الكنيسة الكاثوليكية تحي ذكري القديس باخوميوس الكبير أب الشركة الرهبانية

تحي الكنيسة الكاثوليكية ذكري القديس باخوميوس الكبير أب الشركة الرهبانية
ونستعرض أبرز المعلومات عنه وفقًا الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني
في أعماق صعيد مصر الأقصى، حيث تتشابك خيوط التاريخ القديم، وُلد باخوميوس حوالي العام 292 للميلاد، من أبوين وثنيين غرسا في قلبه معتقداتهم وتقاليدهم القبطية الوثنية.غير أن فطرة هذا الصبي اليافع كانت تنفر من صخب الاحتفالات الوثنية، وتنزع نحو الهدوء والوقار.
في العشرين من ربيع عمره، وجد باخوميوس نفسه جنديًا في جيش الإمبراطور الروماني مكسيميانوس. وعندما وصل المجندون إلى مدينة لاتوبوليس، استقبلهم مسيحيو المدينة بقلوب مفتوحة وأيدٍ سخية، مقدمين لهم كل أسباب الراحة والخدمة، بدافع حبهم العميق للمسيح.هذا المشهد النبيل ترك أثرًا عميقًا في نفس باخوميوس، فعندما علم أن هؤلاء المسيحيين يفعلون ذلك بدافع من محبتهم الفائضة، اقتداءً بمحبة المسيح إلههم، تولدت في داخله رغبة ملحة في التعرف على هذا الإله الذي يؤمنون به.وبخطى واثقة، انطلق باخوميوس إلى شينوبوسكيون المعروفة بقصر الصياد، وهناك سجل اسمه في قائمة الموعوظين، لتتم عمادته المقدسة، إيذانًا بميلاده الروحي الجديد.
بعد أن تطهر باخوميوس بماء المعمودية، صار شغله الشاغل أن يكون جنديًا حقيقيًا للرب. ولما سمع عن شيخ قديس يقيم في البرية بالقرب من القرية، يُدعى بلامون، سارع إليه وسأله أن يقبله تلميذًا. شرح له بلامون صعوبة الحياة الرهبانية، وما يعترض سالكها من تجارب قاسية، لكن هذه الكلمات لم تثنِ عزيمة باخوميوس، بل زادته إصرارًا على أن يكون راهبًا لينال رضى ربه.
في حدود العام 325 للميلاد، وبعد حوالي عشرين عامًا من تأسيس القديس أنطونيوس الكبير ديره الأول، بنى باخوميوس ببركة معلمه بلامون قلاية صغيرة في طبانسين على ضفاف النيل المبارك.وكان ذلك بعد أن استمع إلى كلام ملاك وتوجيهاته حول أصول الحياة الرهبانية، إثر ظهور سماوي حدث له وهو يصلي في موقع الخلاء الذي اعتاد التردد إليه بحثًا عن الخلوة والصفاء الروحي.
أول من قدم إلى باخوميوس واتبعه في طريقه الروحي كان أخاه الأكبر يوحنا، ثم تبعته أخته، التي أسس لها ديرًا في الاتجاه المقابل من النيل، ليضم حوالي ثلاثمائة راهبة. بينما في ديره، بلغ عدد الرهبان المجتمعين حوله المائة راهب.
عمل باخوميوس بجد على إرساء قواعد راسخة في حياة الترهب، لحفظ الرهبان وصيانتهم من التهاون وتجارب إبليس التي تعترض مسيرتهم الروحية.فصارت مطالعة الكتاب المقدس بتدبر، والسهر في الصلاة، والصوم النقي، وأعمال الرحمة، دربًا مشتركًا يسلكه جميع من يقطن الدير متعبدًا. وكان وقت الطعام مشتركًا، وكذلك وقت التناول من الأسرار المقدسة.
نموذج حياة رهبان باخوميوس الملائكي لفت الأنظار حولهم، فازداد عدد المتوحدين الذين يبتغون الحياة الرهبانية النقية.هذا ما دفع باخوميوس إلى بناء ستة أديرة أخرى في نواحي ديره. ومنذ العام 336 للميلاد، اختار الإقامة في دير بابو، الذي نما نموًا كبيرًا حتى قيل إن عدد رهبانه بلغ الألف والخمسمائة.
وبناءً على نصيحة الأسقف سرابيون، بنى باخوميوس كنيسة في القرية للرعاة الفقراء، وكان هو بنفسه يقرأ على الشعب كلمة الله بغيرة عجيبة، حتى بدا للسامعين كملاك في صورة إنسان. وقد هدى العديدين إلى طريق الحق، وقاوم بشجاعة تعاليم الآريوسيين المنحرفة.وقد زاره القديس أثناسيوس الكبير في طبانسين، معبرًا عن تقديره لجهوده الروحية.
منَّ الله على باخوميوس بنعمة إجتراح العجائب، فشفى المرضى والممسوسين، وتكلم بلغات لم يتعلمها، كما وهبه نعمة التمييز الروحي التي حارب بها كل تجارب إبليس المحتال. وأنعمه أيضًا بنعمة النبوءة، فكان يرى ما سيأتي.
في إحدى المرات، اجتاح مصر وباء فتاك حصد مائة من رهبانه الأبرار، فأبدى باخوميوس صبرًا عجيبًا وتسليمًا لإرادة الله. وقد رقد في الرب عن سبعة وخمسين عامًا، بعدما عاين في الأديرة التي أسسها حوالي سبعة آلاف راهب يسلكون طريق القداسة