في ذكرى ميلاد.. فواديسواف ريمونت، الحائز على نوبل في الأدب عام 1924

في ذكرى ميلاد.. فواديسواف ريمونت، الحائز على نوبل في الأدب عام 1924

في مثل هذا اليوم، ولد أحد أعظم أدباء بولندا، الكاتب والروائي فواديسواف ستانيسواف ريمونت (Władysław Stanisław Reymont)، الذي لم يكن مجرد مؤلف نال جائزة نوبل في الأدب عام 1924، بل كان شاهدًا على عصره وناقلًا أمينًا لملامح الريف البولندي، وتحولات المجتمع في بدايات القرن العشرين.ولد ريمونت في 7 مايو 1867 في قرية كوبتشيويتسا الواقعة وسط بولندا، لعائلة متواضعة؛ كان والده موظفًا في السكك الحديدية، كما عمل لاحقًا كمنشد ديني، ما أتاح للطفل الصغير أن ينفتح على عالم الحكايات الشعبية والروح القروية التي طبعت أعماله اللاحقة.لم يتلق ريمونت تعليمًا أكاديميًا منتظمًا، إذ اضطر إلى ترك المدرسة مبكرًا للعمل في وظائف متعددة: من خياط، إلى ممثل جوال، ثم موظف بسيط في السكك الحديدية. لكنه في كل محطة من حياته، كان يلتقط الصور الحية للمجتمع البولندي، خصوصًا فئاته الفقيرة، ويحولها لاحقًا إلى أدب رفيع.

نوبل جاءت من قلب الحقول

في عام 1904، بدأ ريمونت في كتابة رائعته الخالدة “الفلاحون” (Chłopi)، وهي رواية ضخمة تتكون من أربعة أجزاء، يمثل كل جزء منها فصلًا من فصول السنة، تصور حياة القرويين في بولندا بكل ما فيها من صراعات طبقية، وتقاليد متوارثة، وصراعات على الأرض والحب والسلطة.كانت “الفلاحون” أكثر من مجرد وصف ريفي؛ كانت توثيقًا عاطفيًا وثقافيًا لأمة تبحث عن هويتها في ظل الاحتلال الروسي والنمساوي والألماني، وقد اتسمت الرواية بجمال لغوي شديد العمق، وبتقنية سردية استخدمت لهجات الريف البولندي في الحوار، لتمنح النص صدقًا فنيًا نادرًا.عام 1924، أعلنت الأكاديمية السويدية فوز ريمونت بجائزة نوبل في الأدب “تقديرًا لقوة وصفه الملحمي ولتصويره المميز للحياة الفلاحية”، ليتفوق بذلك على مرشحين كبار من عصره، منهم توماس مان، ويؤكد أن الأدب ليس حكرًا على العواصم أو الطبقات المثقفة، بل يمكن أن ينبع من قلب الحقول وعرق الفلاحين.

الواقعية التي نبضت بالحياة

لم يكن ريمونت كاتبًا متعاليًا على شخصياته، بل عاش بينهم وكتب عنهم بعيون من يعرفهم جيدًا. لذلك نجد في أعماله عمقًا إنسانيًا وصدقًا يندر أن يرى في أدب تلك المرحلة. ومن أبرز أعماله الأخرى رواية “الأرض الموعودة” (Ziemia Obiecana)، التي تناول فيها التحول الصناعي في مدينة لودز البولندية، وصراعات الطبقة العاملة ورأس المال، وقد تم تحويلها لاحقًا إلى فيلم شهير.

 

عانى ريمونت في سنواته الأخيرة من مشاكل صحية متفاقمة، خصوصًا بعد حادث قطار خطير عام 1900 كاد أن يودي بحياته. رحل في 5 ديسمبر 1925، عن عمر ناهز 58 عامًا، وترك خلفه تراثًا أدبيًا منفتحًا على نبض الإنسان البسيط، وضمير الريف الذي لا ينساه التاريخ.