ليو الرابع عشر.. جولة فى عقل بابا الفاتيكان الجديد

ليو الرابع عشر.. جولة فى عقل بابا الفاتيكان الجديد

ولد البابا الجديد للفاتيكان، الذى تم اختياره بشكل رسمى مساء أمس، باسم روبرت فرنسيس بريفوست، فى ١٤ سبتمبر ١٩٥٥، بمدينة «شيكاغو» فى الولايات المتحدة، لأب من أصل فرنسى- إيطالى وأم من أصل إسبانى.درس البابا، الذى لُقب بـ«ليو الرابع عشر»، العلوم الأولية والرياضيات، وحصل على بكالوريوس فى الرياضيات من جامعة «فيلانوفا» عام ١٩٧٧، ثم التحق بمدرسة اللاهوت الكاثوليكية فى شيكاغو، ونال درجة الماجستير، قبل أن يُرسل إلى روما لدراسة القانون الكنسى والحصول على الدكتوراه، ويُرسم كاهنًا من قبل رئيس الأساقفة جان جادوت. انضم بعد ذلك إلى بعثات الكنيسة فى بيرو، حيث قضى نحو ٢٠ عامًا فى خدمة المؤسسة الكاثوليكية، وأشرف على تشكيل مرشحى الرهبنة الأوغسطينية، وعمل فى تعليم القانون الكنسى والفلسفة. وفى عام ٢٠١٤، عيّنه البابا فرنسيس قيّمًا رسوليًا على إيبارشية «تشيكلايو» فى بيرو، ومن ثم أسقفًا عليها بدءًا من نوفمبر ٢٠١٥. فى عام ٢٠١٨، اُنتخب نائبًا ثانيًا لرئيس مؤتمر أساقفة بيرو، وفى يناير ٢٠٢٣ استدعاه البابا فرنسيس إلى روما ليكون رئيسًا لدائرة الأساقفة ورئيس اللجنة الحبرية لأمريكا اللاتينية، ورفع لرتبة رئيس أساقفة، وفى خريف ٢٠٢٣ كرّمه البابا فرنسيس برتبة كاردينال، قبل أن يُنتخب بالإجماع بابًا للكنيسة الكاثوليكية، أمس الأول، ويختار اسم «ليو الرابع عشر».لديه اهتمام خاص بالعدالة الاجتماعية.. وأقل ترحيبًا بـ«المثليين»نشط البابا «ليو الرابع عشر» فى الرهبنة الأوغسطينية، وانتُخب عام ١٩٩٩ محافظًا إقليميًا لـ«الأوغسطينيين» فى إلينوى، ثم رئيسًا عامًا لرتبة «الأوغسطينيين» لولايتين متتاليتين، ويعد أول بابا من الرهبنة الأوغسطينية. ركز البابا الجديد فى مسيرته على الوعظ والتعليم والتبشير. وفى عام ٢٠٢٣، شدد فى مقابلات صحفية على أهمية التبشير، قائلًا: «نعمل على توسيع الخيمة وإبلاغ الجميع بأنهم مرحب بهم داخل الكنيسة»، مضيفًا: «غالبًا ما ننشغل بتعليم العقائد، لكننا قد ننسى أن مهمتنا الأولى هى تعليم معنى لقاء المسيح».ولا توجد مصادر تشير إلى كُتب خاصة له، لكن من الملاحظ أنه سلك نهج البابا «ليو الثالث عشر» فى العدالة الاجتماعية، واختار اسمه تيمّنًا به، وهو البابا الذى أسس تقليد التعليم الاجتماعى الكاثوليكى.عند انتخابه، قال من شرفة القديس بطرس: «ليكن السلام معكم»، مشدّدًا على رسالة «السلام والحوار والوعظ الرسولى»، قبل أن يضيف: «يجب أن نكون كنيسة تعمل معًا لبناء الجسور ولتبقَ أيادينا مفتوحة، ومرحبة بالجميع»، وهو ما يعكس اهتمامه بالتواصل والوحدة.ولا توجد مواقف معلنة وواضحة حديثًا عن قضايا «المثليين جنسيًا»، لكنه كان معروفًا بتوجهات محافظة نسبيًا فى هذا المجال قبل انتخابه.وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن موقفه العام «أقل ترحيبًا من فرنسيس حيال المثليين»، وفى عام ٢٠١٢، صرّح البابا الجديد بأن بعض القيم الغربية تظهر تعاطفًا مع ما أسماه «أسلوب حياة المثليين» وهو أمر «يتنافى مع الإنجيل». وفى كلمته الأولى، أشار إلى «قبول الجميع داخل الكنيسة». لكنه لم يعلن تغييرًا فى التعاليم الكنسية التقليدية.يتشكك فى تولى النساء مناصب كهنوتية ويدعم العمل المناخى عن موقفه من المرأة داخل الكنيسة، أعرب البابا «ليو الرابع عشر» عن تشككه فى تولى النساء مناصب كهنوتية على غرار الرجال. وفى مؤتمر صحفى عام ٢٠٢٣ كرّر حُجّة سلفه فرنسيس حول خطر «تقديس» (clericalizing) ودور المرأة بالكهنوت، ما يدل على معارضته التقليدية لمنح النساء منصب الكاهن. ومع ذلك، أشرف على اجتماع كنسى فى ٢٠٢٣ شهد السماح لأول مرة للنساء بالتصويت فى جلسات الأساقفة.مُعارض لسياسات ترامب.. ويركز على الفقراء لم يُدلِ البابا «ليو الرابع عشر» بتصريحات مباشرة عن الحروب، لكنه أشار منذ بداية رسالته البابوية إلى أهمية السلام والتضامن. وفى كلمته من شرفة كاتدرائية «القديس بطرس»، تمنى البابا الجديد «عودة آمنة لأولئك المختطفين فى غزة وحقبة جديدة من السلام». ويرى مراقبون أنه سيركز على تعزيز العدالة الاجتماعية ودعم الفقراء، على غرار تعاليم «ليو الثالث عشر». وأشار أصدقاء ومعارف إلى حرصه الدائم على مساعدة الفقراء والمحتاجين، وذكر أحدهم أنه كان «دائمًا ودودًا ودافئًا، وصوتًا للمنطق وخدمة الفقراء».وعارض البابا «ليو الرابع عشر» سياسة الهجرة القاسية فى الولايات المتحدة، وندد فى منشورات له بإجراءات إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارة الناخبين الجدد، متسائلًا: «ألا ترون المعاناة؟ ألا يهز ضميركم ذلك؟»، وذلك تعليقًا على عمليات ترحيل مهاجرين قسريًا. كما أعاد نشر مقالات تنتقد تقليل أولوية المحبة والعطف على المهاجرين فى الخطاب السياسى.من جهة أخرى، يؤيد العمل المناخى، وحث مؤيديه على التوقيع على عريضة كاثوليكية لحماية البيئة ومكافحة تغير المناخ، مبرزًا الحرص على قضايا العولمة ما بعد «كورونا». وبوجه عام، من المتوقع أن يستمر فى نهج سلفه الداعم للمهاجرين وحماية البيئة تحت شعار التضامن العالمى.لم يصدر عن البابا «ليو الرابع عشر» أى بيان رسمى عن موقفه الشخصى من الإسلام. لكنه أبان منذ انتخابه عن توجه واضح نحو الحوار بين الأديان، وأول تحية له إلى المؤمنين كانت «السلام معكم»، مؤكدًا رسالة السلام والحوار والرسالة التبشيرية المشتركة.