طارق فهمي لـ"الدستور": اليمن يدخل معادلة التصعيد الإقليمي

قال طارق فهمي استاذ العلوم السياسية الدولية، إن المشهد الإقليمي يشهد تطورًا خطيرًا خلال الأيام الأخيرة، لا سيّما فيما يتعلق بالوضع في اليمن، الذي بات يمثل إحدى الجبهات الملتهبة والمتداخلة في الصراع الإقليمي والدولي. وأضاف فهمي، لـ”الدستور” أن الضربات العسكرية المتزامنة التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا، بجانب العمليات الجوية الإسرائيلية، لا يمكن فصلها عن سياق استراتيجي أوسع يهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة، وتحديدًا في جنوب الجزيرة العربية.
الحوثي باتجاه أهداف اسرائيلية
وتابع أن ما يحدث ليس مجرد رد مباشر على الصواريخ التي أطلقتها جماعة الحوثيين باتجاه أهداف إسرائيلية، من بينها مطار بن غوريون، بل هو جزء من سياسة تنسيق أمني دولي متقدّمة تُدار بعناية بين القوى الغربية وإسرائيل ويُراد منها إيصال رسائل ردع متبادلة، وتعزيز الحضور العسكري والسياسي لهذه الأطراف في قلب المشهد اليمني.وأشار فهمي الى أن المثير للانتباه أن بعض المواقع التي استُهدفت تخضع لرقابة إعلامية وعسكرية صارمة، ما يعكس حجم التعقيد والخصوصية في الأهداف، والتي على الأرجح ترتبط بقدرات استراتيجية أو مراكز قيادة وتحكم.وأوضح أن الرقابة التي فُرضت على المعلومات حول طبيعة هذه الضربات تُشير بوضوح إلى أن ما يجري يتجاوز العمليات الروتينية أو الدفاعية، ويتجه نحو فرض معادلة جديدة في التعامل مع الحوثيين، بصفتهم فاعلًا غير دولتي لكن له امتدادات إقليمية واضحة.من الناحية الإسرائيلية، أشار إلى أن الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو تستثمر هذا التصعيد في محاولة لتثبيت جبهة اليمن كواحدة من أبرز التحديات الأمنية التي تواجه الدولة العبرية ضمن سبع جبهات مصنفة كمصدر تهديد مباشر للأمن القومي الإسرائيلي. وقال إن هذه المقاربة تُستخدم داخليًا لتعزيز مكانة الحكومة سياسيًا، وزيادة التفاف الرأي العام حول القيادة العسكرية، في ظل التراجع الواضح في شعبية نتنياهو واحتدام الصراع الداخلي بشأن خيارات الحرب والسلام. على المستوى الدولي وتابع “فإن انخراط الولايات المتحدة وبريطانيا في تنفيذ ضربات مباشرة داخل اليمن يُعد تطورًا مقلقًا، ويعبّر عن تحوّل في قواعد الاشتباك فبدلًا من الاكتفاء بالدعم اللوجستي أو الاستخباراتي، نحن الآن أمام تدخل عسكري مباشر يضع المنطقة على حافة تصعيد أمني أوسع، وربما مفتوح والأخطر من ذلك، أن هذا التصعيد يتم في ظل انسداد المسارات السياسية، وانعدام أي أفق حقيقي للتسوية أو التهدئة.وأوضح ان الأوضاع الإنسانية في اليمن مرشحة لمزيد من التدهور، إذ أن استمرار العمليات العسكرية بهذا الشكل سيؤدي إلى تفاقم الكارثة القائمة أصلًا، ويجعل من الاستجابة الدولية مجرد مسكّن مؤقت في ظل غياب الحلول الجذرية.وختم فهمي تصريحاته نحن أمام لحظة مفصلية تعيد ترتيب التوازنات في المنطقة، وتضع جميع الأطراف أمام خيارات صعبة، في وقت تتقاطع فيه المصالح المحلية والدولية في مسرح اليمن المتعدد الأبعاد.”