"الأئمة…. دعائم الأمن القومى"

أتابع بكل التقدير والإهتمام تلك الجهود الكبيرة التى يبذلها فضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهرى وزير الاوقاف منذ توليه مسئولية تلك الوزارة المهمة والتى تعنى بمخاطبة جموع المصريين على مدار اليوم سواء فى المساجد أو المعاهد أو الجامعات وكذلك فى وسائل الإعلام المختلفة من خلال الأئمة المعتمدين لديها والذين يقع عليهم العبء الأكبر فى التوعية والتوجيه والإرشاد نحو الدين الإسلامى الوسطى الذى يدعو إلى التسامح والرحمة والوسطية.
كان لى الشرف فى فترة من الفترات أن شاركت فى العديد من الدورات التدريبية التى كانت تنظمها الوزارة إلى أن تولى الدكتور/ الأزهرى قيادتها…و فى أعقاب ذلك أصدر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى توجيهاته بأن يتم وضع برنامج تدريبى متكامل يعنى بصقل مهارات الأئمة علميًا وثقافيًا وسلوكيًا بالتعاون مع مؤسسات الدولة الوطنية وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية بهدف الإرتقاء بمستوى الأداء الدعوى وتعزيز أدوات التواصل مع المجتمع ليكون الإمام نبراسًا للوعى متمكنًا من البيان بارعًا فى الإقناع أمينًا فى النقل حاضرًا بوعى نافذ وإدراكٍ عميق بمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة…هذا ما ورد فى كلمة السيد الرئيس فى إحتفالية تخريج وتأهيل 550 إمامًا بعد دورة تدريبية بالأكاديمية العسكرية أستمرت 24 أسبوعًا وذلك فى يوم 22 من شهر إبريل الماضى….ومنذ هذا التاريخ وأنا أتابع وأتواصل مع العديد من شباب الأئمة الذين شاركوا فى تلك الدورة حيث لمست من خلال حديثى معهم ذلك التحول الإيجابى والنضج والوعى فى فهم المهام الموكولة إليهم خاصة خلال تلك الفترة العصيبة التى تمر بها البلاد من ظواهر ليست خافية علينا من أهمها محاولات جماعة الإخوان الإرهابية العودة الى ساحة الأحداث مستغلين فى ذلك التطور الكبير الذى تشهده أساليب وسبل شبكات التواصل الإجتماعى وكذلك تزايد ظاهرة الإلحاد والطائفية والعنف والكراهية.
لقد جاءت فكرة تلك الدورة نتاج رؤية حقيقية على أرض الواقع لمسها السيد الرئيس الذى أستشرف المخاطر المحيطة بشبابنا وعلم مكامن هذه المخاطر وفكر فى كيفية مواجهتها بطرق غير تقليدية تتناسب مع الواقع والعصر المعاش وتتواكب مع ما يشهده العالم من تطور تكنولوجى هائل لا يقف عند حدٍ….ومن هنا جاءت فكرة تدريب الأئمة فى الأكاديمية العسكرية على كيفية مواجهة الفكر المتطرف من فوق المنبر بأسلوب حديث يواكب هذا التطور خاصة على وسائل السوشيال ميديا والتطبيقات المختلفة أمام الشباب بهدف تخريج إمام يستطيع مواجهة المخاطر المختلفة.
أنا هنا لا أستدعى حدثًا مهمًا تم منذ أسبوعين فى حضور السيد رئيس الجمهورية الذى شهد خلاله حصاد ما زرعه من فكرة تحولت إلى توجيه للحكومة وبصفة خاصة وزارة الأوقاف ثم أصبحت واقعًا معاشًا لمدة ستة أشهر هى مدة الدورة التدريبية التى حصل عليها أئمة وزارة الأوقاف الجدد حتى أصبحوا مؤهلين للدفاع عن الوطن ضد الأفكار الهدامة وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة ولكن أتحدث أيضًا عن تلك الجهود التى يبذلها فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى طوال هذه الفترة حيث أسفرت تلك الجهود الحميدة أن قام مجلس الشيوخ بدعوة فضيلته يوم الأثنين الماضى ليتحدث عن رؤية الحكومة وسياستها فى مجال تجديد الخطاب الدينى وتعزيز الفكر الوسطى وهو الدور الذى سوف يقوم به الدعاة الجدد فى مسيرتهم الدعوية والتوعوية الجديدة.
أكد الدكتور الأزهرى خلال عرض رؤيته على إهتمامه بتجديد الخطاب الدينى وفى إطار ذلك عقد العديد من جلسات النقاش والعصف الذهنى فى مجال علم النفس والقانون والإجتماع والصحافة والإعلام تم خلالها إستضافة عدد من الخبراء لإتقان وجمع رؤية مكتملة لتجديد الخطاب الدينى.
جاءت كلمة السيد وزير الأوقاف أمام مجلس الشيوخ الذى فتح ملف تجديد الخطاب الدينى بناءً على عدة طلبات مناقشة تقدم بها بعض السادة أعضاء مجلس الشيوخ ليؤكد أن الوزارة أعتمدت إستراتيجية من عدة محاور رئيسية تتمثل فى مواجهة الفكر المتطرف وتفكيك خطاب التكفير والعنف عبر تعبئة كافة إمكانات الوزارة فى جميع أنحاء الدولة المصرية لمكافحة التطرف وإطفاء نيران التطرف اللادينى بالإضافة الى التصدى لظواهر الإلحاد والتنمر والتحرش وإرتفاع حالات الطلاق وقضايا الميراث وذلك من خلال جنودها المتمثلين فى الأئمة والخطباء المؤهلين على أعلى مستويات العلم والمعرفة والرصانة والجرأة.
وبالإضافة الى ذلك فإن الوزارة تولى إهتمامًا خاصًا ببناء الإنسان وهو ما نادى به السيد رئيس الجمهورية من أجل أن يقوم بالإختراع والإبداع وصناعة الحضارة…وقد أسفرت كلمة السيد وزير الأوقاف عن إقتراح إنشاء هيئة وطنية لتجديد الخطاب الدينى يكون دورها الحرص على عدم التداخل بين المؤسسات الدينية والدولة وأن تكون تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء ويكون بها ممثلون دائمون للأزهر الشريف ووزارة الأوقاف والتعليم والتعليم العالى والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وممثل للقوات المسلحة بما هو مستحدث فى ملف تدريب الدعاة وممثلون من المجتمع المدنى.
ومع إحترامى لإقتراح مجلس الشيوخ فإننى أرى ضرورة إعطاء الفرصة لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أسامة الأزهرى للبدء فى تنفيذ تلك الإستراتيجية الطموحة التى وضعها وعرضها سواء أمام مجلس الشيوخ بالأمس القريب وكذلك أمام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إحتفالية تخريج أكثر من 500 إمام وداعية وواعظ بوزارة الأوقاف سوف ينتشرون فى أكثر من 500 مسجد على مستوى الجمهورية حيث أكد فضيلته إنه سوف يراعى توفير المناخ الصالح لهم لتحقيق الأهداف التى تدربوا عليها حيث سوف يراعى أن يكون الإمام قريبًا من أسرته والمنطقة التى تلقى فيها تعليمه ليكون مؤثرًا على أهل تلك المنطقة أو المركز أو المدينة وهذا بلاشك سوف يحقق لهم الشعور بالإرتياح النفسى والذهنى الذى يعينه على أداء عمله سواء داخل المساجد أو خارجها.
إننى أرى فى الدكتور أسامة الأزهرى شخصية القائد والقدوة لهؤلاء الدعاة والأئمة بعلمه الغزير ووعيه وثقافته الدينية والدنيوية وإقترابه وجدانيًا من المواطن البسيط الذى يعجب بحديثه وهدوئه ورصانته…ومن المؤكد أن دعم القيادة السياسية لفضيلته سوف يكون وقودًا يضاعف فيه مجهوده لتحقيق الهدف المأمول الذى يسعى إلى تحقيقه لخطاب دينى متجدد بعيدًا عن الشطط والتشدد والتطرف…إننى أرى فى هذا الرجل نموذجًا لما يجب أن يكون عليه رجل الدين المثقف والمنفتح على الحضارات والثقافات الأخرى… ومن هنا فليكن هو صاحب القرار فى إنشاء مثل هذه الهيئة حاليًا على الأقل وننتظر نتاج الجهد الذى بذله والعطاء الذى قدمه والدعم الذى حصل عليه من السيد رئيس الجمهورية والنجاح الذى تحقق خلال الدورة الناجحة التى قامت بها الأكاديمية العسكرية ليكون الأئمة الجدد من دعائم الأمن القومى المصرى سواء من فوق المنابر أو من خلال نشر صحيح الدين بالحكمة والموعظة الحسنة وهم بين عامة الشعب فى كل مكان على أرض الوطن الحبيب.