اختراق علمي جديد يساعد في التنبؤ المبكر بظهور أعراض مرض الزهايمر الوراثي

اختراق علمي جديد يساعد في التنبؤ المبكر بظهور أعراض مرض الزهايمر الوراثي

يواصل العلماء تحقيق تقدم ملموس في فهم مرض الزهايمر، المرض العصبي التنكسي الذي يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ويؤدي إلى تدهور تدريجي في الذاكرة والتفكير والوظائف اليومية. وفي إنجاز علمي جديد، توصل باحثون إلى طريقة دقيقة للتنبؤ بموعد ظهور أعراض الزهايمر الوراثي المبكر، المعروف باسم الزهايمر العائلي، وذلك عبر تحليل تأثير الطفرات الجينية على إنتاج بروتين بيتا أميلويد في الدماغ.

يرتبط الزهايمر العائلي بثلاث طفرات جينية محددة في جينات PSEN1، PSEN2، وAPP. على الرغم من أن هذا النوع لا يمثل سوى أقل من 1% من حالات الزهايمر، فإنه يُعد نموذجًا حاسمًا لفهم تطور المرض،  يكمن جوهر الاكتشاف الجديد في العلاقة بين هذه الطفرات ومستويات ببتيدات بيتا أميلويد، التي تتراكم في الدماغ وتشكل لويحات تُعد من أبرز سمات الزهايمر.قاد البروفيسور لوسيا شافيز جوتيريز وفريقه البحثي من مركز VIB-KU Leuven هذا العمل الرائد، حيث حللوا أكثر من 160 طفرة في جين PSEN1 وحده،  ووجدوا أن نسبة الببتيدات القصيرة إلى الطويلة تُعد مؤشرًا تنبؤيًا دقيقًا لعمر ظهور الأعراض،  إذ يمكن لتغير بنسبة 12% فقط في هذه النسبة أن يُؤخر ظهور المرض حتى خمس سنوات، وهو ما يفتح الباب أمام تدخلات طبية استباقية.عبر تطوير نموذج تجريبي يستند إلى بيانات مختبرية وتحليل وراثي دقيق، تمكن الفريق من صياغة معادلة تُستخدم لتقدير تأثير كل طفرة بدقة، سواء في PSEN1 أو PSEN2 أو APP،  يُعد هذا التطور خطوة نحو “الطب الشخصي”، حيث يمكن تقديم خطط علاجية مبكرة ومخصصة للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالزهايمر الوراثي.من الناحية العلاجية، تؤكد هذه النتائج أهمية التدخل المبكر، لا سيما في ظل التقدّم في العلاجات المناعية التي تستهدف إزالة بروتين بيتا أميلويد من الدماغ، وتشير الدراسة إلى أن استهداف إنزيم غاما-سيكريتاز لإنتاج الببتيدات الأقصر قد يكون نهجًا فعالًا للوقاية أو تأخير ظهور المرض.يمثل هذا الاكتشاف خطوة جوهرية في رحلة فهم الزهايمر وتطوير علاجات أكثر دقة وفاعلية،  ومن خلال أدوات التنبؤ المبكر، بات الأمل أقرب من أي وقت مضى لتأخير أو حتى منع ظهور هذا المرض الذي يُعد أحد أكثر التحديات الطبية تعقيدًا في العصر الحديث.