه يمتلك حضورًا سينمائيًا لا يقل عن نجوميته الرياضية، كما ظهر في فيلم “السبع بنات”، وكذلك “الباب المفتوح” أمام سيدة الشاشة العربية الفنانة فاتن حمامة.لم تكن تلك التجربة مجرد نزوة فنية، بل كانت انعكاسًا لثقافته واهتمامه بالمسرح والفنون، وهو ما عبّر عنه لاحقًا بقوله: “الكرة والفن كلاهما يحتاج إلى إحساس وتقدير للجمال، لكنني اخترت أن أُخلص لكرة القدم أكثر”.
صالح سليم.. الإنسان الحاسم والهادئ
عرفه الجميع بصرامته وانضباطه، لكنه كان خلف الكواليس إنسانًا شديد التواضع، محبًا للثقافة والفن، وكان مجلسه يضم كُتّابًا ومبدعين، كما كان قارئًا نهمًا، مهتمًا بالفكر والسياسة، ويتحدث الفرنسية بطلاقة، ما ساعده لاحقًا في تمثيل الأهلي في المحافل الدولية.لم يكن يحب الأضواء، وكان يبتعد عن الصحافة رغم كونه مادة دسمة لها. لم يكن يتحدث كثيرًا، لكنه حين يتكلم يُصغي الجميع، وكان يمتلك كاريزما تستند إلى الاحترام لا الاستعراض.
صالح سليم.. رائد الإدارة الرياضية الحديثة
عندما تولّى صالح سليم رئاسة النادي الأهلي، أحدث ثورة إدارية حقيقية، اعتمد فيها على التخطيط والمؤسسية والشفافية، ولم يكن رجل مناصب، لكنه قبل التحدي ليخدم النادي الذي عشقه، ورفض خوض الانتخابات أكثر من مرة، مؤمنًا أن المناصب وسيلة لا غاية.كانت إدارته تتميز بالحزم والانضباط، ورفض الخضوع لأي ضغوط سياسية أو إعلامية، حتى قيل إنه كان يحظى باحترام الخصوم قبل الأنصار، وكان وراء إنشاء العديد من المنشآت الرياضية التي ما زالت قائمة، وتأسيس قاعدة إدارية للنادي الأهلي لا تزال مرجعًا في الإدارة الرياضية.