ميلاد إمبراطورية الفن السابع: كيف تأسست شركة أفلام باراماونت؟

عندما نتحدث عن “هوليوود”، فإننا نتحدث عن عوالم سحرية خلقت على يد عمالقة، كان لكل منهم لبنة في بناء ما أصبح يعرف اليوم بـ”إمبراطورية الفن السابع”. في مقدمة هؤلاء العمالقة تقف شركة أفلام باراماونت، أقدم استوديو سينمائي في هوليوود لا يزال يعمل حتى اليوم، وواحدة من ركائز صناعة السينما في القرن العشرين.
بدأت القصة في مثل هذا اليوم قبل أكثر من قرن، وتحديدًا في عام 1912، عندما أسس المنتج المجري الأمريكي آدولف زوكور شركة صغيرة تدعى Famous Players Film Company. كانت فكرته ثورية: بدلًا من عرض الأفلام القصيرة فقط، قرر إنتاج أفلام طويلة تستند إلى روايات مسرحية مع نجوم معروفين. أراد زوكور أن يثبت أن السينما ليست مجرد ترفيه شعبي، بل شكل راق من الفنون يمكن أن يجذب جمهور الطبقة المتوسطة والراقية.

في عام 1914، اندمجت شركة زوكور مع شركة Jesse L. Lasky Feature Play Company، بقيادة المنتج الشهير جيسي لاسكي والمخرج سيسيل بي. دوميل، لتشكيل نواة ما سيصبح لاحقًا “باراماونت”. وفي عام 1916، تم الاندماج رسميًا تحت اسم Famous Players–Lasky Corporation، وبدأت الشركة تستخدم اسم Paramount Pictures لتوزيع أفلامها. كان اسم “باراماونت” مملوكًا أصلًا لشركة توزيع صغيرة، لكن زوكور اشترى الاسم لما يحمله من إيحاء بالقمة والهيمنة.

ومنذ البداية، آمن زوكور بمفهوم “النجم”، فكان أول من وضع أسماء الممثلين على الملصقات الدعائية، وهو ما لم يكن معتادًا في تلك الفترة. كما طور نموذج “الإنتاج العمودي المتكامل”، أي امتلاك الاستوديو لعملية الإنتاج والتوزيع والعرض السينمائي، فكانت باراماونت تمتلك سلاسل دور عرض في أنحاء الولايات المتحدة، وهو ما جعلها في موقع قوة لا يضاهى.


خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، أصبحت باراماونت بيتًا للنجوم: مارلين ديتريش، غاري كوبر،كلوديت كولبير، والعبقري المخرج إرنست لوبيتش. قدمت الشركة أعمالًا خالدة، ونجت من الكساد الكبير بصعوبة، ثم ازدهرت مجددًا في الأربعينيات، قبل أن تضطر لاحقًا إلى بيع صالات العرض بموجب قرار قضائي تاريخي في 1948 أنهى احتكار الاستوديوهات الكبرى.

ولم تكن باراماونت وحدها من أرست قواعد إمبراطوريات الفن السابع. ففي الجانب الآخر من العالم، وتحديدًا في الهند، تأسست في 1992 شركة Zee Entertainment Enterprises على يد رجل الأعمال سوبهاش تشاندرا. بدأت الشركة كأول قناة تلفزيونية خاصة باللغة الهندية، ثم تطورت سريعًا لتصبح كيانًا إعلاميًا ضخمًا يضم عشرات القنوات، واستوديوهات إنتاج سينمائي وتلفزيوني، ومنصات بث رقمي. تشبه زي إنترتينمنت في نموذجها ما فعلته باراماونت: مزج الإنتاج والتوزيع، وتقديم محتوى موجه لجمهور ضخم متعطش للدراما والثقافة المحلية، مع الانفتاح على العالمية لاحقًا. واليوم، تعد Zee واحدة من أبرز الشركات الإعلامية في آسيا، وشريكًا مهمًا في صناعة الترفيه العالمي.لم تتوقف باراماونت عن التجديد، فمن إنتاجها الكلاسيكي إلى أفلام العصر الحديث كـTitanic وForrest Gump وMission: Impossible، ظلت تمثل علامة على الجودة والابتكار. واليوم، باراماونت جزء من مجموعة Paramount Global، لكنها لا تزال تحتفظ بشعار الجبل الشهير والنجوم المحيطة به، الذي رافق الجماهير لأجيال.