حريق مكتبة الإسكندرية.. من أنقذ التراث الإغريقي العرب أم أوروبا؟

في الجزء الثاني من رواية إحراق مكتبة الإسكندرية على يد عمرو بن العاص خلص د. حسين فوزي، إلي أنها رواية محض خيال متأخر، لا يدعمها أي مصدر موثوق. ويبقي السؤال عن الذي أنقذ تراث الإغريق، من الذي حمل شعلة الفلسفة والعلوم إلى أن جاء عصر النهضة؟
بين أثينا وبغداد: من حفظ الذاكرة؟
حين أغلقت أكاديمية أثينا بأمر من الإمبراطور جستنيان في القرن السادس الميلادي، فر فلاسفة اليونان إلى الشرق، وتحديدًا إلى بلاط الفرس في “جنديسابور”. وهناك، بدأت أولى محاولات الحفاظ على التراث اليوناني بترجمته إلى الفهلوية (الفارسية القديمة).

ويضيف “فوزي”، “ففي بغداد، عاصمة الخلافة، شيدت دار الحكمة، وعمل فيها المترجمون ليل نهار، ينقلون إلى العربية كنوز الفكر الإغريقي من طب وفلك وفلسفة.”
الترجمة لا تنقذ فقط بل تحيي
ويشدد “فوزي” على أنه لم تكن الترجمة العربية نقلًا جامدًا، بل كانت بعثًا جديدًا للفكر القديم. أعاد العرب قراءة أفلاطون وأرسطو، وأضافوا تعليقاتهم، ودمجوا بين الفلسفة والدين، وفتحوا آفاقًا لم يكن الإغريق أنفسهم قد بلغوها.

أسماء مثل الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن رشد، لم يكونوا مجرد نقلة، بل شاركوا في تطوير الفلسفة، وتحويلها من أفكار ميتافيزيقية إلى علم يخاطب العقل والمنطق.
أوروبا.. حين فتحت الصندوق العربي
ظل التراث اليوناني حبيس المخطوطات العربية حتى القرن الثاني عشر، حين بدأت أوروبا، الخارجة لتوها من عصور الظلام، في ترجمته من العربية إلى اللاتينية.

في طليطلة وقرطبة وصقلية، جلس الأوروبيون يدرسون كتب أرسطو مترجمة من العربية، بشروح ابن رشد وابن سينا، فكانت تلك هي بذرة عصر النهضة. “لم تأت أوروبا إلى العلم مباشرة من أثينا، بل جاءت من بغداد، مرورًا بالأندلس.”

من إذن أنقذ التراث الإغريقي؟
بالحقائق، يثبت الدكتور فوزي أن العرب هم الذين حفظوا، وشرحوا، وطوروا الفكر الإغريقي، قبل أن تسعى أوروبا إليه بعد قرون.أما مكتبة الإسكندرية، فقد ضاعت، نعم، لكن الأفكار التي سكنت أرففها، وجدت لها بيتًا جديدًا في بغداد.