زهيرة عابدين.. "أم الأطباء" التي زرعت الرحمة في عيادة الفقراء

في مثل هذا اليوم قبل 23 عامًا، غيّب الموت واحدة من أنبل رموز الطب والرحمة في مصر، الدكتورة زهيرة عابدين، التي لقبت بـ”أم الأطباء” ليس فقط لأنها كانت من أوائل خريجات كلية الطب في مصر، بل لأنها كرّست حياتها لخدمة الفقراء والمحرومين، وجعلت من عيادتها منارة للرحمة قبل أن تكون مكانًا للعلاج.
بدايات زهيرة عابدين
في 15 يونيو لعام 1917 ولدت زهيرة عابدين لأسرة أرستقراطية، إذ كان والدها عضوًا في مجلس الشيوخ المصري، حفظت القرآن الكريم في طفولتها، ودرست في مدارس تبشيرية ثم التحقت بـ”مدرسة السنية”، قبل أن تتفوق في الثانوية العامة عام 1936 وتلتحق بكلية الطب، لتصبح أول فتاة محجبة بين زملائها في الجامعة.في عام 1949، أصبحت أول طبيبة عربية تحصل على شهادة الزمالة من الجمعية الطبية بإنجلترا، وأول من تنال عضوية كلية الأطباء الملكية بلندن، وهي إنجازات غير مسبوقة في زمن كانت فيه المرأة تُحجّم في المجالين الأكاديمي والمهني.تخصصت زهيرة في طب الأطفال والروماتيزم، وقدمت أكثر من 120 بحثًا نُشر في مجلات علمية عالمية، وأسست أول وحدة لصحة الطفل في وزارة الصحة. غير أن ما ميز مسيرتها لم يكن التفوق الأكاديمي فقط، بل العمل الميداني الإنساني، خاصة في الأحياء الفقيرة، حيث أنشأت عيادات ومدارس ومؤسسات خيرية.
زهيرة عابدين.. منارة العطاء
على مدار عقود، أسهمت زهيرة عابدين في إطلاق مبادرات اجتماعية وتعليمية وصحية كان لها أثر بالغ في المجتمع المصري، منها: جمعية أصدقاء مرضى روماتيزم القلب للأطفال (1957)، التي ساعدت على خفض نسب الإصابة القاتلة إلى أقل من 4%، دار رعاية الطلبة المتفوقين والمعوزين (1962)، سلسلة مدارس الطلائع الإسلامية، التي جمعت بين التعليم الحديث والهوية الدينية، دار سعادات للمسنات ومؤسسات عديدة لرعاية النساء والأطفال، معهد صحة الطفل الذي اهتم بالوقاية من أمراض الطفولة المبكرة، ومساهمتها في تأسيس كلية دبي الطبية للبنات، وتولّت عمادتها سبع سنوات، كما ساهمت في مشاريع تنموية بحي الحسين، منها حضانات ومشاغل تعليمية ودور مغتربات، وجعلت من العمل الأهلي سبيلًا لتغيير حقيقي في حياة الفئات الأكثر ضعفًا.
تكريم زهيرة عابدين
حصلت زهيرة عابدين على الدكتوراه الفخرية من جامعة أدنبرة (1980)، وكانت المرأة الوحيدة عالميًا التي تنال هذا الشرف آنذاك، كما حصلت على جائزة إليزابيث نورجل العالمية (1992)، ووسام “أم الأطباء” من نقابة الأطباء المصرية عام 1990، والجائزة التقديرية في العلوم الطبية التطبيقية عام 1996.