سر الغياب الأمريكي عن الأزمة بين الهند وباكستان.. ماذا يحدث؟

سر الغياب الأمريكي عن الأزمة بين الهند وباكستان.. ماذا يحدث؟

تشهد منطقة جنوب آسيا تصعيدًا عسكريًا خطيرًا بين الهند وباكستان، على خلفية هجوم دموي استهدف سياحًا هنودًا، في أحدث فصول النزاع الطويل حول إقليم كشمير المتنازع عليه، لكن ما يثير الانتباه هذه المرة، ليس فقط مستوى العنف أو التهديد بانزلاق الصراع إلى حرب أوسع، بل الغياب شبه التام لأي تحرك دبلوماسي أمريكي جاد لاحتواء الأزمة، وهو ما يشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة إدارة الرئيس دونالد ترامب على لعب دور الوسيط العالمي في النزاعات الدولية، أو حتى رغبتها بذلك، حسبما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية

رد أمريكى فاتر على اشتباكات الهند وباكستان

في أول تعليق له، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما يجري بأنه “مؤسف”، معربًا عن أمله في أن ينتهي سريعًا، دون أن يُبدي اهتمامًا يوازي خطورة الوضع. وفي اليوم التالي، اكتفى بعرض وساطته بشكل غير حماسي، قائلًا: إنه يعرف الطرفين جيدًا ويتمنى أن يتمكنا من حل الأمر بنفسيهما، مضيفًا: “لقد رد كل منهما على الآخر.. نأمل أن يتوقفا الآن، وإذا كان بوسعي أن أساعد، فسأكون موجودًا”.وتابعت الشبكة الأمريكية أن وزارة الخارجية الأمريكية أوضحت أن وزير الخارجية، ماركو روبيو، أجرى اتصالات مع مسئولين كبار من الجانبين خلال الأسابيع الماضية، خاصة بعد الغارات الهندية داخل الأراضي الباكستانية. لكن لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى تحرك أمريكي واسع النطاق للتنسيق الدولي أو لإدارة الأزمة.ويرى بعض المراقبين أن غياب المبادرة الدبلوماسية ربما يعود جزئيًا إلى أن الوقت لا يزال مبكرًا للتحرك، إذ يتوقع الجميع المزيد من التصعيد من الطرفين، ومع إعلان باكستان إسقاط خمس طائرات هندية، قد يشعر قادتها بأن كرامتهم قد رُدت، لكنهم مع ذلك تعهدوا بالرد على منشآت عسكرية هندية.وأضافت أن الاهتمام الضعيف من قبل إدارة ترامب يأتي ضمن نهج عام تتبعه الإدارة منذ بدء ولايتها الثانية، حيث تخلّت عن الكثير من أسس السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية، وابتعدت عن دور “القيادة متعددة الأطراف” الذي طالما ميّز واشنطن. 

وتابعت أن ترامب لا يُخفي عدم رغبته في بناء تحالفات دولية أو تفعيل الشراكات الاستراتيجية، مفضلًا استخدام القوة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية للضغط على الدول الأصغر بما يخدم المصالح الأمريكية المباشرة، بصرف النظر عن كون هذه الدول حليفة أم خصمة.وأشارت إلى أنه رغم حديث ترامب عن جعل “صنع السلام” ركيزة لفترته الجديدة، فإن محاولاته لتهدئة الأزمات الكبرى- في أوكرانيا وقطاع غزة- لم تُحرز أي تقدم ملموس. وفي اليمن، لا تزال تأكيداته بأن الحوثيين تعهدوا بوقف استهداف الملاحة الدولية بعد الغارات الأمريكية بحاجة إلى تحقق.

صفقات سياسية بدلًا من دبلوماسية حقيقية

وأكدت الشبكة الأمريكية أن الجهود الدبلوماسية التي يقودها مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف- الذي يفتقر للخبرة الدبلوماسية- تتسم بمنطق الصفقة والربح المباشر. ففي أوكرانيا، مارس البيت الأبيض ضغوطًا على كييف لتوقيع اتفاق يتعلق باستغلال المعادن النادرة، أما في غزة، فقد تم طرح فكرة “نقل” الفلسطينيين خارج القطاع بهدف تحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، وهو ما اعتُبر بمثابة تطهير عرقي بنكهة استعمارية جديدة.لكن في كشمير، لا توجد أي مكاسب واضحة للولايات المتحدة، سواء مالية أو استراتيجية، تجعل الإدارة الأمريكية تركّز عليها، خلافًا لما كان عليه الأمر في أزمات سابقة.