خبير: زيارة بعثة صندوق النقد تؤكد التزام مصر ببرنامج الإصلاح

قال الخبير الاقتصادي د.أشرف غراب أن زيارة بعثة صندوق النقد إلى القاهرة هذا الأسبوع تأتي ضمن إطار إجراء المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، للوقوف على مدى تنفيذ الحكومة للإصلاحات المتفق عليها مع الصندوق.أضاف غراب، لـ”الدستور” أن توقيت الزيارة يُعد مثاليا، لا سيما بعد اتخاذ الحكومة المصرية خطوات جادة في تنفيذ تعهداتها، وعلى رأسها قرارها الأخير برفع أسعار المحروقات وهو ما تم في أعقاب موافقة إدارة الصندوق في أبريل الماضي على صرف الشريحة الرابعة من القرض والتي بلغت 1.2 مليار دولار.وأضاف غراب أن هذه الزيارة تمثل نقطة تحول مهمة في مسار التعاون بين مصر وصندوق النقد، مشيرًا إلى أن المراجعة الخامسة تتزامن مع مؤشرات إيجابية على الساحة الاقتصادية الداخلية، ما يُعزز من فرص صرف الشريحة الخامسة من القرض في وقت قريب.ولفت إلى أن هذه الشريحة المرتقبة من تمويل الصندوق ستتزامن مع دفعة ثانية من تمويلات الاتحاد الأوروبي والتي تُقدّر بنحو 4 مليارات يورو، وهو ما سيعزز من السيولة النقدية بالعملة الأجنبية ويُحسن من أداء الاقتصاد المصري على المدى القصير والمتوسط.وأكد غراب أن تلك التدفقات المالية المتوقعة ستنعكس بشكل مباشر على استقرار سوق الصرف، حيث يُتوقع أن تُسهم في تقوية الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، نظرًا لزيادة حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية.وأشار إلى أن هذه التحركات ستقلل من الضغوط التضخمية الناتجة عن تذبذب سعر الصرف، وتُسهم في تيسير استيراد المواد الخام والسلع الاستراتيجية التي يحتاجها السوق المحلي.في السياق، أوضح غراب أن تنفيذ الحكومة للإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد خاصة القرارات المتعلقة بضبط الإنفاق العام وتحرير أسعار بعض السلع، يأتي في إطار سعيها نحو تحقيق توازن اقتصادي أكثر استدامة، مؤكدًا أن تلك الإجراءات، رغم تأثيراتها قصيرة الأجل، ستقود إلى نتائج إيجابية ملموسة على الاقتصاد القومي خلال المرحلة المقبلة، كما بيّن أن تلك الإجراءات ترفع من درجة الثقة في الاقتصاد المصري لدى المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين الأجانب، ما يُمهّد الطريق لمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.وتابع غراب حديثه بالإشارة إلى التحسن الواضح في عدد من المؤشرات الاقتصادية الكلية، أبرزها النمو في مصادر النقد الأجنبي، حيث شهدت إيرادات قطاع السياحة ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأشهر الماضية، إلى جانب استمرار تدفق تحويلات المصريين العاملين بالخارج بمعدلات مستقرة وعالية، كما شهدت البلاد تدفقات استثمارية جديدة في قطاعات مختلفة، أبرزها الطاقة المتجددة والصناعة والعقارات، الأمر الذي عزز من موارد البلاد من العملة الصعبة.ونوّه إلى أن هذه التحسنات ساهمت بشكل مباشر في ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى ما يزيد عن 48 مليار دولار، وهو رقم يعكس مدى قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية وتوفير العملة الأجنبية لتغطية احتياجات السوق المحلي، خاصة فيما يتعلق بتوفير المواد الخام ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعة، لافتًا إلى أن هذا الاحتياطي القوي من شأنه أن يعزز من استقرار الأسواق المالية ويُطمئن المستثمرين بشأن الوضع المالي لمصر.وشدد غراب على أن تحسن الأوضاع الاقتصادية في مصر لا يقتصر فقط على مؤشرات الأداء الكلي، بل يشمل أيضًا تحسنًا في مناخ الأعمال وجاذبية السوق المصرية للاستثمارات الأجنبية، مدعومًا بحزم الحوافز الاستثمارية التي قدمتها الحكومة، والتعديلات التشريعية التي تهدف إلى تيسير الإجراءات وتقليص البيروقراطية.وأشار إلى أن استمرار الحكومة في برنامج الإصلاح يعكس إرادة سياسية واضحة لتثبيت دعائم اقتصاد قوي ومتوازن، قادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، مع التأكيد على أهمية توازي تلك الإصلاحات الاقتصادية مع سياسات اجتماعية تحمي الفئات الأكثر تضررًا من آثار الإصلاح، وتضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة.وأكد غراب أن التعاون المثمر بين مصر وصندوق النقد الدولي يُعد شهادة ثقة دولية في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي والنمو، لافتًا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الاستقرار والتحسن في مختلف القطاعات الاقتصادية، وهو ما سيعود بالنفع على المواطنين من خلال تحسين مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل.