بمؤتمرها العلمي الدولي الثلاثين.. حلقة نقاشية ب"إعلام القاهرة " عن مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي ونشر الوعي الصحي

بمؤتمرها العلمي الدولي الثلاثين.. حلقة نقاشية ب"إعلام القاهرة " عن مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي ونشر الوعي الصحي

– الدكتورة سماح المحمدي: ” غلاء فزيتة الطبيب جعلت الجمهور يلجأ للمؤثرين في مجال الصحة” 
– الدكتورة عزة عثمان:  ٤٠٪ من المحتوى الصحي عبر” إنستجرام وتيك توك” يحتوي على معلومات غير صحيحة
– الدكتور أشرف جلال: لا يوجد تعريف إجرائي “للمنتج الصحي”.. والتوليفة التجارية باتت تتداخل مع التوليفة الإعلامية 
– الدكتور وليد هندي: العلاج بالوهم والتجارة بالوعي الصحي.. أبرز الممارسات عبر السوشيال ميديا  أكدت الدكتورة هويدا مصطفى، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة ورئيس الحلقة النقاشية، على مدى أهمية مناقشة قضايا الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة، فلطالما كان هناك تراجع في الاهتمام بهذا الموضوع الحيوي والمؤثر، إلا أنه في الوقت الحالي بات هناك اهتمام إعلامي بالقضايا الصحية، نظرا لكون الصحة هي أثمن ما يملكه الإنسان، ومن هنا تنبع حساسية وأهمية موضوع المؤتمر، فضلا عن ربطه بالمجتمعات المعاصرة، وهو ما يعكس كيفية تأثير وسائل وأساليب الاتصال على سلوك وصحة الأفراد داخل المجتمعات الحديثة، ومدى استخدامها لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم الخاطئة، الأمر الذي يُبرز مدى تطور المجتمع واهتمام المؤسسات المعنية بقضاياه الصحية. 
جاء ذلك في إطار الحلقة النقاشية الثانية بعنوان “مؤثرو مواقع التواصل الاجتماعي ونشر الوعي الصحي”، والتي انعقدت ضمن فعاليات اليوم الأول لمؤتمر كلية الإعلام جامعة القاهرة العلمي الدولي الثلاثين تحت عنوان “الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة”، والذي يناقش عددا من القضايا المرتبطة بالصحة والطب ودور وسائل الإعلام في التوعية في هذا المجال. 
وتضمنت الحلقة النقاشية الحديث عن عدد من الموضوعات والقضايا المحورية، ومنها: دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الوعي الصحي بين الجمهور، ومدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الوعي النفسي إيجابا وسلبا، وكذلك الدراما وبناء الإنسان، فضلا عن المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما بين إشكاليات التأثير وصناعة المحتوى الصحي.وجهت الأستاذة الدكتوة عزة عثمان، أستاذ الصحافة والإعلام الإلكتروني بجامعة سوهاج، والعميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة فاروس، الشكر للقائمين على المؤتمر، لاختيار هذا الموضوع المتميز، لأنه تنمويا ويمس قضية هامة في المجتمع، مؤكدة ” أنا أفضل الموضوعات التي تصب في إطار التنمية المستدامة ورؤية مصر ٢٠٣٠” كما أكدت شكرها وتقديرها لكل الحاضرين. 
كما أكدت أنها ستتناول التأثير السلبي والإيجابي للمؤثرين في مجال الصحة، فوجود المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، في حاجة إلى أن يتم بحثه، ودراسته على الجانبين السلبي وإلايجابي، وأوضحت أن من التأثيرات السلبية للمؤثرين في مجال الصحة، نشر معلومات مضللة، واستغلال الثقة الجماهيرية.
وقدمت الدكتورة إحصائيات حديثة عن عدد المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، مؤكدة وصول عدد المؤثرين في مصر إلى ٥٠ ألف مؤثر، ويتراوح عدد المؤثرين منهم في مجال الصحة ما بين ٤ إلى ٥ آلاف مؤثر، مشيرة إلى قضية خطيرة وهي لجوء الجمهور للمحتوى الصحي الافتراضي، والابتعاد عن التوجه مباشرة للأطباء المتخصصين في الواقع، فأصبحوا يلجأون لجوجل والمؤثرين في مجال الصحة.وأشارت إلى أن صناع المحتوى الصحي في مصر، ينقسمون إلى أطباء متخصصين ومعتمدين علميا، وقدمت أمثلة لهؤلاء المؤثرين، وعلى الجانب الآخر هناك صناع محتوى غير مختصين طبيا، وإنما هو يشارك مع الجمهور تجربته الصحية التي مر بها، وأشارت الدكتورة أن هناك منظمات موثوق بها يمكن متابعتها كوزارة الصحة المصرية.
وأكدت على أهمية المحتوى الصحي ورواجه، بتوضيح أن ٦٢٪ من الجمهور يتابعون الصفحات الخاصة بالصحة، وخاصة على منصة يوتيوب، وبينت أن أهم أنواع المحتوى الصحي: الصحة النفسية،  والتغذية واللياقة، والطب الوقائي، مضيفة إلى المحتوى الترويجي  ومؤكدة على خطورته، لأن هناك منتجات تكون مغشوشة.
وأكدت “عثمان” إلى أن من أهم إشكاليات المحتوى الصحي في مصر، غياب المصداقية والتحقق العلمي، فأحيانا يتم النشر بواسطة أشخاص غير متخصصين، وكذلك كثرة الوصفات الطبية الغير موثوقة، فأصبح هناك تسليع للصحة، كما أن هناك تبسيط مخل للمعلومات الصحية، وأصبح الناس يحصلون على المعلومات الصحية دون التحقق منها.
وأشارت الدكتورة إلى معلومات خطيرة، حيث أكدت أن ٤٠ ٪ من المحتوى الصحي عبر إنستجرام وتيك توك يحتوي على معلومات غير صحيحة، وذلك وفقا لدراسة في مجلة” نيتشر “عام ٢٠٢٣، كما أشارت إلى التحديات التي تواجه المحتوى الصحي، وتتمثل في غياب الرقابة، وفكرة الربح على حساب المصداقية، فالبعض يروج لمنتجات غير موثوق بها.
وعلى الجانب الآخر، أكدت الدكتورة أن هناك مبادرات حكومية جيدة، كصحتك ثروتك، صحتك سعادة، ١٠٠ مليون صحة، للكشف المبكر عن الأمراض، ولكن مشكلتها عدم الترويج الجيد لها على منصات التواصل الاجتماعي، كما أشارت إلى جهات خاصة تقدم نموذجا جيدا في المحتوى الصحي، كمنصة فيزيتا، وموقع الطبي، وعلى الجانب الآخر قدمت أمثلة لمؤثرين تسببوا في الإضرار بصحة الجمهور، مما أدى إلى محاسبتهم وغلق صفحاتهم.
وأشارت إلى أن القانون المصري به قوانين ممكن استخدامها، لكن ليس هناك قوانين صريحة لمحاسبة المخطئين، مؤكدة أن هناك جهات رقابية كهيئة الدواء، والنقابة العامة للأطباء، ولكن هناك  تحديات في المحتسبة كصعوبة التتبع، وبطء الإجراءات، والتحايل القانوني.
ووجهت الدكتورة نصائح للجمهور المتابع للمؤثرين في المجال الصحي، أهمها التوجه لحماية المستهلك، أو إبلاغ المنصة عن صانع محتوى المسيء، أو رفع شكوى لنقابة الأطباء عن الطبيب المسيء.

كما قال الدكتور أشرف جلال، عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجامعة السويس، إنه لكي نتناول موضوع “بناء وتزييف الوعي” فلابد من إلقاء الضوء على الإشكالية الرئيسية والمتعلقة بكيفية تعامل وسائل التواصل الاجتماعي مع الوعي الصحي، إضافة إلى الإشارة إلى المحددات والمعايير التي تحدد ما إن كانت وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بتحقيق الوعي أم التزييف، فليس هناك أي تعريف إجرائي لكلمة “منتج صحي”، فلا يزال مفهوم فضفاض، والخطورة تكمن في استغلال مؤثرو مواقع التواصل الاجتماعي لمدى شعبيتهم لصالح الترويج للمنتج الصحي. 
وأكد “جلال” على ضرورة وجود فرض تشريعي في مصر لمواجهة تلك الإشكاليات مع الاستعانة بالتجارب الفعالة للدول الأوروبية والتي باتت تعتبر ممارسة الإعلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدون ترخيص جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة في ظل ميل المؤثرين إلى الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الصحي دون الرجوع إلى المصادر الرئيسية، مما يورط الجمهور في مشكلات صحية ومن ثم نفسية.       
واوضح الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية وصانع محتوى بمواقع التواصل الاجتماعي، إن مشاهدة الأعمال السينيمائية والدرامية باتت عالم واقعي بالنسبة للجمهور، وبالتالي مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي، فقد تحولت الدراما إلى عالم من الغش والتدليس والكذب، وبالتالي أصبحت مجال للتلاعب بالمنتجات الطبية، فضلا عن اتجاه بعض مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي إلى الاعتماد على طريقة ” العلاج بالوهم”، والسعي إلى التجارة بالوعي الصحي والنفسي للإنسان. 
وفي نفس السياق، أكد الدكتور مينا جورج، استشاري الطب النفسي وصانع محتوى بمواقع التواصل الاجتماعي، على تعاظم دور السوشيال ميديا، وانتشار الوعي النفسي، مؤكدا حدوث نقلة كبيرة له في مصر والعالم، ولكنه أكد أن عملية نشر الوعي في أوروبا مقيدة جدا، عكس المتوقع، لكن في مصر، هناك انتشار لعملية الوعي النفسي والتوعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد ما كان الناس يخافوا من وصمة المرض النفسي، أصبح هناك وعي، وأصبح الناس يذهبون للعيادات ويعبرون عما يمرون به، ولكن من التأثيرات السلبية لذلك، أن الجمهور أصبح يحصل على معلوماته من “السوشيال ميديا”، وأصبح المعظم يتكلم بطريقة مغلوطة ” أن كل الناس مرضى أو نرجسيين”، فأصبح الجميع يشعرون أنهم ضحايا لمرضى نفسيين، كما أكد “جورج” على خطورة المؤثرين في مجال الوعي الصحي قائلا ” أي طبيب ممكن نشتكيه لو قال معلومات غلط لنقابة الأطباء، لكن لو مؤثر نفسي مفيش حاجة محددة تقدر تحاسبهم وفقا لها”، مؤكدا هم مضللون وليس مؤثرين، لأنهم يصدرون أحكاما وتوصيفات من خلال مجرد تواصل بسيط عبر الرسائل، مؤكدا أن الجمهور يفضل التواصل السريع والحل والعلاج السريع، لذلك يلجأوون للمؤثرين النفسيين، وهم غير مؤهلين علميا وليس لديهم شهادة موثقة.

وختم كلامه متمنيا أن يكون هناك سن لقوانين أكثر للرقابة عما يتم نشره وتداوله، كما أكد على أهمية أن يتمتع الجمهور بالوعي اللازم، مشيرا إلى أن أساتذة الإعلام يتحملون مسؤولية توعية الجمهور.
وأوجزت الدكتورة سماح المحمدي، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ومعقب الحلقة النقاشية، ما تناوله المتحدثون، موضحة أنه كان يدور حول صناعة المحتوى الصحي بين بناء الوعي أو تزييفه،  متسائلة هل المواطن العادي يتابع المؤثر الواعي أم المؤثر صاحب الجاذبية، وأشارت إلى أنه يمكن استخلاص أن الجانب المسيطر في مجال الوعي الصحي هو الجانب السلبي، فتزييف الوعي غلب بناء الوعي، فهناك المزيد من النصائح والوصفات الغير موثوق بها. 
كما أكدت على أهمية ما أشار إليه المتحدثون، مشيرة إلى توضيح هام “فغلاء الفزيتا للطبيب جعلت الجمهور يلجأ للمؤثرين في مجال الصحة، فهي عملية مجانية”، وأضاقت أنه على الجانب الآخر هناك أطباء مؤثرون يقدمون محتوى واعي وموثوق، كما أوضحت أهمية أن يكون هناك إجبارا لكل مؤثر في مجال الصحة أن يكون حاصل على شهادة علمية موثقة. 
وأوضحت “المحمدي” أبرز التوصيات المتعلقة بالحلقة النقاشية والتي تضمنت التأكيد على ضرورة الالتزام بالتخصص والعلم قبل العمل، وهو الأساس الذي لابد أن يعمل مؤثرو مواقع التواصل الاجتماعي في إطاره، مع ضرورة اهتمام المؤسسات المعنية بمحاربة الخطر النفسي لشبكات التواصل الاجتماعي على مستوى كافة المجالات عامة، وعلى المستوى الصحي خاصة، كما لابد أن يتحمل المواطن جزء من المسؤولية فيما يخص اختياره للمحتوى الذي يتعرض إليه.

الجدير بالذكر أن المؤتمر الدولي الـ 30 لكلية الإعلام جامعة القاهرة يُقام يومي 7 و8 مايو 2025، بمقر الكلية، بعنوان “الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة”، وذلك برعاية الدكتور محمد سامي عبدالصادق، رئيس الجامعة، وبإشراف الدكتورة ثريا البدوي، عميد الكلية ورئيس المؤتمر، والدكتورة وسام نصر، وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث وأمين عام المؤتمر، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والممارسين للمجال الإعلامي.