زيارة الرئيس السيسي إلى موسكو.. أندريه أنتيكوف: مشاركة دولة بحجم مصر فى الاحتفالات تؤكد عدم عزلة روسيا

زيارة الرئيس السيسي إلى موسكو.. أندريه أنتيكوف: مشاركة دولة بحجم مصر فى الاحتفالات تؤكد عدم عزلة روسيا

قال أندريه أنتيكوف، صحفى ومحلل سياسى روسى، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى روسيا للمشاركة فى احتفالات يوم النصر تمثل حدثًا بالغ الأهمية بالنسبة للأوساط السياسية الروسية، مؤكدًا: «الرئيس السيسى ضيف مرحّب به دائمًا فى بلادنا، ونحن ننتظر زيارته دومًا، خاصة فى ظل مستوى العلاقات الراسخة والمتقدمة بين بلدينا».أضاف «أنتيكوف»، لـ«الدستور»، أن الزيارة لها أهمية رمزية، خصوصًا أنها تتزامن مع مناسبة وطنية مفصلية بالنسبة للشعب الروسى بأكمله، كما أن للزيارة بُعدًا أعمق يجب أخذه بعين الاعتبار، وهو التاريخ المشترك خلال الحرب العالمية الثانية: «لن ننسى أن هناك معارك مصيرية جرت على أرض مصر، أبرزها معركة العلمين، التى تعتبر من أبرز محطات الحسم خلال فترة الحرب، ولهذا، من الطبيعى تمامًا، بل من حق القيادة المصرية المشروع، أن تكون حاضرة على الأراضى الروسية، وأن تشارك فى احتفالاتنا كجزء من هذا الإرث التاريخى المشترك».وبشأن الصراعات العالمية والإقليمية، أوضح: «أرى أن زيارة الرئيس السيسى تُعد فرصة لتبادل وجهات النظر حول هذه النزاعات. وإذا أخذنا مثلًا النزاع الإسرائيلى- الفلسطينى، وبشكل خاص الحرب التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، فإننا نعلم جميعًا حجم الجهود التى تبذلها مصر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار».وتابع: «تعثرت حتى الآن مفاوضات الهدنة فى غزة، وذلك بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة فى القطاع، واختراق إسرائيل اتفاقات التهدئة والعودة للحرب، وإعلان حكومة الاحتلال صراحة عن نيتها احتلال القطاع».وأضاف: «زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، تؤكد أيضًا أن روسيا غير معزولة عالميًا بعد الحرب الأوكرانية، ولكن توقف التعاون فقط مع الدول الأوروبية والغربية، أما العلاقات مع الشرق الأوسط وإفريقيا فلا تزال قوية، ومشاركة دولة بحجم مصر فى هذه الاحتفالات تؤكد عدم عزلة روسيا».وفيما يتعلق بالعلاقات الروسية- المصرية، قال «أنتيكوف» إنه من المعروف أن العلاقات بين مصر وروسيا تاريخية، بدأت فى زمن الاتحاد السوفيتى، كما أسهمت موسكو بشكل كبير فى تطوير البنية الصناعية فى مصر خلال تلك الفترة، وتستمر هذه العلاقات القوية حتى اليوم.وأضاف أن الرئيسين فلاديمير بوتين وعبدالفتاح السيسى التقيا عدة مرات، ومن الواضح أن بينهما تفاهمًا كبيرًا فى شتى القضايا، والأمر لا يقتصر فقط على مستوى الحوار السياسى أو اللقاءات البروتوكولية، بل هناك تعاون ملموس وفعّال فى الميدان العملى؛ فعلى سبيل المثال، هناك المنطقة الصناعية الروسية قرب القاهرة، إضافة إلى مشروع بناء محطة الطاقة النووية «الضبعة» فى مصر.وأوضح أن مصر تُعد من أكبر مستوردى المنتجات الزراعية الروسية، خاصة القمح. كما أن الملايين من السياح الروس يزورون مصر سنويًا، وقال: «أنا شخصيًا زرت مصر أكثر من مرة كسائح، وأعشقها، لما توفره من راحة وجودة خدمات بأسعار مناسبة، وهو أمر يهمنا نحن الروس كثيرًا».وأفاد بأن التعاون الثقافى بين بلدينا فى تطور مستمر، ولهذا، فإن دعوة الرئيس السيسى للمشاركة فى احتفالات النصر تُعد خطوة طبيعية ومنطقية، تعكس عمق الشراكة بين بلدينا، خصوصًا أن مصر وروسيا تأثرتا بالحرب العالمية الثانية، واستمرتا بعد ذلك فى تنسيق وثيق، لا يزال قائمًا حتى يومنا هذا.أما بالنسبة لإمكانية توقيع اتفاقيات جديدة خلال الزيارة، قال «أنتيكوف» إنه من الصعب التنبؤ بهذا الأمر فى الوقت الحالى، لكن من المؤكد أن مثل هذه الزيارة تمثل فرصة لتبادل الآراء حول القضايا الثنائية والإقليمية، سواء فى الشرق الأوسط أو فى إفريقيا أو شرق أوروبا، ما يجعل من التواصل المباشر بين القادة على هذا المستوى أداة فعّالة لحلحلة الكثير من القضايا التى يصعب حلها على المستويات الأدنى.وفيما يتعلق بأن مصر بوابة روسيا الاقتصادية إلى إفريقيا، أكد أن روسيا تستورد من مصر الكثير من المنتجات الزراعية وغيرها، التى أصبحت ذات انتشار واسع فى الأسواق الروسية.وأضاف أن مصر تُعتبر بالفعل بوابة روسيا إلى السوق الإفريقية، ومن المقرر أن تُستخدم المنتجات التى ستُنتجها الشركات الروسية فى المنطقة الصناعية المصرية للتصدير إلى دول إفريقيا، ما يجعل من مصر منفذًا اقتصاديًا استراتيجيًا نحو القارة.وذكر أنه لا بد من الإشارة أيضًا إلى أن هناك محادثات حول إدخال نظام الدفع الروسى «مير» فى مصر، وهو أمر بالغ الأهمية، فبعد فرض العقوبات على روسيا، لم يعد المواطن الروسى قادرًا على استخدام بطاقات «فيزا» و«ماستر كارد» فى الخارج، ولهذا فإن تعميم «مير» فى مصر سيكون خطوة إيجابية للغاية. وأشار إلى أن ملايين الروس يزورون مصر سنويًا، ولا يحبذ الجميع حمل مبالغ نقدية كبيرة، لذا فإن توفير وسيلة دفع إلكترونية موثوقة سيكون مفيدًا للسياح الروسيين والاقتصاد المصرى على حد سواء.ونوه بأن هناك نقاشات جارية حول إمكانية اعتماد العملات المحلية فى التبادلات التجارية بين روسيا ومصر، ما سيخفف من الاعتماد على الدولار واليورو، خاصة أن هذه العملات باتت أداة ضغط وعقوبات على روسيا، وإذا جرى التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن، فسيؤدى ذلك إلى إزالة العديد من العوائق أمام تطور التبادل التجارى بين البلدين.ولفت إلى أن التفاهم الروسى- المصرى حول معظم الأزمات الإقليمية يتيح إمكانية تنسيق الجهود بشكل أكثر فاعلية. فروسيا، بصفتها عضوًا دائمًا فى مجلس الأمن، يُمكنها أن تنقل الموقف المصرى إلى المنابر الدولية، فى حين يُمكن لمصر أن تلعب دورًا نشطًا فى عرض مصالحها ومصالح المنطقة بالتعاون مع موسكو.وأضاف أن الحوار المباشر بين الزعيمين من شأنه أن يعزز العلاقات القائمة، ويدفع بها نحو آفاق أوسع، فى خدمة المصالح الوطنية للبلدين، على مختلف الأصعدة: الاقتصادية والأمنية والسياسية والسياحية. لذلك فإننا نُعوّل كثيرًا على هذا اللقاء، ونتطلع إلى ما سيُسفر عنه من نتائج ملموسة.