اليمنى صدام العدله: فنانو مسرح العرائس يعانون في تقديم عروضهم (حوار)

اليمنى صدام العدله: فنانو مسرح العرائس يعانون في تقديم عروضهم (حوار)

يقف صدام العدله وسط الأطفال، محتميًا بعرائسه الملونة المصنوعة من القماش، يحكي قصصًا تخطف خيال الأطفال، في دقائق معدودة، فمع التقدم التكنولوجي وانتشار الموبايل والتابلت، لايزال مسرح العرائس يُلهم الأطفال ويشبع عالم الخيال والأحلام لديهم.التقت “الدستور” بفنان العرائس اليمني، صدام العدله، في حوار خاص، حول عمله فن العرائس في مصر.

متى بدأت رحلتك في عالم العرائس؟

رحلتي في عالم العرائس، بدأت في 2010، باليمن، كانت رحلة طويلة لكنها بدأت بشكل فعلي منذ وجودي في مصر الذي كان سببًا أساسيًا لتعلم واحتراف العمل بفن العرائس، من “مسرح القاهرة للعرائس” على مدار 3 سنوات، من التصنيع إلى التحريك، ثم عملت مع فنانس العرائس المستقلين والفرق الخاصة، ومن خلال العرائس بدأت أكتشف ذاتي أكثر.ومع بداية تعلمي فن العرائس في اليمن، وجدت أولاد أخواتي يلتفون بطريقة غريبة إلى “العروسة” التي كنت أحكي بها لهم، وينصتون بشدة وانجذاب لها، ويسمعون كلامها، فمن وقتها بدأت أشعر بأهمية وتأثير هذا الفن للأطفال، ثم ألهمني أوبريت الليلة الكبيرة.

فنان العرائس صدام العدله

 كيف أثر أوبريت “الليلة الكبيرة” على مسار حياتك؟

حينما رأيتها بالنسبة لي، ووجدت نفسي أقول “واااو”.. “إيه ده مش معقولة؟” عرض عرائس ماريونيت يتحرك بسرعة كاملة، مع موسيقى جيدة، وسينوجرافيا وإضاءة جيدة، وتصميم رائع للعرائس، وأصبح بالنسبة لي هاجس وحلم يروادني خلال السنوات التالية، حتى جئت إلى مصر في عام 2014، بعد أربع سنين من الرحلة، لاكتشاف هذا السحر أمام عيني، وليس مجرد أمام شاشة الكمبيوتر، وبدأت العمل بفن العرائس.

تعمل بجدية لنشر ثقافة العرائس.. حدثنا أكثر عن دوافعك؟

 أسعى لنشر ثقافة فن العرائس للأطفال في مصر، فهو الفن الذي تربينا عليه منذ الطفولة، في تراثنا العربي والإنساني سواء كانت العرائس خيال ظل أو أرجوز أو ماريونيت، وشغوف بهذا الفن ولي ورحلة طويلة منذ 2010 حتى اليوم، مستمتع بها.

شاركت بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.. ماذا عن تجربتك؟

شاركت في الدورة السادسة والخمسين في معرض القاهرة للكتاب، بورشة حكي بالعرائس للأطفال، من خلال المركز الثقافي اليمني، وهي تعتبر المشاركة الوحيدة في البرنامج الثقافي، كانت عبارة عن ورشة حكي للأطفال من خلال العرائس، وصناعتها، تهدف بشكل أساسي لكسر حالة الجمود عند الأطفال، فأطفال اليوم اعتادوا على ألعاب الفيديو جيمز أو الألعاب السمارت  بشكل أساسي، لكن فكرنا في أن اللعب مع الأطفال خارج الصندوق، وأن يشارك الأطفال بعضها البعض بحيث يكون هناك تعاون ما بينهم، وتتضمن هذه الألعاب مجموعة من القيم، من ضمنها فكرة إعادة تدوير، ومنها هدفنا أن نعرف الأطفال ما هي الخامات الموجودة في حياتنا اليومية؟ سواء في المكتبة أو في البيت أو المدرسة، وكيفية استخدمها بطرق جديدة.

فنان العرائس صدام العدله
فنان العرائس صدام العدله

أثناء تقديمك فن العرائس للأطفال، ما اللحظة المفضلة لديك؟

 أجمل لحظة إنك تلاقي ابتسامة لطيفة من طفل أثناء أو بعد النشاط، كان يأتي “مكشر” أو متوجس ومخزون به مشاعر حزينة، ثم يرمي كل هذا خارجًا، ويشارك معنا في رحلة جميلة مع العرائس، وهذه الابتسامة تنسينا المعاناة وفكرة إعداد الورشة وتكون شافية جدا للقلب.

ما شعورك بعد انتهاء كل ورشة تقدمها للأطفال؟

أشعر بطاقة كبيرة جدا، وفور انتهاء الورشة أصبح كأنني “سوبر مان” لدقائق، ما يدفعني إلى إعداد المزيد من الورش والأنشطة والفعاليات للأطفال.

ما معايير اختيارك للعرائس وتصنيعها؟

بالطبع، تختلف اختياري للعرائس بحسب 3 أشياء طبيعة النص، وطبيعة الجمهور (الفئة العمرية)، وما نوعية العرائس التي أحب أن أعمل بها مع الأطفال، سواء العريس القفازية أو خيال الظل أو  الأرجوز وغيرها.وانطلقنا في تجربة جديدة مؤخرًا في 2024، وأنتجنا أول عرض يمني مصري مستوحى من قصص وحكايات شعبية تراثية، متخصص في العرائس، وتم إنتاجه بمشاركة خمسة وعشرين مبدع يمني مصري، والعرض بعنوان “طائر الشمعدان” وهي تجربة احترافية تفاعلية ما بين خمسة وعشرين مبدع، وشاهدها حوالي 2500 طفل مصري يمني سوداني.

ما مدى تفاعل الأطفال مع عروضك الفنية بالعرائس؟

تفاعل كبير، لأنني أقدم عروض يشارك بها الأطفال. عندنا مشكلة حقيقية جدا إننا نقول للطفل الكثير من الأشياء ونكلمه كثيرًا، ونعطيه عدد كبير من الأوامر، لكن لابد أن نستمع إلى الأطفال أكثر، حتى نعلم كيف يفكرون اليوم، ويستطيعوا التعبير عن مشاعرهم.

ما هى تحديات ومشاكل فن العريس بمصر والوطن العربي؟

فن العرائس في الأساس عبارة عن فكرة خلاقة لأنه يجمع أكثر من فن، فتجمع العرائس بين السينما والمسرح والسينو جرافيا والإضاءة والديكور والأزياء والنحت وخلافه، فيحتاج إعداده مجهود كبير، وبالتالي من يهتم بهذا الفن يكون شوية “مجنون” الشئ الثاني، أن انتشار الفن في المنطقة العربية كبيرا ويعود دروبه إلى الحضارات القديمة، من العرائس الفرعونية مثل عروسة النيل، والحضارة العربية حيث خيال الظل والأرجوز والعرائس القفازية مثل عروسة السعد وعروسة القش وعروسة المزرعة وخيال المآتة.وهذا الفن أحيانًا نجده في حالة إحياء ويطفو إلى السطح بشكل كبير جدًا، وأحيانًا يتراجع، وهذه طبيعة أي فن من الفنون الشعبية، بحسب إقبال الجمهور.

هل تجد اهتمام مؤسسي حقيقي لهذا الفن؟

اهتمامات شخصية من فنانين، وبرحيلهم، مشروعاتهم تتوقف، لأنه ما فيش مشروع مؤسسي حقيقي في الوطن العربي.ولكن في مصر ميزة مؤسسية كبيرة، فكرة إنشاء مسرح القاهرة للعرائس وتبنيه لهذا الفن والحركة الثقافية، ورغم قلة العروض إلا أن وجوده مهم جدًا، بدلًا من اختفاءه تمامًا، فنجده يقدم للجمهور والأطفال كل سنة عرض أو اثنين.

حلول مقترحة لإعادة الضوء لـ فن العرائس؟

أتمنى أن يكون هناك مشروعات مؤسسية تتبنها الدولة لإعادة إحياء هذا الفن، من خلال وزارة ثقافة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، وأن يكون هناك توجه حقيقي لاهتمامنا بفنون الطفل، من خلال وجود عناصر حقيقة للفن، مثل السينما، وألعاب الكوميكس، والرسوم المتحركة ومسرح العرائس على وجه التحديد لأنه مسرح تفاعلي تناغمي تشاركي مع الطفل بشكل مباشر.

ما دور فناني العرائس في مصر والوطن العربي؟

للأسف هناك بعض التقاعس، لأن فناني العرائس لهم دور كبير جدًا، لكن الفنان في أغلب الأوقات، يكون مطالبًا بالبحث عن مصدر رزق، وبالتالي نجوم الفنون الأدائية أو التعبيرية يعانون من عدم وجود أموال لأعماله، فيراها البعض مهنة على الهامش أوهواية .

ما أحلامك وأمنياتك المستقبلية؟

أتمنى أن فن العرائس يتحرك بشكل أكبر، ويكون لنا وجود على الساحة أكثر، ونقدم عروض فنية تحترم عقلية الطفل وتتناسب معه، كما أن وزارة الثقافة عليها دورا كبيرا، ونحن كفنانين نحتاج أن يكون هناك تبادل لخبرات حقيقية في الوطن العربي وأن يكون هناك مهرجانات للعرائس تجمع الوطن العربي لأنه ميزتها أنها تجعلك ترى تجارب الآخرين ومنها يمكننا تطوير فن العرائس.