من غزة لـ كشمير.. لماذا أصبح اندلاع الحرب قاعدة وليس إستثناء؟

سلطت شبكة سي ان ان الأمريكية، الضوء على الأحداث المشتعلة خلال هذه الفترة بين الهند وباكستان، مشيرة إلى أنه رغم اندلاع حرب شاملة لا يزال أمرًا غير مرجح، إلا أن تبدّل المعايير الدولية في ظل الحرب الدائرة بغزة وأوكرانيا يشير إلى إمكانية تصاعد أزمة كشمير.وقالت الشبكة في تقرير صادر لها إن سلسلة الضربات التي نفذتها الهند ضد باكستان ليلة أمس – والتي وصفتها نيودلهي بأنها رد على مقتل 26 شخصًا في هجوم إرهابي بكشمير الشهر الماضي، تأتي في وقت أصبح فيه اندلاع الحروب أمرًا طبيعيًا على الساحة الدولية، وسط تراجع تأثير النظام الدبلوماسي العالمي.
عملية سندور الهندية تعد أكثر عدوانية
ورغم أن الاشتباكات بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا ليست جديدة، فإن عملية “سندور” الهندية تُعدّ أكثر عدوانية من سابقاتها في عامي 2016 و2019، ما يرفع سقف التوتر مع باكستان، التي وصفت الضربات بـ “عمل حربي” وتوعدت بالرد.واستهدفت العملية الهندية تسعة مواقع داخل باكستان، ونشرت وزارة الدفاع الهندية لقطات تُظهر ما قالت إنه قصف لمعسكرات “إرهابية” أربعة من هذه الأهداف كانت في إقليم البنجاب الباكستاني، وهو ما لم يحدث منذ حرب 1971 بين البلدين.باكستان أعلنت مقتل 26 مدنيًا على الأقل، ورغم أن وزير الخارجية الهندي، فيكرام ميسري، قال إن الهدف من العملية هو “ردع ومنع” هجمات إرهابية مستقبلية، إلا أن إسلام آباد تعهدت بالرد، ما يثير التساؤلات حول مدى تصاعد هذا التصعيد المتبادل، كما أن الوضع مقلق للغاية، خاصة وأن كلا البلدين يمتلكان ترسانة نووية تقدر بـ170 رأسًا نوويًا لكل منهما، بالإضافة إلى قوات مسلحة ضخمة: لدى الهند 1.23 مليون جندي وأكثر من 500 مقاتلة، مقابل 560 ألف جندي وأكثر من 400 مقاتلة لدى باكستان.ورغم أن أحدًا لا يتوقع اندلاع حرب شاملة، إلا أن السياق العالمي المتغير يوحي بإمكانية تصاعد العنف بين القوتين النوويتين. القصف المتبادل مستمر بالفعل عبر خط السيطرة في كشمير، حيث أبلغت باكستان عن مقتل 5 من مواطنيها، فيما قالت الهند إن 7 قُتلوا لديها.ويقول سمير بوري من مركز “تشاتام هاوس” البحثي: “على مدار السنوات الثلاث الماضية، اختفى الاعتقاد بأن الدول لا تذهب إلى الحرب، وأصبح الأمر واقعًا يوميًا، وأتاح المجال للمخططين المتشددين في المناطق الساخنة حول العالم لتوسيع حدود تفكيرهم.”
اندلاع الحروب أصبح أمرا عاديًا
ووفقا للتقرير فأن غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022 مستمر، وسط ضربات يومية بالصواريخ والطائرات المسيّرة وفشل واضح في الوساطة الأمريكية، وفي الوقت ذاته، تخطط إسرائيل للاستيلاء على غزة من جديد في عمليتها العسكرية ضد حماس، بينما يبدو أن دونالد ترامب فقد اهتمامه بوقف حرب قتل فيها أكثر من 50 ألف فلسطيني.وقد أصبحت الهجمات العابرة للحدود أمرًا شائعًا، حيث ان إيران نفذت هجومين صاروخيين معقدين على إسرائيل في 2024، وكوريا الشمالية أرسلت قواتها للقتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا، في حين لا تنوي القوى الغربية إرسال قواتها لمساندة كييف.الهجمات العسكرية لم تعد تُحسب بدقة. على سبيل المثال، صاروخ أطلقه الحوثيون على مطار بن غوريون بتل أبيب وأصاب 4 أشخاص، أدى إلى رد إسرائيلي دمر مطار صنعاء بالكامل وتسبب بخسائر قدرها 500 مليون دولار، وأدى لتدمير 6 طائرات ومبانٍ رئيسية. ومع ذلك، تعهد الحوثيون بمواصلة الهجمات.أما مفاهيم “التناسب” في الردود العسكرية، والتي تهدف إلى تقليل الخسائر البشرية، فقد تآكلت حتى كادت تفقد معناها، مما منح غطاءً سياسيًا لدول أخرى كي تواصل الهجوم. فمثلًا، قتلت الغارات الإسرائيلية في غزة ليلة أمس 59 شخصًا، من بينهم 27 داخل مدرسة كانت تؤوي مئات النازحين، بحسب ما أفاد به أطباء في القطاع.حتى عندما تكون هناك انفراجة دبلوماسية، مثل الهدنة التي تم التوصل إليها الثلاثاء بين الولايات المتحدة والحوثيين، فإنها جاءت بعد سبعة أسابيع من القصف الأمريكي الذي طال أكثر من 1000 هدف في اليمن، بينها مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة قُتل فيه 68 شخصًا، وهجوم على ميناء رأس عيسى أدى لمقتل 80 آخرين.في خضم هذا التصعيد، يبدو أن الولايات المتحدة – القوة المهيمنة عالميًا – غير قادرة أو غير راغبة في كبح جماح هذه النزاعات. إذ بدا أن ترامب يعتبر تبادل إطلاق النار بين الهند وباكستان أمرًا حتميًا، حيث قال عند ورود الخبر:”لقد كانوا يتقاتلون منذ وقت طويل.”