الزيارة الاستراتيجية لليونان

اكتسبت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى اليونان أهمية استراتيجية بالغة، تتجاوز الإطار الثنائى التقليدى، لتشمل أبعادًا إقليمية ودولية متشابكة. ففى ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة التى يشهدها شرق المتوسط، وما تتضمنه من تحديات وفرص، تأتى هذه الزيارة لتؤكد عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتعزز من التنسيق والتعاون فى مواجهة التحديات المشتركة. واستهدفت الزيارة تعزيز التعاون فى مجالات الطاقة والاقتصاد والأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.وتأتى قضية الطاقة على رأس أولويات الزيارة، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز التعاون فى مجال استكشاف وإنتاج وتصدير الغاز الطبيعى، وتطوير البنية التحتية اللازمة لذلك. وتعتبر مصر واليونان من الدول الرئيسية فى شرق المتوسط التى تمتلك احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعى، وتسعيان إلى تحويل المنطقة إلى مركز إقليمى للطاقة. وتضمنت الزيارة بحث فرص التعاون فى مجال الربط الكهربائى بين البلدين، وتصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا، وهو ما يسهم فى تحقيق أمن الطاقة وتنويع مصادرها. كما أن التعاون الاقتصادى يمثل بعدًا حيويًا آخر فى العلاقات المصرية اليونانية، حيث يسعى البلدان إلى زيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة، وتوسيع التعاون فى مجالات السياحة والزراعة والصناعة والنقل البحرى. وتضمنت الزيارة توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم تهدف إلى تسهيل التجارة والاستثمار، وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة فى المشروعات المشتركة. وتعتبر اليونان من الدول الأوروبية التى تدعم بقوة العلاقات الاقتصادية مع مصر، وتؤمن بإمكانات السوق المصرية الواعدة. وفى ظل التحديات الأمنية المتزايدة التى تواجه المنطقة يأتى التعاون الأمنى ومكافحة الإرهاب على رأس أولويات الزيارة، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز التنسيق والتعاون فى تبادل المعلومات الأمنية، ومكافحة التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة وتأمين الحدود البحرية. وشملت الزيارة بحث آليات التعاون فى مجال التدريب الأمنى المشترك، وتبادل الخبرات فى مجال مكافحة الإرهاب. وتعتبر مصر واليونان من الدول التى تواجه تحديات مشتركة فى مجال مكافحة الإرهاب، وتسعيان إلى تعزيز التعاون الإقليمى والدولى فى هذا المجال. وتعد قضية الهجرة غير الشرعية من القضايا الملحة التى تتطلب تعاونًا وثيقًا بين مصر واليونان، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز التعاون فى مجال مكافحة شبكات تهريب المهاجرين، وتأمين الحدود البحرية، وتوفير بدائل آمنة للهجرة. وبحثت الزيارة آليات التعاون فى مجال تبادل المعلومات، وتدريب الكوادر، وتوفير الدعم الفنى. وتعتبر مصر من الدول التى تبذل جهودًا كبيرة فى مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتسعى إلى تعزيز التعاون مع الدول الأوروبية فى هذا المجال. ولا تقتصر أهمية الزيارة على الجوانب الثنائية فحسب، بل تمتد إلى الأبعاد الإقليمية والدولية، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز التنسيق والتعاون فى مواجهة التحديات المشتركة فى شرق المتوسط، مثل النزاعات الإقليمية والتدخلات الخارجية والتحديات الأمنية. ولم تغفل الزيارة تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مثل الأزمة الليبية، والقضية الفلسطينية، والأوضاع فى سوريا واليمن والسودان. وتعتبر مصر واليونان من الدول التى تدعو إلى حلول سلمية للنزاعات الإقليمية، وتسعى إلى تعزيز الاستقرار والأمن فى المنطقة. وتمثل الزيارة فرصة لتعزيز التنسيق والتعاون بين مصر واليونان فى المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والاتحاد من أجل المتوسط. كما تعتبر مصر واليونان من الدول التى تدعم التعاون الإقليمى والدولى فى مواجهة التحديات المشتركة. وتسعى إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين الدول، وتعد الزيارة بمثابة تأكيد على عمق الشراكة الاستراتيجية بين مصر واليونان، وتعكس إرادة البلدين فى تعزيز التعاون فى مختلف المجالات، وتسهم فى تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية فى منطقة شرق المتوسط.